الحوت: استرجاع أراض محتلة عبر التفاوض غير المباشر مع إسرائيل أمر وارد
لبنان وإسرائيل إلى مفاوضات قريبة: بنود أولية هذه تفاصيلها!
أواخر الشهر الجاري أو مطلع الشهر المقبل، أي مع وصول سفير الولايات المتحدة الجديد إلى لبنان ميشال عيسى، والموفدة الرئاسية مورغان أورتاغوس، يُفترض أن ينطلق البحث في صيغة أو مقترح أميركي جديد هدفه إطلاق عجلة مفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل حول نقاط عدة مطلوب تحقيقها من لبنان وإسرائيل. غير أن موعد وصول السفير والموفدة الأميركية هو موعد مبدئي، لأن زيارتهما دونها قرار الرئيس دونالد ترامب بوقف صرف الميزانيات للموفدين إلى لبنان، وهذا كان سبب تأجيل زيارة مقرَّرة لوفد الكونغرس الأميركي قبل فترة، وسيكون سببًا لتأخير وصول أورتاغوس أيضًا.
لكن لبنان تبلّغ أفكارًا تمهيدية للصيغة الأشمل، لاقتراح مفاوضات لبنانية - إسرائيلية برعاية أميركية. وبدأ الرؤساء الثلاثة التشاور بشأنها تمهيدًا للتوصّل إلى موقف لبناني موحّد، وتحديد ما يريده لبنان من خلالها. بالموازاة، بدأ البحث في تشكيل الوفد المفاوض، والذي عُلِم من المداولات الأولية أنه سيضمّ، إلى شخصيات عسكرية، دبلوماسيين وحقوقيين ووزيرًا أو وزيرين من الحكومة.
وفي المعلومات الأولية أن المفاوضات تقترح وقفًا لإطلاق النار لمدة شهرين، يبدأ خلالها التفاوض على الانسحاب الإسرائيلي ووقف نهائي للعدوان وترسيم الحدود البرّية بين لبنان وإسرائيل، وانسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلّها، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، والاتفاق على منطقة خالية من السلاح بعد إنجاز الجيش خطته لسحب سلاح حزب الله نهائيًا من جنوب الليطاني. الورقة الجديدة لن تكون بعيدة عن ورقة توم باراك السابقة، وإن بصياغة مختلفة وبعض النقاط المختلفة والجديدة، وأخرى مع تعديلات، حيث لن يكون لباراك دورٌ هنا، والدور الأساسي سيكون لأورتاغوس والسفير الأميركي الجديد. وستكون مقاربة موضوع التفاوض هذه المرة مختلفة، سواء من قبل لبنان الرسمي أو من قبل الثنائي الشيعي، وحزب الله على وجه التحديد.
المفاوضات كحل وحيد
بعد اتفاق غزة، ودخول الأميركي بثقله لتحقيقه بأي ثمن، وجد لبنان نفسه محاصرًا أميركيًا بما هو معلن ومتعارف عليه لناحية العدوان المستمر ومنع إعادة الإعمار بكل الوسائل المتاحة، وما هو غير معلن وتتعاطى واشنطن على أساسه من حجب التمويل لسفر الموفدين إلى لبنان، إلى تعطيل مؤتمرات الدعم، بما فيها دعم الجيش، ودعم عدوان إسرائيل المستمر على لبنان. وفي ضوء حصارٍ كهذا، أرسلت واشنطن عرضها للتفاوض مع إسرائيل لحلّ نقاط الخلاف العالقة: تثبيت نقاط الحدود، سحب السلاح، التعهد بضمان الأمن على الحدود، مقابل وقف العدوان والانسحاب وإطلاق سراح الأسرى ونقاط تفصيلية أخرى لم تصل بتفاصيلها بعد. الفكرة المتفق عليها هي السير بالتفاوض برعاية أميركية لضيق الخيارات، خصوصًا وأن مبدأ التفاوض قد ورد في أحد بنود القرار 1701، أي أن لبنان لم يأتِ بجديد.
وفي المعلومات أيضًا أن الموضوع مثار تشاور رسمي، وقد تبلّغ حزب الله خطوطه العريضة، كما أن رئيس مجلس النواب نبيه بري هو من الأساسيين الذين يتم التواصل معهم بشأن المقترحات الجديدة، وهو أرسل موفدًا إلى رئيس الحكومة لوضعه في الأجواء قبل أن ينطلق التشاور رسميًا بين رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة.
موقف حزب الله من مبدأ التفاوض
تؤكد المعلومات أن الموضوع طُرح مع حزب الله في إطار تطبيق الاتفاق ووقف العدوان الإسرائيلي على لبنان. في رأي حزب الله، إن المفاوضات غير المباشرة يجب أن يسبقها وقفٌ للعدوان، إذ يرفض الحزب التفاوض تحت النار للضغط، ويعتبر أن تفاوضًا غير مباشر سبق ونصّ عليه القرار 1701. والفرق بين هذا القرار واتفاق وقف النار هو الطرف الضامن الذي خاض عملية التفاوض، وهو الولايات المتحدة الأميركية، التي لم تضغط على إسرائيل للالتزام بتنفيذ بنود الاتفاق.
في تقدير حزب الله أن الطرح تزامن مع انطلاق توقيع اتفاق غزة في شرم الشيخ، والاندفاعة الأميركية في المنطقة، وقد أتى كلام عون ليستفيد لبنان من هذا المسار الأميركي الذي ظهرت نتائجه باتفاق غزة. أعلن عون الفكرة موضحاً أن التفاوض سيكون غير مباشر، ثم كان له توضيح ثانٍ وثالث بوجوب وقف العدوان ثم الانسحاب.
ما تبلّغه حزب الله أن الأمر مطروح في إطار وقف النار وانسحاب إسرائيل واستعادة الأسرى، وهو يرى أن لبنان سبق وخاض غمار التفاوض غير المباشر في تجربتي ترسيم الحدود البحرية، والتي أدّت إلى نتائج حظيت بموافقة داخلية، واتفاق وقف النار. واليوم يُعاد الحديث عن تجربة مماثلة مع تطمينات بأنها ستكون مفاوضات غير مباشرة، ولذا فإذا كانت الفكرة للانسحاب الإسرائيلي ووقف العدوان، فلا يرى حزب الله مانعًا، شرط أن يتحقّق مسبقًا وقف نارٍ جدي، كي لا يكون التفاوض تحت النار الذي عادة ما يمنح إسرائيل الأرجحية، ولإظهار حسن نوايا الوسيط أو الطرف الثالث المعني بالضغط على إسرائيل لإنجاح أي اتفاق، أي الولايات المتحدة.
واشنطن ذاتها ضغطت على إسرائيل من أجل توقيع اتفاق غزة، ولو أرادت لفعلت الشيء نفسه من أجل فرض تطبيق الاتفاق على إسرائيل، خصوصًا وأن لبنان خطا خطوات متقدمة في مجال حصرية السلاح، حظيت بإشادة الرئيس دونالد ترامب، ولم تقابلها إسرائيل بالمثل، بل ذهبت إلى تصعيد جديد باستهداف بنى اقتصادية في الزهراني أو في صور جنوبًا. فهل نحن أمام اتفاق ستُجبر إسرائيل على تنفيذه؟
يجب أن تكون مفاوضات غير مباشرة لفرض تحقيق نتائج يريدها لبنان، وليس لتجاوز اتفاق وقف النار الذي التزم لبنان بتنفيذه، بينما تخلّفت إسرائيل عن ذلك.
تفاوضٌ غير مباشر، الأساس فيه دفع إسرائيل إلى الالتزام بالاتفاق القائم، أي القرار 1701، والذي يتحدث في البند رقم 13 منه عن مفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل لمعالجة النقاط العالقة. لا يمكن الدخول في مفاوضات من دون إلزام إسرائيل بوقف العدوان، ثم الانسحاب من النقاط التي تحتلّها. هذا كان جواب لبنان الأوّلي أو الموقف اللبناني الموحّد تجاه أي طرح قريب ستحمله أورتاغوس أو غيرها. الأجواء إيجابية، لكنها محفوفة بالحذر.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|