بعد حرب غزة.. هل يتجدد العدوان على لبنان؟
احتمالات اندلاع حرب إسرائيلية شاملة على لبنان ما زالت قائمة وبقوة، لكنها في الوقت نفسه ليست الخيار المفضل لدى تل أبيب في هذه المرحلة، إذ تحكمها مجموعة من العوامل التي تفرمل هذا الاحتمال وتجعله أقرب إلى ورقة ضغط سياسية منه إلى واقع عسكري فعلي.
أول هذه العوامل أن إسرائيل ليست بحاجة إلى شن حرب كبرى من أجل استهداف "حزب الله" أو الحدّ من قدراته. فالمرحلة السابقة أظهرت أن تل أبيب قادرة على تنفيذ غارات دقيقة داخل الأراضي اللبنانية متى أرادت، سواء على مواقع يُعتقد أنها تابعة للحزب أو حتى على شخصيات محسوبة عليه، من دون أن تضطر إلى الانخراط في حرب مفتوحة. هذه الضربات المحدودة تحقق لإسرائيل معظم أهدافها العسكرية من دون تحمل كلفة الحرب الواسعة، ما يجعل خيار الحرب الشاملة غير مغرٍ في الوقت الراهن.
ثانيًا، من الناحية الميدانية، فان اي حرب على لبنان لن تكون قصيرة. فحتى لو قررت إسرائيل خوض مواجهة كبرى، فإن عليها أن تستعد لمعركة طويلة ومعقدة، خصوصًا في ظل الطبيعة الجغرافية الصعبة للبنان، والتي تمنح حزب الله أفضلية ميدانية في القتال البري. الجيش الإسرائيلي، الذي يعاني أصلًا من إنهاك كبير بعد حرب سنتين في غزة، لا يملك ترف الدخول في حرب استنزاف طويلة من هذا النوع، لأن خسائره ستكون مرتفعة على المستويين العسكري والمعنوي.
أما ثالث العوامل فيرتبط بالمسار السياسي الداخلي في لبنان، والذي تراهن عليه إسرائيل والولايات المتحدة بشكل متزايد. فواشنطن تملك اليوم نفوذًا واسعًا على الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وتسعى من خلال أدواتها السياسية والمالية إلى محاصرة حزب الله وعزله داخليًا. وبالتالي، فإن فتح حرب جديدة قد ينسف هذا المسار برمته ويمنح الحزب فرصة لاستعادة زمام المبادرة، سواء عبر خطاب المواجهة أو من خلال توحيد الشارع اللبناني حول فكرة العدوان الخارجي.
لذلك يمكن القول إنّ تل أبيب توازن حاليا بين الحاجة إلى كبح نفوذ حزب الله من جهة، والرغبة في تجنّب مواجهة عسكرية واسعة من جهة أخرى. فطالما تستطيع إسرائيل تحقيق أهدافها عبر الضغط السياسي، والضربات الجوية الموضعية، والحصار الاقتصادي غير المباشر، فلن تتجه إلى خيار الحرب. لكن ذلك لا يعني أن احتمال الحرب مستبعد بالكامل، إذ يبقى قائمًا في حال تجاوز "الحزب" الخطوط الحمراء التي وضعتها إسرائيل، أو في حال تغيّرت الظروف الإقليمية والدولية بشكل يفرض مواجهة جديدة على الجبهة الشمالية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|