كاد أن يصبح وزير دفاع سوريا... إسرائيل تسعى لاستعادة رفات أشهر جواسيسها
جديد ملف تفجير مرفأ بيروت.. بماذا تبتزّ موزمبيق لبنان؟
فتحت مجلة "لوبوان" الفرنسية ملف انفجار مرفأ بيروت من خلال الكشف عن وثائق جديدة قد تغير مجرى القضية المعقدة. وأظهر تحقيقها أن موزمبيق لديها معلومات جديدة تحاول ابتزاز لبنان بها.
وفيما وقع الانفجار المدمر في خضم تفشي جائحة كورونا، وتفاقم أزمة مالية غير مسبوقة، ناهيك عن الفساد المستشري الذي يقوض المؤسسات، قد يكون الفساد في قلب الانفجار أيضاً، ولكن هذه المرة بين لبنان وموزمبيق.
وكانت الشحنة التي وصلت من جورجيا عام 2013 متجهة رسمياً إلى موزمبيق. ولم يقتصر الأمر على عدم تحريك مابوتو ساكناً لاستعادة الشحنة خلال السنوات السبع التي سبقت الانفجار، بل رفضت أيضاً كل طلبات المساعدة القانونية المتبادلة التي قدمها لبنان.
والعام الماضي، غيرت موزمبيق موقفها أخيراً وعرضت التعاون لكن في ظروف محيرة. فهي تطالب أن يسلمها لبنان مواطناً لبنانياً مقابل تقديم أي معلومات.
وألقى القضاء اللبناني جزئياً الضوء على كيفية وصول نترات الأمونيوم إلى بيروت. فعام 2013، شحنت سفينة "روسوس"، التي تحمل العلم المولدوفي، 2750 طناً من الأمونيوم في أكياس تزن كل منها ألف كيلوغرام.
وأظهر موقع "jeunesmarine.fr" أن السفينة حظرت 8 مرات في موانئ مختلفة بين عامي 2008 و2013، وأظهر فحصها عيوباً خطيرة فيها.
وكان وضع السفينة القانوني معقداً، حتى وفقاً لمعايير النقل البحري. فهي مملوكة لرجل الأعمال القبرصي شارالامبوس مانولي، وهو يؤجرها للأوليغارشي الروسي إيغور غريتشوشكين، الذي فوض بدوره شركة "سافارو" التجارية بتجارة البضائع الخطرة.
أما المشتري الرسمي، وهو المتلقي النهائي لنترات الأمونيوم، فهو مصنع موزمبيق للمتفجرات. وبالتالي، ليست بيروت وجهة الشحنة بل بيرا، وهو مرفأ يقع على المحيط الهندي، على بعد 700 كيلومتر شمال مابوتو. لكن السفينة لم تصل إلى هذا المكان، فهل كان حقاً وجهتها؟
وفي نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، وصلت السفينة إلى بيروت، حيث كان عليها أن تشحن أجهزة رصد الزلازل. لكن سلطات المرفأ اعتبرت السفينة غير صالحة للابحار، ولاحظت أنها انطلقت قبل 5 أشهر من التاريخ المحدد في حزيران (يونيو) 2013.
وليزداد الوضع سوءاً، تضررت السفينة أثناء تحميل شحنتها الإضافية. ورأى عضو مجلس إدارة منظمة "Accountability Now" وليد سنو أن السفينة لم تكن مناسبة لنقل هذا النوع من الأجهزة. وبدأت المنظمة إجراءات قانونية في الولايات المتحدة، تهدف إلى توضيح جوانب معينة من الكارثة. وجادل سنو بأن المهمة الموكلة إلى الروس في بيروت كانت ذريعة، لذا أفرغ 2750 طناً من نترات الأمونيوم، بموجب قرار إداري، في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013.
تلاشي التحقيق
بقي الغموض يكتنف بقية القصة. وقدر مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي أي) في كانون الثاني (يناير) عام 2021 المخزون المتبقي لحظة الانفجار بحوالي 500 طن. فماذا حدث بباقي الكمية؟ أظهرت المعلومات أن مصنع المتفجرات في موزمبيق لم يحاول استعادة نترات الأمونيوم بين عامي 2013 و2020، ما سبب ذلك؟
رأى المحامي اللبناني أكرم عازوري، وكيل عدد من الضحايا أن الشحنة لم يكن من المفترض أن تصل إلى موزمبيق، مشيراً إلى أن "سافارو" كانت شركة وهمية، تقدم أصحابها بطلب تصفية مباشرة بعد الانفجار، وتمت هيكلة هذا الترتيب القانوني لاخفاء المستفيد الحقيقي.
وندد عازوري بتعليق التحقيق اللبناني، وارتكازه على التسويف الإداري والفشل الذي أدى إلى الانفجار.
الحرب السورية تراود أذهان كثيرين
واختفت ثلاثة أرباع شحنة المتفجرات بدون أن يقلق مالكها، وحدث ذلك على بعد ساعة ونصف ساعة من سوريا التي مزقتها الحرب. وفي لبنان، يدور في ذهن مراقبي القضية السيناريو الذي يتمثل بأن نترات الأمونيوم سرعان ما نقل إلى سوريا، حيث كان هذا المنتج مطلوباً إلى حد بعيد في صناعة العبوات الناسفة.
وفي تقرير صدر عام 2017، أشار الفريق الاستشاري لإدارة الذخيرة التابع لمركز جنيف الدولي لإزالة الألغام للأغراض الإنسانية، إلى أن تنظيم "داعش" يستخدم حصرياً متفجرات محلية الصنع، مثل نترات الأمونيوم واليوريا، ممزوجة بمواد أخرى.
وحللت المنظمة غير الحكومية لأبحاث تسليح النزاعات صادرات تركيا من نترات الأمونيوم إلى سوريا في إطار تحقيق في أسلحة "داعش". وبين عامي 2013 و2014، ارتفع المعدل من أقل من 2 مليون طن إلى حوالي 10 ملايين. وتتبعت المنظمة المتفجرات والأسلاك التي تم ضبطها في كوباني عام 2015، وكشفت شراءها عام 2012 من بيروت.
شركة وهمية
وشدد خبير لبناني أن هذا السيناريو لا يعني أن التنظيم هو الذي خطط لوصول السفينة إلى بيروت، ولا حتى أنه كان سيصبح المشتري الوحيد.
والواقع أن المصنع الموزمبيقي مملوك بنسبة 95 في المئة لرجل الأعمال البرتغالي أنطونيو مورا فييرا. وعملياً، يعد الجيش الموزمبيقي أحد عملائه الرئيسيين وله اتصالات متعددة مع القادة الحاليين. وأنشأ المدير الحالي للمصنع نونو فييرا شركة تسويق عام 2012 بالشراكة مع نجل رئيس الموزمبيق.
وفي نيسان (أبريل) 2022، اعتقل أحد موظفيها السابقين في اسبانيا، بناء على طلب السلطات اللبنانية. والواقع أن خورخي موريرا، الذي ترك الشركة عام 2016، هو الرجل الذي يُزعم أنه طلب شراء نترات الأمونيوم من شركة جورجية عبر "سافارو".
وسألت "لوبوان" حكومة الموزمبيق ما إذا كانت طلبات المساعدة القانونية التي قدمها لبنان في مناسبات عدة حبراً على ورق بسبب ارتباط القضية بشخصيات مقربة من السلطة، لكنها لم تحصل على إجابة.
ورأى المحامي الموزمبيقي ألكسندر شيفال أن السلطات الموزمبيقية لا يمكنها أن تتجاهل من هو المتلقي الحقيقي لنترات الأمونيوم. وأصر المدافع عن الرئيس السابق أرماندو غويبوزا على مسؤولية فيليب نيوسي، الذي كان وزيراً للدفاع بين عامي 2008 و2014.
وفي آب (أغسطس) 2020، كان الصمت الموزمبيقي ساحقاً، عندما اتهم اتحاد الصحافيين الاستقصائيين صراحةً المصنع بتزويد الإرهابيين بالمتفجرات.
صفقة غريبة
واستجابت مابوتو أخيراً للمطالب اللبنانية عام 2021، لكن بشكل مدهش. وأعلنت الدولة عن استعدادها للتعاون في التحقيق إن وافق لبنان على تسليمها مواطناً لبنانياً.
وتشير معلومات المجلة إلى أن هذا المواطن هو عضو في طاقم مجموعة البناء البحري "Privinvest"، برئاسة رجل الأعمال الفرنسي اللبناني اسكندر صفا، الذي رفض التعليق على الأمر. والمدهش أن هذه المجموعة الصناعية لا ترتبط بملف المرفأ بأي شكل. لكن نزاعاً اندلع مع حكومة الموزمبيق، على خلفية عقود موقعة عام 2013 لتوريد سفن وأنظمة مراقبة بحرية بإجمالي 2 مليار دولار.
واقترضت موزمبيق المبلغ بهدف تأمين منطقتها البحرية الخالصة، حيث كانت اكتشفت رواسب ضخمة من الغاز للتو. ومنذ عام 2014، أثرت أزمة المواد الخام على الموارد المالية للبلاد وتأخر إنشاء البنية التحتية للغاز، كما زعزعت الميليشيات الإسلامية استقرار شمال البلاد. وعام 2014، حدث تغيير سياسي، إذ نأى الرئيس الجديد فيليبي نيوسي بنفسه عن سلفه أرماندو غويبوزا، متهماً إياه بأنه مدين للبلاد بمبلغ طائل.
وفي برقية وجهت في 22 كانون الثاني (يناير) 2021، صنفت على أنها "عاجلة وفي غاية الأهمية"، أوضح السفير اللبناني في بريتوريا الوضع لوزارة الخارجية اللبنانية، معلناً أن المدعية العامة لموزمبيق بياتريس بوتشيلي، غير ممتنة لأن "الجانب اللبناني لم يتجاوب إيجابياً في مجال المساعدة القضائية المتبادلة".
واقترحت بوشيلي عقد اجتماع افتراضي "بهدف إنشاء مساعدة قانونية متبادلة بشأن التحقيقات الجارية و"الكثير من حالات الفساد والرشى" التي نشأت في سياق عمليات شراء السفن وأعمال الصيانة في ميناء مابوتو، وهي عمليات يشارك فيها المواطن اللبناني إسكندر صفا.
وظهرت هذه المقايضة مجدداً في رسالة من محكمة النقض اللبنانية بتاريخ 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021.
والواقع أن الطلب الموزمبيقي غير معتاد إلى حد بعيد من حيث القانون الدولي. ولا يسلم لبنان رعاياه وفق مبدأ أساسي، وهو عدم تسليم مواطن من قبل حكومته.
وللقيام بذلك، لا بد من وجود ملف جاد، يستند على تهم خطيرة ومثبتة. مع ذلك، يبقي سبب لوم السلطة التنفيذية اللبنانية غير واضح.
وفي شباط (فبراير) 2022، رفضت منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) طلب موزمبيق بالحفاظ على النشرة الحمراء تجاه الشخص المعني. وكانت الأسباب المقدمة غامضة إلى حد بعيد.
وبعيداً عن الفرار من العدالة، رفعت مجموعة "Privinvest" شكوى ضد دولة موزمبيق في لندن وأمام محكمة في بيروت، من أجل الحصول على تعويض عن أضرارها التجارية.
المصدر- "النهار العربي"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|