الصحافة

ثلاثة أسباب وراء توتر "الحزب"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يمرّ «حزب الله» في حالة من التوتر السياسي الشديد والتي استعاد فيها لغة التخوين والتهديد و«قطع الأيدي» و«ما تجربونا» و«لا قوة تستطيع نزع السلاح» و«سلاحنا باق حتى ظهور المهدي»(…)، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي تَبَدَّل ليُبَدِّل «الحزب» في لغته ولهجته؟

يمكن التوقف عند ثلاثة أسباب أساسية تفسِّر الخلفية وراء خروج «حزب الله» عن طوره:

السبب الأول، الموقف الرسمي اللبناني: لا يفترض التقليل من أهمية إعلان رئيس الجمهورية جوزاف عون عن انطلاق البحث الثنائي بينه وبين «حزب الله» بهدف بسط سلطة الدولة واحتكارها وحدها السلاح، وهذا يعني إسقاط مطلب «الحزب» بوضع سلاحه على طاولة حوار عقيمة تُبقي السلاح مادة نقاش لا نزع، وهذا يعني أن الرئيس نقل النقاش حول سلاح «الحزب» من الإطار التمييعي إلى الإطار التنفيذي.

ولم يكن «الحزب» يحبِّذ أن يكشف رئيس الجمهورية بأنه وافق على تسليم سلاحه، وأنه بدأ البحث معه في مسار تسليمه، ومن الواضح أن ما كشفه الرئيس، وهو لا يختلق شيئاً طبعاً، إنما يتحدّث عن وقائع بموافقة «الحزب» نفسه، أوجد إرباكاً شديداً داخل بيئة «الحزب»، وهذا ما دفعه إلى إعادة التأكيد بان سلاحه باقٍ.

فالتصعيد المستجد موجّه ضد ما كشفه رئيس الجمهورية، وتقصّد «الحزب» أن يعلن بأن المقصود بكلامه التصعيدي هو «القوات اللبنانية» تجنباً للصدام مع الرئيس، وهذا غير صحيح كون مواقف «القوات» من سلاحه هي نفسها ولا جديد فيها، ولكنه لم يجد تبريراً لتصعيده سوى بتحميله لـ «القوات».

السبب الثاني، المفاوضات الأميركية - الإيرانية: لا يفترض التقليل أيضاً من أهمية هذه المفاوضات ومحوريتها، لأنه سيتقرّر بنتيجتها مصير النووي والدور والصواريخ الإيرانية، ومن مصلحة طهران أن تفاوض «على الحامي لا على البارد»، وقد طلبت من «الحزب» مواكبتها بمواقف تؤكد أن ذراعها في لبنان باقية من أجل أن تتمكّن من استخدامها كورقة تفاوض، والفارق كبير جداً بين أن تجلس طهران حول الطاولة ويكون حزبها تخلى عن خياره المسلّح وبدأ يفكِّك بنيته العسكرية، وبين جلوسها وبيدها ورقة سلاحه، وبالتالي يأتي التصعيد بالتزامن مع مفاوضات مصيرية للمحور الإيراني، ولن تتوانى طهران عن تحريك أوراقها، و«الحزب» هو مجرّد ورقة إيرانية.

السبب الثالث، شدّ العصب نتيجة وضع الحزب المفكّك: لا يجب مقاربة وضع «حزب الله» انطلاقاً من مظهره الخارجي، أي الـ «emballage»، لأن هذا «الحزب» يعاني من تشققات وخلافات داخلية واسعة وتساؤلات لدى بيئته لا إجابات مقنعة عليها، إذ لا يفترض التقليل من اغتيال أمينه العام الذي كان ضابط إيقاعه، ولا التقليل من اغتيال معظم قياداته العسكرية الأساسية التي كانت تشكل عموده الفقري، ولا التقليل من خسارة «الحزب» آلاف المقاتلين، ولا التقليل من حجم الدمار والتهجير وضغط بيئته، ولا التقليل من انقطاع جسر الإمداد العسكري مع طهران عبر سوريا والمالي عبر مطار بيروت، ولا التقليل من وجود سلطة سياسية تريد احتكار الدولة للسلاح، ولا التقليل من وضع أذرع إيران المتداعي في المنطقة واضطرار طهران للجلوس حول طاولة مفاوضات مع واشنطن لن تنقذ، مهما كانت نتيجتها، دور الأذرع الذي انتهى إلى غير رجعة (…).

انطلاقا من كلّ ما تقدّم وغيره، فإن «حزب الله» في ورطة كبرى وغير مسبوقة، ولم يعد باستطاعته إقناع بيئته بخطابه ليس فقط بفعل خسائره في الميدان وتوقيعه على اتفاق استسلام، إنما لأن المشهد برمته لم يعد لمصلحته بدءاً من إيران وصولاً إلى لبنان، وأصبحت هناك قناعة لدى هذه البيئة بان التمسُّك بالتموضع نفسه أصبح انتحاراً، وهذا ما يفسِّر توتر «الحزب» وتصعيده بهدف شدّ عصب بيئته ودفعها إلى ترحيل تساؤلاتها وتأجيلها، وذلك بحجة أن هناك مشروع غلبة ضدها وأن هناك من يريد كسرها، علماً أن المساواة ليست غلبة، ومن يريد الدولة يريد إنقاذها لا كسرها، فيما من يصر على الدويلة يصر على قتلها في غياب أي توازن أو قدرة للدفاع عن نفسها.

وعليه، فإن توتر «حزب الله» المستجد مرده لهذه الأسباب الثلاثة مجتمعة، فهو يردّ على رئيس الجمهورية الذي كان كشف منذ أسبوع عن بداية تفاوض تنفيذي لتسليم السلاح، ويواكب المفاوضات بين واشنطن وطهران بطلب من إيران، ويشد عصب بيئته خوفاً من انهيارات داخلية وانقسامات بدأت تطل برأسها.

شارل جبور-نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا