باريس "محبطة" من القوى المسيحيّة... وغريو تطرح الأسئلة الهواجس
لم تملّ باريس من الحراك على مختلف الاصعدة، وعلى اجندتها لائحة شخصيات مارونية ستتم دعوتها الى باريس قريبا، لرفع مستوى التواصل الذي تقوم به في بيروت السفيرة آن غريو، التي زارت بالامس معراب والتقت رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع «المرتاب» من الدور الفرنسي الحالي، وهو لم يخف قلقه امام غريو التي سمعت انتقادا حادا باسلوب لطيف، حول دور بلادها الملتبس. ووفقا لمصادر مطلعة، حمّل جعجع سياسة الرئيس ايمانويل ماكرون مسؤولية اضعاف الدور المسيحي في لبنان، بفعل عدم اكتراثه للاجماع السياسي والديني على رفض ترشيح فرنجية، الذي لا تزال باريس مصرة على تسويقه على قاعدة «عنزة ولو طارت»! وقد كرر موقفه الرافض بحزم لاي تسوية تعيد استنساخ تجربة الرئيس السابق ميشال عون، لان انتخاب رئيس من «الممانعة» يعد خيانة للشعب الذي انتخب مجلسا نيابيا متوازنا لا غلبة فيه لاحد، فلماذا مطلوب الآن تقديم الرئاسة على «طبق من فضة» بما يخالف التوازنات النيابية الحالية؟
هذا التشدد في موقف «معراب» لا تتفهّمه باريس ولا تتفق معه، لانه يعالج الموقف من زاوية ضيقة قد تكون نتائجها خطرة لاحقا على الدور المسيحي في الاستحقاقات الكبرى، وهو امر سبق وقيل على مسامع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل. فغريو وان كانت تقر بان الامور لا تزال تراوح مكانها، والتسوية الرئاسية لم تنضج بعد خارجيا، الا انها تشرح لمحديثيها طبيعة موقف بلادها التي تحاول التشجيع على ايجاد تقارب داخلي تنتج منه تسوية تعرض لاحقا على القوى الرئيسية المعنية بالــشأن اللــبناني، لان الخشية في باريس تبقى من خروج الامور عن قدرتها على التحكم بمسار الامور، بعدما جلس المتخــاصمون حول طاولة واحدة يبحثون في ترتيب اولوياتهم ويتقاســمون لعبة المصالح. والسؤال المطروح برأيها هو من يمثل مصالح المسيحيين على هذه «الطاولة»؟ الجواب لا احد. ولهذا تسأل غريو القيادات المسيحية التي تلتقيها، وآخرها جعجع بالامس، ما هو الطرح الذي تملكونه مقابل رفض التسوية التي نطرحها؟ هل من اتفاق مسيحي –مسيحي على «خارطة طريق» كي نتبناها ونعمل على تسويقها؟ ماذا لو اعيد «تلميع» النظام السوري وحصلت مقايضة على الملف اللبناني؟ هل من ضمانة ان الرياض مهتمة بتأمين مصالح القوى المسيحية الحليفة؟ وما هو الثمن؟
طبعا لا توجد اجابات مرضية على هذه الاسئلة، لان «الطريق» مقطوع بين «معراب» «وميرنا الشالوحي» وكذلك «الصيفي»، وحفلة «التخوين» باتجاه الموقف الفرنسي تزيد الموقف تعقيدا وتشعر الفرنسيين «بالاحباط»، لانهم يحاولون تسويق تسوية «افضل الممكن» لكن لا يجدون آذانا صاغية، وبرأيهم يجب على القوى المسيحية ان ترى الامور على نحو مختلف، فالرئيس لم يعد يؤدي دورا وازنا في السلطة التنفيذية، ولهذا يجب ان يتم التركيز على محاولة الحصول على ثقل سواء في الحكومة المقبلة ودورها، او في هوية رئيسها. وكذلك في حاكمية مصرف لبنان وبعض الوظائف المهمة في الدولة. ما تريده باريس من القوى المسيحية، الانفتاح على فكرة اجراء نقاش يتعدى «الشخصنة» في موقع الرئاسة الاولى، اما التمسك بالسلبية دون تقديم حلول او اجوبة، والرهان على الوقت، فيبدو انه مغامرة في غير مكانها، فالاحداث تتسارع على نحو غير مسبوق، ولن تجد بعض القوى المتمسكة بقول «لا ونقطة على السطر» مكانا لها على طاولة التفاوض لاحقا، ثمة «زلزال» ايراني- سعودي كبير ستصيب هزاته الارتدادية الساحة اللبنانية، ثمة مناخ جديد يولد في المنطقة، ومن لم يقتنع بذلك، عليه ان يدرك ان خبر زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الى جدة بالامس ليس تفصيلا عابرا، والتقدم في المحادثات بين السعودية والحوثيين ليس عابرا، والتطبيع المتسارع بين طهران والرياض ليس مؤقتا او حدثا عابرا، شرق اوسط جديد يتشكل، ولا مكان فيه الا للعقلاء والاقوياء.
ابراهيم ناصر الدين -" الديار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|