الصحافة

أمريكا تجلد لبنان: يحق للسوريين ما لا يحق للبنانيين!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

منذ سنوات طويلة، يضع الموقف الأميركي من ملف ​التسليح العسكري​ في ​الشرق الأوسط​، وتحديدًا في كل من لبنان و​سوريا​، علامات استفهام كثيرة، في ما يمكن القول انه سياسة ازدواجية المعايير التي تعتمدها واشنطن في إدارة توازنات القوى الإقليمية. وفيما تفرض قيود صارمة على ​الجيش اللبناني​ تحول دون تسليحه من خارج المنظومة الغربية، تفتح الأبواب –بصمت أو بتواطؤ أمام سوريا لتحديث جيشها بالتعاون مع روسيا، كما أعلن أخيرًا الرئيس السوري أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) من موسكو.

هذا التناقض في السلوك الأميركي، الذي يمتد عبر إدارات متعددة من بينها الإدارة الحالية للرئيس دونالد ترامب، يطرح أسئلة مشروعة عن حقيقة النوايا الأميركية تجاه الدولتين، وما إذا كانت واشنطن تسعى فعلاً إلى دعم "الدولة" في لبنان، أم إلى إبقائها ضعيفة وعاجزة حتى بعد الحديث المتكرر عن ضرورة سحب او نزع سلاح "​حزب الله​".

​الولايات المتحدة​، إلى جانب عدد من الدول الغربية، لم تتوقف عن مدح الجيش اللبناني، والإشادة بـ"احترافه" و"دوره المحوري" في حفظ الأمن، ولا تدع مناسبة الا وتعلن عن تقديمات عسكرية له لكنها كلها تبقى خالية من اي ذكر للدفاع الجوي وهو امس ما يحتاج اليه لبنان، وليس خفياً ان الإدارات الأميركية المتعاقبة مارست ضغوطًا البلد من الحصول على أسلحة من روسيا، كما حدث في عهد الرئيس السابق العماد ميشال سليمان، وتكرّر الأمر خلال ولاية الرئيس السابق ايضاً العماد ميشال عون، حيث تم إحباط محاولات للتوجه شرقًا (نحو روسيا أو الصين او ايران) بهدف تجاوز الحصار الغربي. المفارقة أن أميركا التي تشترط أن يكون السلاح بيد الدولة وحدها، تحرم الدولة نفسها من امتلاك ما يوازي الحد الأدنى من قدرة الردع، خصوصًا في ما يتعلق بمنظومات ​الدفاع الجوي​. لا يُسمح للبنان حتى بـ"التفكير" في حيازة نظام دفاع جوي متطور، رغم أن الحدود الجنوبية مفتوحة على احتمالات التصعيد، ورغم أن الاسرائيلي وقبله السوري يعتبران المجال الجوي اللبناني امتداداً لمجالهما.

على الضفة المقابلة، وفي مشهد يعكس تبدل التحالفات و​موازين القوى​، أعلن الشرع (الجولاني) من موسكو عن رغبته ب​التعاون العسكري​ مع روسيا لتحديث الجيش السوري، بما يشمل تسليحه بأنظمة دفاع جوي متقدمة. المفاجئ ليس فقط في مضمون الطلب، بل في أن واشنطن لم تعترض بشكل حازم أو علني عليه، رغم أن الجولاني كان حتى الامس القريب يصنّف اميركياً كـ"إرهابي خطير" وتحوّل اليوم بسحر ساحر الى "الابن المدلل" لواشنطن. قد يتعلق الامر بالتمهيد لتسوية أكبر، يكون جزءًا منها اتفاق تطبيع أو سلام بين دمشق وتل أبيب. وفي حال صح هذا الاتجاه، فإن التساهل الأميركي في السماح لسوريا بتحديث منظومتها الدفاعية لا يبدو غريبًا، بل هو تمهيد لما بعد التوقيع.

في المقابل، لا يزال لبنان يرفض ​التطبيع مع إسرائيل​، ولو انه لا يملك مقومات الردع، لذلك، يمنع عليه التوجه إلى حلفاء بديلين للحصول على أسلحة متطورة، فيما تستخدم "المساعدات العسكرية الأميركية" كورقة ضغط دائمة. وهذا ما يظهر بوضوح أن المطلوب من بيروت ليس فقط ضبط سلاح حزب الله، بل القبول بدور أمني تابع، غير مستقل، يبقى بحاجة إلى حماية خارجية. إن الجيش اللبناني الذي يمنع من حيازة أنظمة دفاع جوي، تتم مراقبة أدق تفاصيل مشترياته، ولا يسمح له حتى بامتلاك حق الدفاع السيادي، في وقت "يغرق" ببيانات المديح من كل الجهات الدولية.

في ضوء هذه المعطيات، تبرز معادلة جديدة قد تكون قيد التشكل: سوريا، التي كانت حتى الأمس القريب في محور "الرفض"، قد يسمح لها بتحديث جيشها –وربما إعادته إلى "المنظومة الدولية"– في حال سلكت طريق التطبيع مع إسرائيل. اما لبنان، الذي لا يزال خارج هذا المسار، فلن يكون في وارد شراء رادار أو نظام صواريخ دفاعي، رغم أنه يواجه نفس المخاطر، ويتلقى نفس التهديدات، وربما اكثر. هكذا، تتحول السيادة العسكرية إلى أداة تفاوض سياسي، وتستخدم المعايير المزدوجة لفرض أجندات يكون الجيش اللبناني أبرز المتضررين منها، لان لبنان لا يزال يرفض الدخول في منظومة الاصطفاف الأميركي–الإسرائيلي بالكامل.

الخوف الاكبر يبقى في امكان اعادة تقوية سوريا عسكرياً على حساب لبنان، خصوصاً بعد ان قضت اسرائيل على كل المقومات العسكرية للسوريين فور سقوط نظام بشار الاسد.

طوني خوري -النشرة

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا