إقتصاد

675 دولاراً… الحد الأدنى للأجر؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، شهدت البلاد حالة من الاستقرار السياسي الذي انعكس على العديد من الملفات المهمة، وفي مقدمها ملف الأجور في القطاعين العام والخاص. هذا الملف الذي ظل على الهامش لفترة طويلة في ظل الحكومة السابقة، أصبحت الآن الأضواء مسلّطة عليه مجدداً، بعد فترة من الجمود لم تشهد أيّ تحرك يذكر.

في العام 2024، كان قد اتخذ قرار بزيادة الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص ليصل إلى 18 مليون ليرة لبنانية (حوالي 200 دولار وفقاً لسعر الصرف في السوق السوداء)، وذلك بعد اجتماع لجنة المؤشر والهيئات الاقتصادية ونقابات المهن الحرة مع وزير العمل آنذاك مصطفى بيرم. ومع بداية العام 2025، عاد الحديث عن زيادة جديدة في الأجور بعد أن ترأس وزير العمل الجديد، محمد حيدر، اجتماعاً للجنة المؤشر لمناقشة مسألة الأجور وسبل معالجة الرواتب في القطاع الخاص.

في هذا السياق، تحدث نائب رئيس جمعية الصناعيين، زياد بكداش عبر الاعلام عن الاجتماعات الجارية مع وزير العمل، مشيراً إلى أن هناك توافقاً عاماً على صعوبة رفع الأجور في الوقت الحالي، إلا أن هناك أيضاً حاجة ملحة الى التعامل مع الوضع الاقتصادي المتدهور. ووفقاً لبكداش، الاجتماعات التي تُعقد تهدف إلى التوصل إلى حلول مشتركة ترضي جميع الأطراف، مع التركيز على تحسين الرواتب، وبدل النقل، والمنح المدرسية.

ويؤكد أنه على الرغم من التحديات التي تواجهها الشركات في بعض المناطق، خصوصاً في الجنوب والبقاع، بسبب تداعيات الحروب والأزمات المستمرة، إلا أن الحكومة الجديدة تبدو جادة في مواجهة هذه المشكلات بطريقة تضمن عدم الإضرار بالعمال أو أصحاب العمل، موضحاً أن الوزير حيدر يبدو مستعداً للقيام بدور محايد بين الجانبين، وهو ما يبعث الأمل في أن تكون هذه الحكومة على قدر المسؤولية.

الأسمر: اقتراحنا للحد الأدنى للأجور بين 675 و1100$

وفي حديث لموقع “لبنان الكبير”، أكد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أنّ اجتماعاً عُقد مؤخراً للجنة المؤشر بحضور وزير العمل، تمحور حول ضرورة تصحيح الحد الأدنى للأجور في ظل التدهور المعيشي والضغوط الاقتصادية التي يرزح تحتها المواطن اللبناني.

وقال: “حالياً، هناك نقاش مفتوح بيننا كاتحاد عمالي عام وبين الهيئات الاقتصادية، بحيث لكل طرف أرقامه ومقارباته الخاصة. نحن في الاتحاد نطرح أرقاماً مستندة إلى واقع ملموس نعيشه يومياً، ونأخذ في الاعتبار التغيرات الاقتصادية والانهيار المعيشي الحاصل”.

وأضاف الأسمر: “أرقامنا لا تُطرح بصورة نظرية، بل تنطلق من كلفة المعيشة الحقيقية، وهي تشمل كلفة السكن، السلة الغذائية، الأقساط المدرسية، الاتصالات، النقل، الطبابة والاستشفاء. من هذا المنطلق، نقترح أن يكون الحد الأدنى للأجور ما بين 675 دولاراً و1100 دولار شهرياً، بحسب المناطق، بين بيروت والمناطق الأخرى”.

وأوضح أن “هذا هو اقتراح الاتحاد العمالي العام حالياً، ولكننا في الوقت نفسه منفتحون على النقاش. صحيح أننا كنا قد تقدمنا سابقاً باقتراح لرفع الحد الأدنى إلى 550 دولاراً، ولكننا لم نقفل باب الحوار، بل نؤكد التمسك به كوسيلة للوصول إلى توافق يحمي العمال ويأخذ في الاعتبار أوضاع المؤسسات أيضاً”.

وعن تجاوب الهيئات الاقتصادية، أشار الأسمر إلى أنّ الاجتماعين اللذين عُقدا حتى الآن لم يظهرا حماسة كافية من بعض هذه الهيئات، قائلاً: “يبدو أنّهم ليسوا في وارد السير بالطرح بصورة جدّية بعد. ولكننا مستمرون في الاجتماعات، وسيُعقد لقاء إضافي في المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأسبوع المقبل، لمتابعة هذا الملف، لا سيما في ما يتعلّق بالمتممات الاجتماعية من منح مدرسية وتعويضات عائلية وغيرها”.

وشدد على “أننا نطالب بعدالة اجتماعية تحفظ كرامة العامل وتواكب الواقع الاقتصادي. النقاش مستمر، وأملنا أن يُتوَّج باتفاق يحاكي الحاجات ويؤسس لبيئة عمل أكثر استقراراً”.

عكوش: رفع الأجور قد يؤدي لزيادة التضخم

الخبير الاقتصادي عماد عكوش أشار عبر موقع “لبنان الكبير” إلى أن رفع الأجور يمكن أن يساهم في تحسين المعيشة وتقليص الفقر، لكنه في الوقت نفسه قد يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج بالنسبة الى أصحاب العمل، ما سينعكس بدوره على ارتفاع الأسعار ويزيد من الضغوط التضخمية.

وفي اقتصاد يعاني من الانكماش وعدم الاستقرار المالي، رأى عكوش أن رفع الأجور من دون إصلاحات موازية قد يؤدي إلى زيادة معدلات البطالة أو دفع بعض الشركات إلى الإغلاق، فضلاً عن تشجيع الكثير منها على عدم الالتزام بالقوانين الجديدة أو اللجوء إلى السوق غير الرسمي.

وشدد على ضرورة إيجاد توازن بين مطالب العمال وأرباب العمل من جهة، وبين الحفاظ على استقرار السوق من جهة أخرى. وفي هذا السياق، يبرز دور الحوار الاجتماعي بين النقابات وأصحاب العمل، بمساعدة الدولة كوسيط نزيه لتحقيق هذا التوازن. كما يطرح عكوش عدة حلول لتحقيق استقرار السوق، من بينها ربط زيادة الحد الأدنى للأجور بمؤشر غلاء المعيشة بناءً على البيانات الصادرة عن “الإحصاء المركزي”، وكذلك تقديم حوافز ضريبية للمؤسسات التي تلتزم بالقواعد الجديدة لرفع الأجور.

من ضمن الحلول الأخرى التي يقترحها عكوش، خفض الأعباء الضريبية على أصحاب الدخل المحدود وإنشاء شبكة أمان اجتماعي تشمل الرعاية الصحية شبه المجانية والتعليم شبه المجاني، إضافة إلى تشجيع برامج التدريب المهني لرفع القيمة المضافة للعامل.

واعتبر أن من الضروري تأمين شبكة الأمان الاجتماعي من خلال زيادة واردات الدولة عبر إصلاحات ضريبية شاملة، لا عبر زيادة الضرائب أو تحميل الأعباء على المكلفين الملتزمين، مشيراً إلى أهمية زيادة عدد المكلفين المسجلين في النظام الضريبي، خصوصاً من غير اللبنانيين، لزيادة الإيرادات. كما طالب بإصلاحات في الجمارك، منها المكننة الكاملة لعملية تحديد الأصناف الجمركية، ما سيرفع الإيرادات الجمركية بنسبة تصل إلى أكثر من 20%.

إضافة إلى ذلك، دعا عكوش إلى تعزيز الاستثمار المحلي والخارجي عبر الاستقرار النقدي والقانوني، ودعم القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة، لتقوية الاقتصاد الحقيقي بدلاً من الاعتماد على الخدمات والتحويلات فقط، لافتاً الى ضرورة ضبط السياسة النقدية لتفادي المزيد من تدهور قيمة الليرة اللبنانية، ما يؤدي إلى تآكل الأجور بصورة مستمرة.

وفي ما يتعلق بتحديد الرقم الدقيق للحد الأدنى للأجور، أوضح عكوش أنه يتطلب دراسة مفصلة لتكاليف المعيشة ومقدار الخدمات التي يمكن أن تقدمها الدولة لتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، معرباً عن اعتقاده أن ما يُطرَح اليوم من رفع للأجور لا يمكن أن يوفر حياة كريمة لعائلة مؤلفة من أربعة أفراد، حتى لو عُدنا إلى مستوى الأجور قبل الأزمة (حوالي 500 دولار أميركي)، وذلك بالنظر إلى الارتفاع الكبير في الأسعار في السوق اللبنانية.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا