بعدما "استسلمت" حماس في غزة... سلاح المخيمات يسلم بالحسنة او بالقوة؟!
لاءات صندوق النقد تثير الريبة..
تتركّز اجتماعات الوفد الحكومي اللبناني في واشنطن، والذي يضمّ وزير المال ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد على لقاءات من مختلف المستويات في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ويسعى الوفد إلى الحفاظ على إيجابية التواصل مع المؤسّسات المالية الدولية، في سياق "الخطوة خطوة" التي يتبعها لبنان بمناقشة القوانين الإصلاحية المطلوبة وإقرارها. وتبرز نفحة الإيجابية في ما يصدر عن الوفد الذي يضع الزيارة في إطار "الزيارات المهمة لتعزيز التعاون بين لبنان والمؤسّسات المالية الدولية".
لكن، وبحسب معلومات "نداء الوطن"، يبدو أن الهوّة لا تزال قائمة بين ما يقوم به لبنان، ومطالب صندوق النقد. وتشير المعطيات إلى أن بعض ملاحظات أو مطالب صندوق النقد من لبنان، تبدو صعبة التطبيق. على سبيل المثال لا الحصر، ناقشت الحكومة في الفترة الماضية مشروعها لإصلاح المصارف مع الصندوق، وأحالته إلى مجلس النواب الذي أقرّه كخطوة إصلاحية مطلوبة في سياق العمل على استعادة الثقتين المحلّية والدولية بلبنان. ليفاجأ الجميع بعد أسابيع بمطالب جديدة وملاحظات إضافية للصندوق.
وقد حضرت هذه المسألة في النقاشات الدائرة في واشنطن، حيث صبّت وجهة النظر اللبنانية في إطار عدم القدرة على العودة إلى الوراء على صعيد القانون الذي نشر في الجريدة الرسمية، وطعن به، وأبدى المجلس الدستوري ملاحظات عليه. لكن ما يطالب به الصندوق، يأتي في سياق إعادة النظر بالقانون، بما يشبه نسفه.
هنا، تتوقف أوساط متابعة عند تعاطي الصندوق مع لبنان، "بخلفية غير تسهيلية". وكأن لا نية لدى المؤسّسة الدولية في الوصول إلى اتفاق مع لبنان في المدى المنظور. إذ كلّما أقرّ لبنان إصلاحًا بالتشاور مع الصندوق، تبرز ملاحظات جديدة، ومطالبة بتصحيح كلمة أو تعديل عبارة، "وكأن الصندوق يجري امتحان إملاء للدولة اللبنانية". وهو ما تضعه الأوساط المتابعة في سياق التغليف المالي الإصلاحي لخلفية سياسية مرتبطة بملفات أخرى، وبضوء أخضر لم يأت بعد.
وتشرح الأوساط هذه المقاربة بالقول إن بند حصرية السلاح يتحكّم بكلّ شيء، حتى بمسار التفاوض مع صندوق النقد، وكأن هناك من يريد زيادة الأعباء، و "تكبير الحجر" كإشارة إلى أن لا إمكانية لجرعة أمل، ما لم يتمّ تطبيق بند حصرية السلاح الذي سيكون المدخل إلى تحويل اللاءات إلى نعم، ورفع الحظر عن الاستثمارات والدعم الماليّ للبنان.
حتى أن اللقاءات مع الصناديق والمؤسّسات المانحة العربية والأجنبية المرتبطة بإعادة الإعمار، لا تحصل بمجملها حتى الآن سوى على الوعود والقليل القليل من التقديمات بينما الحاجة تفوق ذلك بأضعاف وأضعاف.
في الانتظار، يبدو أن الوفد الحكومي يحاول الحفاظ على الحدّ الأفضل من التعاطي، والأخذ والردّ، وإعطاء الإشارات الإيجابية، ريثما تتوافر الظروف لتعامل مختلف، ونهاية سعيدة للمسار التفاوضيّ المستمرّ منذ ما بعد انهيار العام 2019.
أجواء بيروت
هذه الأجواء غير المريحة، سبق أن اختبرها فريق العمل اللبناني المسؤول عن ملف المفاوضات مع الصندوق خلال زيارة وفد الصندوق الأخيرة إلى بيروت، حيث بدت اللاءات التي شهرها الصندوق وكأنها تستهدف الإحراج، ووصلت إلى حدّ التدخل في شؤون داخلية، ومسّت باستقلالية المؤسّسات، وعلى رأسها مصرف لبنان.
وسبق أن تصدّى حاكم مصرف لبنان كريم سعيد لمحاولات التدخل هذه، وحاول رسم خطّ واضح بين ما يطالب به صندوق النقد، وبين استقلالية البنك المركزي التي لا يمكن التفاوض عليها. وسبق لسعيد أن تصدّى للصيغة الأولى لقانون الإصلاح المصرفي، التي أُرسلت إلى المجلس النيابي، انطلاقًا من حرصه على صلاحيات البنك المركزي واستقلاليته. وإذا كان سعيد رفض أن يتمّ المسّ باستقلالية المركزي من قبل السلطة السياسية اللبنانية، فهل يمكن أن يوافق على أن تمسّ جهات خارجية بهذه الاستقلالية؟
من هنا، تبدو الأمور عالقة عند نقطة الفصل بين الإصلاحات التي يطالب بها الصندوق، وتلقى القبول من دون تحفظ من قبل السلطات اللبنانية، وبين شروطه التعجيزية التي تبدو أقرب إلى التدخل والمسّ بسيادة القرار اللبناني، واستقلالية مؤسّساته، وعلى رأسها البنك المركزي. وهذا يعني برأي المتابعين، أن الصندوق يضع شروطًا تعجيزية.
وفي هذا السياق، يبرز العرض الأميركي الذي قدّمته المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس على الهواء ذات مرة، عندما اعتبرت أن لبنان قد لا يحتاج إلى عقد اتفاق مع صندوق النقد، لكي يكسب مشروعية العودة إلى الأسواق المالية العالمية، وإلى استعادة ثقة العالم به، بل يكفيه أن يحصل على "الختم" الأميركي لكي يكسب ثقة العالم مجدّدًا. ومن يعتقد أن مثل هذا الكلام يمكن أن يصدر عن طريق الخطأ، عن مسؤولة أميركية بوزن أورتاغوس واهم، لأن ما قدّمته المسؤولة الأميركية هو عرض أميركي واضح، وقد يكون حان الوقت لدراسته بعناية.
نشاطات الوفد اللبناني
في السياق، عقد الوفد اللبناني إلى اجتماعات الخريف في واشنطن، اجتماعًا مطوّلًا مع مجموعة لبنان في الصندوق الدولي لاستكمال ما تمّ بحثه خلال زيارتها الأخيرة إلى بيروت خلال شهر أيلول الماضي في جوّ من الإيجابية والتقدّم، وسيستكمل البحث في اجتماع ثانٍ خاص بموضوع المصارف.
وقد عقد وزير المال ياسين جابر، الذي ترأس الوفد اللبناني إلى اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن أمس، اجتماعًا خاصًا مع المدير التنفيذي في البنك الدولي عبد العزيز الملا، تمّ خلاله البحث في برنامج عمل البنك الدولي في لبنان والمشاريع التي يقوم البنك بتمويلها، وترتيبات زيارة مجموعة المديرين التنفيذيين في البنك الدولي إلى لبنان خلال شهر تشرين الثاني المقبل، واعتبر جابر أن هذه الزيارة تعدّ من الزيارات المهمة لتعزيز التعاون بين لبنان والبنك.
وفي لقاء مع فريق الصندوق العربي للتنمية ومقرّه الكويت، وصف جابر اللقاء بالجيّد والمثمر، بحيث أبدى الفريق استعداد الصندوق للمساهمة في صندوق إعادة الإعمار LEAP بعد صدور القانون في المجلس النيابي، كما أبدى استعدادًا لدراسة أي مشروع يتقدّم به لبنان على صعيد الإعمار أو سواه بهدف تمويله.
إلى ذلك، عقد الوفد اللبناني اجتماعًا مع رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية محمد الجاسر، أكّد خلاله الأخير التزام مجموعة البنك الإسلامي للتنمية بدعم لبنان في التغلّب على تحدّياته الراهنة، واستعادة الاستقرار والازدهار، ودفع جهود التنمية من خلال التركيز على المبادرات ذات الأولوية لضمان تحقيق أثر ملموس ومستدام.
وسلّطت المناقشات الضوء على أهمية تعزيز التكامل الإقليمي ومواصلة تطوير مشاريع التنمية المشتركة مع سوريا لتعزيز النموّ الشامل والازدهار المشترك.
وفي اللقاءات التي تناولت الأزمة المالية وإصلاح القطاع المصرفيّ، جدّد جابر تأكيد التزام حرص الحكومة اللبنانية والمجلس النيابي على إقرار الإصلاحات والتشريعات اللازمة لإعادة التوازن المالي وحماية صغار المودعين، لافتًا إلى أن "العمل جادّ على خطة متكاملة تعيد الثقة بالقطاع المصرفيّ وتضمن العدالة في توزيع الخسائر".
وشدّد في اللقاءات مع صندوق النقد الدولي على "أهميّة معالجة التزامات مصرف لبنان بطريقة قانونية وشفافة تحافظ على الاستدامة المالية"، لافتًا إلى أن "الحكومة تطبّق خطة مالية متوسطة الأجل تركّز على تحسين الجباية لا فرض ضرائب جديدة".
تحرّكات كنعان
وفي إطار متصل، أكّد النائب ابراهيم كنعان بعد مشاركته في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لعام 2025 في واشنطن والتي حضرها برلمانيون من حول العالم، أن البحث تطرّق إلى العلاقة بين المجالس النيابية وكلّ من صندوق النقد والبنك الدوليين لجهة الوصول إلى مسارات إصلاحية ومشاريع وبرامج محدّدة وتنفيذها وتحقيق أهدافها التي تتمحور أو يجب أن تتمحور حول إصلاح القطاع العام وتفعيل إنتاجية القطاع الخاص.
وأشار كنعان إلى أن "لبنان الذي لا يزال يتفاوض مع صندوق النقد منذ العام 2019 بانتظار بلورة مسار للتعافي سليم وواقعي، يأخذ في الاعتبار مصلحة الشعب اللبناني، ألا وهي إصلاح المالية العامة من جهة، وتحديد آلية جديدة لاسترداد الودائع كما حصل في الكثير من الدول التي عانت من تعثرات مالية".
وقال كنعان "كما أكّدنا دائمًا وعملنا منذ ما قبل الانهيار المالي، على إصلاح القطاع العام والمالية العامة، وتفعيل المحاسبة لمحاربة جدّية للفساد والهدر، نؤكّد ضرورة وضع آلية لاسترداد الودائع عبر قانون الفجوة المالية الذي خلق لاسترداد الودائع".
كبريال مراد -تداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|