الصحافة

ألقوا القبض على الوجه الأمني المظلم لـ "حزب الله"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

وفيق صفا، منسق «وحدة الارتباط والتنسيق» في «حزب الله»، لم يكن يومًا مجرد قناة للتواصل بين «الحزب» والدولة. بل تحول إلى «واجهة التهديد» التي تستحضرها كل أزمة، ليذكر اللبنانيين بأن الدولة ليست سوى ظل لسلاح «الحزب» وسطوته.

في شباط 2025، كانت بيروت تعيش على وقع تظاهرات احتجاجية بسبب منع السلطات طائرة إيرانية من الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي. أثناء هذه التوترات خرج وفيق صفا ملوّحًا بأنه قادر على إغلاق طريق المطار، ما أعاد إلى الأذهان مشاهد السابع من أيار 2008. كان تهديد صفا بمثابة رسالة للداخل بأن «الحزب» لا يزال يمتلك القدرة على تهديد الدولة، وأن المطار ورقة ابتزاز سياسي.

في أيلول 2025، سجل سقوط الدولة من على صخرة الروشة. تحدى «حزب الله» قرار منع إضاءة الصخرة، وأمام الحشود، ظهر وفيق صفا وقال: «جايين نضويها». يشير الموقف ذاته إلى أن الوقفة كانت اختبارًا لعلاقة «حزب الله» بالقوى الأمنية، إذ إن التنسيق بينهما بلغ مستوى عاليًا، وأن الأجهزة لم تكن في وارد منع الإضاءة. هذا التحدي العلني للدولة عزّز الانطباع بأن صفا يستخدم الملفات الرمزية كوسيلة لبعث رسائل سياسية داخل «الحزب» وخارجه.

تاريخ من العقوبات والتهريب وتهديد القضاء

لا يتوقف صفا عند هذا الحد. في تموز 2019، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على ثلاثة مسؤولين في «حزب الله»، بينهم وفيق صفا. وأشار البيان الرسمي للوزارة إلى أن صفا يعمل بوصفه قناة لـ «الحزب» مع أجهزة الأمن اللبنانية، وأنه استغل الموانئ والمعابر الحدودية لتهريب بضائع غير مشروعة. وذكر البيان أيضًا أن «الحزب» كان يوجّه بعض الشحنات، بما فيها المخدرات والأسلحة، عبر صفا لتجنب التدقيق، وأن هناك اتهامات له في داخل «الحزب» عام 2010 بالفساد والتهريب لكنه استمر في موقعه.

تشير دراسات أخرى إلى الدور المحوري الذي يلعبه صفا داخل الدولة. ويؤكد تقرير لـ «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» أن صفا يعتبر رجل المهمات لدى الأمين العام لـ «الحزب» وأن معظم القوى السياسية في لبنان تتواصل معه، وهو يدير علاقات «الحزب» مع رئاسة الجمهورية ووزراء الداخلية. ويكشف التقرير ذاته أن صفا نظّم في الـ 2015 عملية خطف خمسة مواطنين تشيكيين للضغط على براغ لإطلاق سراح تاجر سلاح لبناني.

اتهامات بالاغتيال والفساد وتهديد قضاة

يروي مقال استقصائي في صحيفة «independent» الإنكليزية  أن صفا يسيطر على ملفات الأمن والوساطات. ففي عام 2018 قدمت المحكمة الدولية التي تنظر في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري أدلة تشير إلى وجوده مع قيادات أخرى في المنطقة قبل الانفجار، استنادًا إلى سجلات الاتصالات. كما أنه هدد القاضي طارق البيطار بـ «القبع».

وتربط الصحيفة نفسها  صفا بتورط «الحزب» في تهريب المخدرات وغسيل الأموال. واستندت إلى بيان وزارة الخزانة الأميركية  للتذكير بأن صفا استغل المرافئ والمعابر لتهريب المخدرات والأسلحة، كما أنه متهم بتهريب ملايين الدولارات وتقاسم عائدات الجمارك. وتتحدث عن اتهامات داخلية بأنه اختلس نحو 350 مليون دولار وشارك في عمليات غسيل أموال.

لم يقتصر دور صفا على تهديد القضاة، بل إنه كثيرًا ما ظهر وكأنه وزير الداخلية الفعلي، يقرر من يوقَف ومن يُترَك، ومن يُلاحَق ومن تُطوى ملفاته.

ليس تاريخ صفا مجرد وقائع معزولة، بل هو نهج ثابت يقوم على تعطيل كل محاولة لبناء دولة مستقلة القرار. وجوده في موقع «منسّق الارتباط» ليس إلا غطاءً لوظيفة أعمق: ضمان أن تبقى مؤسسات الدولة محاصرة ومشلولة، كي يظلّ «حزب الله» المتحكّم الأوحد.

لماذا يجب على الحكومة اللبنانية اتخاذ إجراءات؟

هذا السجل من التهديدات والاتهامات يدفع إلى ضرورة إعادة النظر في التعامل الرسمي مع وفيق صفا الذي وجه الشكر إلى قائد الجيش ومدير عام قوى الأمن الداخلي عقب كسر رئاسة الحكومة عند صخرة الروشة.

ولا بدّ من إجراءات تمنع جميع الجهات الرسمية والأمنية من التنسيق مع صفا، استنادًا إلى القوانين اللبنانية المتعلقة بالعقوبات وتعارض المصالح، علمًا أن حماية القضاء والمؤسسات، تتطلب فصلًا حقيقيًا بين الدولة و«حزب الله» ومنع الشخصيات المعاقبة دوليًا من التأثير في القرار الوطني. من هنا، لا يمكن للبنان الخروج من أزمته دون معالجة ظاهرة ازدواج السلطة. إن دور وفيق صفا في التنسيق بين «حزب الله» والأجهزة الأمنية ومنحه حق «إدارة» الطريق إلى المطار أو إضاءة صخرة الروشة، يظهر مدى تداخل «الحزب» مع مؤسسات الدولة. لذلك، فإن محاسبته وفق القانون، تعد خطوة ضرورية لإعادة الثقة بالدولة. كما يجب التحقيق في الاتهامات المتعلقة بتهريب المخدرات والأسلحة والفساد، وتقديمه للقضاء في حال ثبت تورطه، استنادًا إلى أدلة مثل تقارير وزارة الخزانة الأميركية، وتقارير المنظمات المستقلة، وشهادات المسؤولين اللبنانيين. ففي نهاية المطاف، تبدأ استعادة لبنان لسيادته بوضع حد فوري لـ «ظل الرجل» و«شبحه» المتغلغلين في مفاصل الأجهزة الأمنية والسياسية.

نخلة عضيمي -نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا