الصحافة

باحث روسي يعرض "خَيَالاً أميركياً" يحاكي أفكار توم برّاك: تقاعد مالي للمقاومين وشراء الأسلحة وإعمار مناطق نفوذ حزب الله

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

على هامش زياراته المتكررة إلى لبنان، كان المبعوث الأميركي توم برّاك، يتحدّث عن «علاج اقتصادي» لحزب الله وسلاحه. وهو أقرّ بأن عملية نزع السلاح بالقوة ليست مضمونة وليس هناك يقين بأن في لبنان من يريد ذلك. وبرغم أن برّاك نفسه، يكرّر على مسامع لبنانيين كثر، بأن واشنطن ليست في وارد الضغط على إسرائيل، فهو لا يكثر من الحديث عن احتمال عودة إسرائيل إلى الحرب.

وسبق له أن نقل عن مسؤولين إسرائيليين كبار، بأنهم لا يرون في لبنان اليوم، مركز الخطر الأول عليهم، وأنهم عندما يتحدّثون عن حزب الله، يقولون إنه بات ضعيفاً جداً. لكنّ برّاك، لا ينسى أن يقول، إن الإسرائيليين يعتقدون بأن محاولة حزب الله إعادة ترميم صفوفه، تمثّل تحدياً، ولذلك، يقول برّاك، إن على لبنان الدخول في برنامج لمعالجة مسألة سلاح حزب الله، حتى لا تعود إسرائيل إلى الحرب من جديد.

برّاك زار تل أبيب قبل فترة، ومع أن الخبر لم يُعلن، إلا أنه اجتمع مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لوقت غير قصير. وقال إنه أبلغه بضرورة مساعدة السلطة في لبنان من خلال التوقف عن عمليات القصف والاغتيال وأن يبادر إلى إطلاق سراح أسرى لبنانيين وإخلاء مناطق احتلّها جيش الاحتلال بعد الحرب الأخيرة. لكنّ برّاك لم يتحدّث عن أجوبة نتنياهو، وإن كانت الأنباء التي حملها مع الوفد النيابي الذي جاء إلى بيروت في زيارته الأخيرة، قد أوضحت بأن إسرائيل ليست في وارد تقديم أي تنازل.

الجديد في آخر رحلة لبرّاك، أنه فصل في الحديث عن مشروع علاج اقتصادي لمسألة حزب الله. وتحدّث عن ضرورة إيجاد بديل للناس الذين يستفيدون من الحزب، سواء كانوا مقاتلين أو عاملين في مؤسسات مدنية. وأن طرح برنامج إعمار وإنماء كبير في الجنوب والبقاع، من شأنه المساعدة على إقناع عناصر حزب الله وجمهوره بالابتعاد عنه. وأن يترافق ذلك مع إطلاق ورشة الإعمار. وقد سرت أنباء كثيرة عن استعداد الولايات المتحدة لإقناع السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، بإنفاق مبالغ مالية كبيرة، إن اقتنع حزب الله بالتوقف عن القتال. ووافق على برنامج زمني لحل تشكيلاته العسكرية والأمنية، وتسليم أسلحته للجيش اللبناني.

وسط هذه المناخات التي لم تتطور إلى برامج عمل محددة، علمت «الأخبار» من مصدر إعلامي، أن باحثاً روسياً، يملك وثيقة سرية، يقول إنها صادرة عن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، وإنها تشتمل على خطة عمل ضمن برنامج يُطلق عليه اسم «Guardian’s Resolve»، «إرادة الحارس»، وإنه يخصّ خطط العمل الأميركية لـ«إنقاذ لبنان».

الباحث الروسي هو الدكتور دينيس كوركودينوف، ويشغل منصب المدير التنفيذي للمركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي(DIIPETES)، ويُعتبر من الباحثين المتخصّصين في قضايا الأمن الدولي. وقال لـ«الأخبار» إن مركزه حصل في الأسابيع الأخيرة، وعبر قنواته الخاصة على وثيقة مصنّفة «سرّيّ للغاية» من مجموعة وثائق عسكرية واستخباراتية تتعلق بخطة مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بعنوان «Guardian’s Resolve»، تستهدف نزع سلاح حزب الله وإعادة تشكيل البيئة الأمنية والسياسية في لبنان. وبحسب الباحث الروسي فإن الوثيقة، تكشف تفاصيل الأبعاد القانونية والعسكرية والمالية والإعلامية للعملية.

وعن محتوى الوثيقة يقول كوركودينوف: «إن الأقسام 3.1 من الوثيقة تقدّم الأساس القانوني للعملية، حيث تدمج بين ثلاثة مستويات: أولاً، مواد من القانون الأميركي (U.S. Code Title 10 § 113b) المتعلقة بسلطات العمليات الخاصة. ثانياً، قرارا مجلس الأمن 1559 و1701، اللذان يدعوان إلى نزع سلاح جميع الميليشيات اللبنانية من دون استثناء. ثالثاً، توجيه رئاسي داخلي هو NSPM-45 بشأن «التصدي للأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار».

لكننا في المركز نرى ثغرات واضحة: فقرارا مجلس الأمن لا يعطيان تفويضاً صريحاً باستخدام القوة من قبل تحالف دولي، والاعتماد على توجيه رئاسي داخلي لا يمكن أن يحل مكان تفويض أممي تحت الفصل السابع. حتى الإشارة إلى طلب رسمي من الحكومة اللبنانية أو توقيع اتفاقية «وضع القوات» (SOFA) تبدو أقرب إلى غطاء شكلي، خاصة في ظل غياب حكومة قادرة فعلياً على اتخاذ قرار كهذا».

ويضيف كوركودينوف: إنه يوجد «في الأقسام 4.2 و5.3، تفاصيل غير مسبوقة عن حجم الانتشار. والخطة تتحدّث عن تشكيل قوة مهام مشتركة باسم «Levant» تضم وحدات دلتا فورس ونيفي سيلز، مدعومة بـ12 طائرة مُسيّرة من طراز MQ-9 Reaper متمركزة في قاعدة «أندرياس باباندريو» في قبرص، و6 مقاتلات F-35A من على متن حاملة الطائرات «جيرالد فورد» في المتوسط».

  • صورة عن الصفحة الأولى من الوثيقة التي قال الباحث الروسي إنه حصل عليها، ويشير إلى أنها صادرة عن وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون)، وهي صفحة من أصل ملف كامل لم يفرج الباحث عن كلّ صفحاته
    صورة عن الصفحة الأولى من الوثيقة التي قال الباحث الروسي إنه حصل عليها، ويشير إلى أنها صادرة عن وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون)، وهي صفحة من أصل ملف كامل لم يفرج الباحث عن كلّ صفحاته

كما تنص على «إنشاء خمسة مراكز لجمع الأسلحة في الجنوب والبقاع قبل 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، في مرجعيون، بنت جبيل، حاصبيا، النبطية وبعلبك، بإشراف مشترك بين الجيش اللبناني وقوات العمليات الخاصة الأميركية. على أن تتضمن المرحلة النشطة 3–4 عمليات أسبوعية ضد مخازن سلاح ومراكز قيادة. لكنّ كثافة المناطق السكنية ستجعل أي عملية عرضة لـ»أضرار جانبية» جسيمة».

وبحسب كوركودينوف فإن الخطة تشتمل على «ميزانية مذهلة فعلاً، حيث تُخصّص 14.2 مليار دولار لتنفيذها، بينها 2.5 مليار من وزارة الدفاع الأميركية لتمويل العمليات الخارجية في موازنة 2026، و1.2 مليار لإعادة تجهيز الجيش اللبناني، و500 مليون لبرنامج «الدرع الذهبي» الخاص بإعادة دمج المقاتلين، و10 مليارات لصندوق إعادة إعمار الجنوب بإدارة البنك الدولي».

اللافت أن 70% من المبلغ مخصّص للمساعدات الاقتصادية والإنسانية، في مقابل 17% فقط للاحتياجات العسكرية المباشرة. هذا يعكس تحوّلاً استراتيجياً من الحلول العسكرية الصرفة إلى محاولة معالجة الجذور الاجتماعية-الاقتصادية.

ويقول كوركودينوف إن الخطة «تسعى لتعزيز قدرات الجيش اللبناني على المدى الطويل، وقطع قنوات التمويل والدعم اللوجستي من إيران. كما تنص على إنشاء «منطقة اقتصادية خاصة» في جنوب لبنان مع حوافز ضريبية وتسهيلات إدارية. وإن الفكرة هي ضرب قاعدة الحزب الاجتماعية عبر بدائل اقتصادية.

لكننا نرى أن ذلك قد يخلق «كانتونات اقتصادية» خارج سلطة الدولة»، مشيراً إلى أن «هناك قسماً كاملاً حول «الحرب المعلوماتية»، رُصد له في البداية 85 مليون دولار، مع إمكانية الزيادة إلى 150 مليوناً بحلول نهاية 2025. والهدف هو التشهير بقيادة الحزب عبر إذاعة جديدة باسم «صوت لبنان الجديد» وحملات مركّزة على وسائل التواصل. كما ينص على دعم صحافيين ومدوّنين موالين للحكومة لبناء رواية إيجابية عن نزع السلاح. لكن هذا عملياً تدخّل مباشر في الرأي العام وتلاعب بالخطاب الإعلامي».

وبحسب الباحث الروسي فإن «استخدام الهجمات السيبرانية لتعطيل أنظمة الحزب المالية والاتصالاتية من دون موافقة الحكومة اللبنانية يشكّل خرقاً لمبدأ السيادة. كما أن غموض صياغة «الضربات الدقيقة» لا يقدّم ضمانات كافية لاحترام مبدأ التناسب والتمييز المنصوص عليهما في القانون الدولي الإنساني».

ويؤكد على أن الوثيقة تنص «على تنسيق وثيق مع إسرائيل يشمل انسحاباً تدريجياً لقواتها من الجنوب مقابل ضمانات أمنية. لكنها في الوقت نفسه تفتح الباب لتغيير جذري في موازين القوى الإقليمية، وقد تثير ردود فعل من إيران وسوريا. الوثيقة تتحدّث عن قنوات اتصال مباشرة مع موسكو لاحتواء إيران، ما يعكس إدراك واشنطن لدور روسيا. ومع ذلك، يبقى خطر الانزلاق إلى مواجهة إقليمية شاملة قائماً، خصوصاً مع امتلاك الحزب لترسانة صاروخية واسعة».

أمّا بشأن برنامج «الدرع الذهبي»، فيقول كوركودينوف إنه «برنامج لإعادة دمج المقاتلين، يشمل دفع 20 ألف دولار عن كل سلاح ثقيل، و5 آلاف عن كل سلاح فردي، بالإضافة إلى مِنح لبدء مشاريع صغيرة تصل إلى 30 ألف دولار ورواتب شهرية بـ500 دولار لمدة سنتين، ما يسهم هذا في تقليص السلاح».

أمّا بشأن الجدول الزمني المُقترح، فيقول كوركودينوف: «إن الجدول ضيق جداً، لأن العمليات الرئيسية يجب أن تُنجز في نهاية 2025، وتثبيت النتائج بحلول نيسان/أبريل 2026. وهذا يعكس رغبة الإدارة الأميركية في إنجاز ملموس قبل نهاية ولايتها. لكننا نرى أن التسرّع قد يفتح الباب لقرارات مرتجلة، مع نتائج غير محسوبة على الاستقرار الإقليمي، خصوصاً أن المرحلة القتالية تتزامن مع أزمات أخرى، منها احتمال تصعيد فلسطيني-إسرائيلي».
وقد أبرز الباحث الروسي لمراسلنا في لندن، ما قاله بأنه أوراق من الوثيقة. ولم يكن بإمكان «الأخبار» التثبّت من صحتها أو دقّتها.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا