الأكثريّة بين الحكومة والمجلس: “الثّنائيّ” مُحاصَر
تدريجاً، تأخذ “لعبة الأكثريّة” مكانها في المواجهة بين القوى السياسية في مجلس النوّاب، كما في الحكومة. “الثنائي” الشيعي “مزروك” في الحكومة وفي مجلس النوّاب، ويتحضّر في المقابل لكبرى معاركه الانتخابيّة على الإطلاق.
ليس تفصيلاً أن ينتهي الكباش النيابيّ في شأن قانون الانتخاب إلى إقفال باب الهيئة العامّة لمجلس النوّاب بعد تطيير نصاب الجلسة من جانب بلوك “القوات” والكتائب”، والكتل والنوّاب المطالبين بتعديل القانون الذي يتيح تصويت المغتربين في الخارج للنوّاب الـ 128.
رَفَع رئيس حزب القوّات سمير جعجع المواجهة على قانون الانتخاب إلى مصافّ “المعركة الوجوديّة”، مذكّراً أنصاره بأنّ “مجلس النوّاب هو الذي يُشكّل الحكومات”، مع تلويحه علناً بخسارة الرئيس نبيه لمفتاح الأكثريّة في مجلس النوّاب الحاليّ. لكنّ ما يقوله جعجع في مجالسه الخاصّة هو أنّ مجلس النوّاب الحالي انتخب برّي بـ 65 صوتاً، ولذلك هويّة البرلمان المقبل لها أهميّة مضاعفة.
ليس تفصيلاً أيضاً أن يتقصّد بيان مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، بطلب من الرئيس نوّاف سلام، الإشارة إلى توافر الأكثريّة المطلوبة قانوناً لحلّ جمعيّة “رسالات”، المحسوبة على “الحزب”، لكنّ القرار رسا على تعليق العلم والخبر المعُطى للجمعيّة، إلى حين جلاء نتيجة التحقيقات الإداريّة والجزائيّة.
بالمنطق نفسه، كان لافتاً جدّاً اتّخاذ وزراء الثنائي الشيعي القرار بحضور جلسة 6 تشرين الأوّل التي عرض فيها الجيش تقريره الأوّل عن خطّة حصريّة السلاح، خلافاً لقراره بمغادرة وزرائه قاعة مجلس الوزراء في جلسة 5 أيلول، التي أقرّت خطّة الجيش، بصيغة الترحيب بها، بناء على قرارَي 5 و7 آب اللذين اعتبرهما الرئيس برّي و”الحزب” غير ميثاقيَّين، و”كأنّهما لم يصدرا”، كما قال أحد نوّاب “الحزب”.
شكّلت هذه الواقعة أحد أكبر الأدلّة على خسارة “الثنائي الشيعي” مفتاح إدارة الأكثريّات داخل الحكومة، لكنّ الواقعيّة السياسيّة وتقبُّل انقلاب موازين قوى الداخل دفعا “أمل” و”الحزب” إلى الإيعاز لوزرائهما بحضور جلسة هي “تكملة” قانونيّة ودستوريّة في الشقّ المرتبط بخطّة الجيش لقرارين سابقين لم يعترف بهما “الثنائيّ”.
على المستوى النيابيّ لا مؤشّرات حلحلة حتّى الآن في شأن “أزمة القانون”. سأل “أساس” أحد النوّاب المتابعين لمسار قانون الانتخاب عن مكان وجود الكرة الآن، أفي ملعب الحكومة أم مجلس النوّاب؟ فأجاب: “ليست في أيّ مكان”!
الملفت في هذا السياق، مع تزايد الحديث عن حصول تمديد محتمل لمجلس النواب، فإن مصادر موثوقة تؤكد لـ “أساس” بأن الرئيس بري اشترط في حال تأجيل الانتخابات، التمديد لمجلس النواب 4 سنوات، أي التجديد ولاية كاملة، وليس لسنة أوسنتين”!
بات موقف الحكومة والتموضعات داخل مجلس النوّاب واضحة جدّاً، وتشي بوجود صعوبة كبيرة حتّى الآن في التوصّل إلى تسوية تُنقِذ الانتخابات النيابيّة من براثن التأجيل. لكن ماذا عن موقف رئيس الجمهوريّة جوزف عون؟
تقول أوساط مطّلعة عن كثب على موقف عون إنّ “رئيس الجمهوريّة يصرّ على إجراء الانتخابات في موعدها، وكلّ كلام عن التأجيل ساقط حتماً”.
يتحدّث عون عن “جهوزيّة إداريّة وأمنيّة لدى وزارة الداخلية لضمان نزاهة الانتخابات وحصولها في موعدها، وعن ضرورة تكريس حقّ اللبنانيّين خارج لبنان بالاقتراع. أمّا لمن يقترعون: لنوّاب ستّة في الخارج أو لـ 128 نائباً، فهذه مُهمّة مجلس النوّاب بالنهاية”.
يقول مطلعون بأن “الرئيس غير معني بهذا النزاع بين النواب، وبين النواب والحكومة، سوى من هذه النواحي فقط”. وقد طلب أمس من الاتحاد الاوروبي المشاركة في مراقبة الانتخابات النيابية في أيار المقبل.
ورطة حكومة سلام
وفق مسار الأكثريّة “الطابش” في الحكومة الحاليّة لمصلحة الموالاة، تستطيع الحكومة إرسال مشروع قانون بالتعديلات إلى مجلس النوّاب، ويمكن من خلالها تعليق العمل ببنود المقاعد الستّة، والبطاقة الممغنطة، والأخذ بنموذج انتخابات 2028 و2022 لناحية تصويت مغتربي الخارج للنوّاب الـ 128.
لكنّ الحكومة، حتّى الآن، ليست بوارد القيام بهذه الخطوة. وحكومة نوّاف سلام ورّطت نفسها حين لم تتنبّه إلى أنّ الحكم استمراريّة، فـ”أنتجت” تقريراً صادراً من وزارة الخارجيّة والمغتربين يفيد بعدم إمكان تطبيق القانون الحالي إلّا بتعديلات على القانون هي من مسؤوليّة مجلس النوّاب، فيما حكومة نجيب ميقاتي السابقة كلّفت لجنة وزاريّة مشتركة كانت مهمّتها أيضاً تطبيق أحكام القانون في شقّه المتعلّق بمقاعد الاغتراب، وقدّمت عام 2021 الحلول التطبيقيّة لتصويت الاغتراب بكلّ تفاصيله. الأهمّ من كلّ ذلك تأكيد الرئيس سلام أمام عدد من الوزراء أنّه لم يطّلع على تقرير اللجنة الوزاريّة الذي أعدّته الحكومة السابقة، ولم يبادر إلى سحبه للاطّلاع عليه إلّا قبل أيّام قليلة.
يستند رئيس الحكومة، وفق المعلومات، إلى نظريّة قانونيّة تقول إنّه منذ 1926 حتّى 2017 كانت مجالس النوّاب هي التي توزّع المقاعد النيابية، فكيف يُطلب هذا الأمر من الحكومة؟
تقول مصادر وزاريّة لـ “أساس”: “الجميع في مأزق. الرئيس نبيه برّي لن يُجدّد الدعوة إلى جلسة للهيئة العامّة قد يُطيَّر نصابها من جديد، وهو ما سيُكرّر مشهد “تفوّق” أكثريّة على أخرى. فيما الثنائي الشيعي “مزروك” أيضاً في الحكومة في كلّ ما يتعلّق بملفّ السلاح”، مشيرة إلى أنّ “الاختراق الأكثر منطقيّة هو إرسال الحكومة مشروع قانون بالتعديلات فيُصبح لزاماً على برّي الدعوة إلى جلسة نيابيّة لمناقشته وبتّه”.
معركة الـ 27
في هذا الوقت، يتحضّر “الحزب” لأقسى معاركه النيابيّة على الإطلاق، بغية منع حصول أيّ خرق في المقاعد الشيعية الـ 27 المُجيّرة بالكامل للثنائي الشيعيّ. لكن ما هي احتمالات هذا الخرق؟
يقول الباحث في “الدوليّة للمعلومات” محمّد شمس الدين لـ “أساس”: “القوّة الوحيدة القادرة على مواجهة “الحزب” وإحداث خرقٍ في المقاعد الشيعيّة هو حزب القوّات اللبنانية. تيّار المستقبل لديه قوّة كبيرة، لكنّه لم يجمعها حتّى الآن ضمن سياق قوّة ضاغطة”.
يضيف شمس الدين: “هناك ثلاث دوائر انتخابيّة يمكن أن “يخرق” حزب القوّات فيها بمرشّح شيعيّ، وفق تحالفات معيّنة، لكن حتماً على حساب مرشّحها المارونيّ:
– في بعلبك الهرمل، لدى “القوّات” نحو 17 ألف صوت، ويمكن مع حليف شيعيّ لديه نحو ألفَي صوت أن يفوز مرشّحها الشيعي على اللائحة. ففي الانتخابات الماضية، الحواصل الانتخابية للمرشّحين الشيعة تراوحت بين 19 و20 ألف صوت، باستثناء جميل السيّد الذي نال 11 ألف صوت.
– في بعبدا، لدى “القوّات” 15 ألف صوت، و”أمل” و”الحزب” 20 ألف صوت. إذا تمّت قسمتهم بالتساوي (عشرة بعشرة)، المرشّح الشيعي على لائحة “القوّات” يفوز بـ 15 ألف صوت. وإذا المجتمع المدني لم يجمع حاصلاً، يمكن “القوّات” أن تحتفظ بمرشّحها المارونيّ، وهذا أمر صعب.
– في جبيل كسروان تُقدّر قوّة “الحزب” بـ11 ألف صوت، و”القوّات” 14 ألف صوت، لكن إذا قرّرت دعم مرشّح شيعيّ فسوف يخسر مرشّحها المارونيّ.
ملاك عقيل - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|