الصحافة

من يحمي حاكم مصرف لبنان من خطر الشركات المالية المخالفة؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يطلق العديد من المراقبين في لبنان على الشركات المالية التي تتحكم حالياً بقدرة كبيرة على الإقراض من دون وجه حق، ويمكن تسميتها بالقطاع المصرفي العامل في الظل (Shadow Credit Market)، هذا القطاع يتشكل من عدد من الشركات المالية التي تقوم حالياً بمخالفة القانون عبر تنفيذ عمليات اقراض من دون أن تكون لديها تراخيص للعمل المصرفي النظامي.

وهذا ما يدعو المراقبين لعملهم الى طرح السؤال التالي: من أين لكم هذا؟ بمعنى أنه كيف يمكنكم أن تقرضوا زبائن من دون أن تكونوا في الأصل مخوّلين استقبال ودائع؟ ومن هنا السؤال المُلح: من أين تأتون بالمال؟ وكيف تقدمون قروضاً بأموال لم يتم إيدعاها بشكل نظامي في مؤسساتكم التي هي في الأصل ممنوعة من العمل المصرفي؟ ووفق مقابلاتنا مع أكثر من 30 شركة خاصة فالتراخيص وفق القانون تتعلق بما يطلق عليه (CREDIT DIGITAL WALLET) التي تكون سقوفها ما دون 3500 ألف دولار أميركي للشخص. القروض التي تمنحها الشركات المالية غير الشرعية المعروفة في السوق اللبنانية تقدم بشكل احتيالي وكأنها قروض شخصية محدودة، تمنح بفوائد تتراوح بين 8 و 10 بالمئة.

شركة او ام تي  OMT

بالعودة الى السوق اللبنانية المرتبطة بالشركات المالية ضمن نطاق الـ (CASH ECONOMY) وتشير التقارير الى ان حجم القروض (LOAN BOOK) في عام 2022 كان يتراوح بين 200 و250 مليون دولار. اما اليوم بات حجم السوق السوداء للقروض التي كشفناها حوالي 1.5 مليار دولار أميركي.

في لبنان عدد من الشركات التي تعمل بالكاش. اكبرها تلك التي تمتلك أكبر محفظة للقروض وهي (OMT) التي تعمل في مجال الإقراض غير القانوني بمعدل يتراوح بين 500 و750 مليون دولار أميركي وذلك على ذمة محادثاتنا مع عدد من مدراء الشركات الذين تحدثنا إليهم.

والجدير بالذكر ان الشركة وغيرها وسعت من أعمالها بعد سقوط النظام في دمشق، وتدفقت أموال كاش عبر جماعة النظام. ولأن هؤلاء لم يتمكنوا من إخراج الأموال من لبنان وسوريا عبر المطارات فقد أبقوها في لبنان بين ايدي شركات مالية مثل OMT وغيرها لكي يتم تشغيلها وإعادة تدويرها بتنظيفها.

ثمة معلومات بحوزتنا تشير الى ان مفاوضات جدية تجري منذ 6 أشهر بين  OMT وصاحب "بنك لبنان والمهجر" سعد الازهري لبيعه حصة ورثة المرحوم توفيق معوض البالغة 33 بالمئة. لكن المفاوضات متعثرة لغاية الآن نظراً للتباين الكبير بين تقدير OMT لقيمة الشركة ب 1.1 مليار دولار أميركي، وتقدير السيد سعد الازهري الذي لا يتجاوز 500 مليون دولار أميركي. واللافت ان الشركة حققت سنة 2023 أرباحاً صافية بلغت 178 مليون دولار، كما حققت سنة 2024 أرباحاً وصلت إلى 197 ميلون دولار أميركي.

تجدر الإشارة إلى ان شركة (OMT ) منحت شركة (E- COMMERCE )، التي تمتلك مكاتب في كل من لبنان ودول الخليج، قروضاً بلغت 1.5 مليون دولار أميركي لتمويل فرعها في لبنان.

في هذه الاثناء وردت معلومات أفادت بأنه بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، هرب العديد من رموزه الى لبنان حاملين معهم حقائب مليئة بالكاش. ومنذ ذلك الحين، يجري ضخها في السوق من قبل السيد سعد الازهري ومصرفه عبر شركة OMT. هذه الأموال غير مشروعة وتخضع لتدابير الـ OFAC باعتبار ان أصحابها مقربون من النظام السابق الواقع تحت العقوبات. وما يحصل في لبنان هو محاولة لتبييض أموال كل الواقعين تحت نظام العقوبات الأميركية. وهذا ما يفسر تنامي الحركة التجارية في البلاد رغم الأزمة.

والجدير بالذكر ان السيد البير كوستانيان وهو من قيادات جمعية "كلنا إرادة" البارزين عمل في شركة OMT بصفة مستشار استراتيجي! مما يدفع الى طرح السؤال: أين "الإرادة" من "الكاش"؟!

شركة "ويش" (WISH)

هي شركة يملكها السيد توفيق كوسا وهو سوري الأصل وتم تجنيسه في عهد الرئيس الأسبق اميل لحود. لدى الشركة محفظة قروض كبيرة، علما انه يمنع عليها أيضاً أن تستقبل ودائع. رخصتها تتعلق بتسويق "محافظ رقمية" (DIGITAL WALLET). هذه الشركة المالية برزت من خلال قيامها بعمليات اقراض واسعة ومن "تحت الطاولة" لشركات عاملة في السوق اللبنانية. وثمة معلومات تشير الى ان السيد مازن طباع السوري الجنسية ويخضع لعقوبات أميركية منذ 2011، لجأ الى لبنان واقام شراكة غير واضحة رسمياً مع السيد توفيق كوسا جلب بموجبها أمواله الكاش من سوريا لكي يتم تشغيلها في لبنان. ومازن الطباع هو اساساً شريك إيهاب مخلوف ونزار الأسد في سوريا، كما انه يشارك رامي مخلوف ابن خالة بشار الأسد في شركة "الديار" للصيرفة. وهي كانت متخصصة بأعمال الصيرفة لحساب البنك المركزي السوري الواقع تحت العقوبات.

من اللافت ان شركة "ويش" التي يفترض ان تعمل في حقل المحافظ الرقمية بسقف أقصاه مبلغ 3500 دولار أميركي، تسهم من خلال التعامل مع مدفوعات الرواتب لمساعدة الشركات بالتهرب الضريبي لأنها تعمل بكثرة من خارج القيود الرسمية المصرح عنها. فعلى سبيل المثال، إذا بلغ راتب الموظف 5000 دولار أميركي فإن شركة "ويش" تسجل في المحفظة الرقمية (CREDIT WALLET ) مبلغ 3000 دولار، وبالتوازي تقوم بإصدار "بطاقة هدية" GIFT CARD بمبلغ 2000 دولار من خارج القيود المصرح عنها، مما يعتبر انه تهرب ضريبي.

وقد علمنا من خلال استقصاءاتنا، أن هيئة الرقابة على المصارف قامت بتدقيق على سوق المحافظ الرقمية فتبين ان شركة "ويش" تجاوزت السقوف المحددة بـ 3500 دولار أميركي وبعضها وصل إلى حدود 10000دولار أميركي ولم تتخذ إجراءات بحقها. وهذا بالذات ما يقلقنا، مع "الإصلاحات" الجديدة المطروحة يخطط لها ان تمنح هيئة لرقابة على المصارف صلاحيات إضافية في وقت يتضح انها لا تقوم حاليا بعملها كما يفترض.

ومن المهم ان نعرف ان شركة (WISH ) تشكل منصة لتسديد رسوم ومدفوعات للدولة، وبالتالي فإنها تستحصل على مبالغ ضخمة بالليرة اللبنانية تبلغ ما يقارب 20800 مليار ليرة لبنانية شهرياً، وسمحت لها وزارة المال ان تسددها مرة في الشهر، مما مكنها ان تستحوذ على كميات كبيرة من الليرة اللبنانية، فخلال الشهر تقوم بإقراض مصارف تحتاج إلى الليرة اللبنانية بفوائد مجزية. معنى هذا أنها تستخدم الأموال العامة المكدسة لديها وكأنها أموال خاصة. هذا التصرف غير قانوني، ويفتقر إلى آداب العمل، وان كان يدل على شيء فهو يدل على ان وزارة المال تمنح هذا النوع من الشركات عقوداً تخوّلها ان تقوم بعمل الحكومات الإلكترونية ( E- GOVERNMENT ). كما وتدل على ان وزارة المال تقوم بمساعدة الشركات المالية على النمو على حساب القطاع المصرفي. والاستنتاج ان هذه السلوكيات تعكس وجود تحالف سياسي بين الوزارة او الجهة التي تديرها والشركات المالية!

الكاش السوري يحل مكان الكاش الإيراني

اننا نعتقد ان سوق القروض السوداء في لبنان باتت تستخدم بغالبية اعمالها أموال كاش سورية خاصة بجماعة النظام السابق. وفي هذه المرحلة تراجع حجم التدفقات المالية الكاش من إيران. وثمة تقارير اميركية تشير إلى ان حجم التدفقات بالكاش السوري على السوق اللبنانية يصل إلى 5 مليار دولار أميركي.

في الخلاصة:

ان السوق السوداء للقروض تقوم بغالبيتها على أموال الكاش المشبوهة بارتباطها بالسلاح والمخدرات والتجارات الممنوعة على اختلافها. وهي غير نظامية وغير مصرح عنها للسلطات الرسمية. ولغاية اليوم ليست لدى الحكومة اللبنانية من خطط لمواجهة هذه الآفة.

المشكلة انه إذا حاول حاكم المصرف المركزي الجديد القيام بواجبه في التصدي لها واتخاذ إجراءات بحقها او إقفالها، فإنه يفتقر الى من يؤمن له الحماية الأمنية. فالشركات المذكورة وغيرها من غير المذكورة، تمتلك شبكات نفوذ ضخمة. وهي قادرة على شراء على شراء الولاءات في مختلف المجالات من الاعلام، الى القضاء، فالأمن. أي انها قادرة على استمالة الدولة العميقة لحمايتها.

والسؤال المطروح: هل من حلول تفكر بها الحكومة الحالية ولاسيما الوزراء المختصين من النافذين حولهم؟ وما هي أدوات الدعم الذي سيقدم لحاكم المصرف المركزي الجديد، بدءاً من الحماية إذا ما أطلق عملية مكافحة واسعة لهذه الشركات غير القانونية؟ فعلى العكس من المصارف التي تقدم تقارير للسلطات المختصة عن محفظة القروض التي يقدمونها، فإن هذه الشركات تعمل من خارج رقابة السلطات المختصة والقانون كما يضع المحافظ الرقمية التي يتعامل بها الأشخاص الطبيعيون بخطر شديد نظرا لعدم وجود قيود نظامية.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا