دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
ثلاثية مارونيّة جديدة تتقدّم على الرئاسة...
يلتقط السواد الأعظم من الأحزاب المسيحية لحظات افتقدت إليها لتوظيفها في الظرف الإنتقالي الحالي. مرّة لحظة كلام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن أنّ «المسيحيين يمثلون 19% في لبنان»، وأخرى لحظة قرار الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري القاضي بـ»تأجيل بدء العمل بالتوقيت الصيفي»، وآخرها بإعادة الإعتبار إلى الشعور اليميني المسيحي، عبر الاستفادة من تحريك الـ»نوستالجيا» المسيحية تجاه «الوجود السوري في لبنان» المتمثّل بالنازحين السوريين اليوم، على وقع نغمات «التقسيم» الذي يطول الحديث فيه بعد 17 تشرين 2019.
عملياً، فإنّ المسيحيين في حالة Reaction وليس Action، وأحزابهم اليوم واقعة تحت تأثير Remote control يُمسك بها مرّة الشيعي، ومرّة السُنّي، وأخرى الشيعي والسُنّي بالتكافل معاً.
آخر «هدايا» شدّ العصب كان خبراً صحفياً حول «تصريح للسفير الألماني في مناسبة إجتماعية»، عاد ونفاه قطعاً، مفاده: «أنتم المسيحيون لا تشكّلون اليوم أكثر من مليون نسمة، عليكم أن تعتادوا ذلك وتتأقلموا معه». لكنّ السؤال: هل نحتاج إلى كلام سفير أوروبي في الـ2023، حتّى لو كان الخبر كاذباً، لنستنتج أنّ وضع المسيحيين السياسي خارج السكة الصحيحة، كي لا نقول سيّئاً؟
رسالة أميركية
مع نهاية الشهر المنصرم، وصلت إلى مرجعيّات مارونيّة رفيعة رسالة أميركية، عبر شخصيات عدّة، أهمّها وزير سابق بارز، تنصح بتصويب الإهتمام المسيحي باتّجاهات ثلاثة جديدة، وتفيد بأنّ «لدى واشنطن اهتمام استثنائي بـ3 مواقع سيادية يرأسها الموارنة: قيادة الجيش، حاكمية مصرف لبنان، ورئاسة مجلس القضاء الأعلى، وهي مواقع تتقدّم في الهرم الأميركي على رئاسة الجمهورية، وتحديداً «بروفايل» وهويّة الشخصية التي ستشغلها، لأنّ الرئاسة تصطدم في كل ولاية بأزمات «الصلاحيات الدستورية المحدودة»، خصوصاً أنّ الأميركيين استثمروا إمكانيّاتهم اللوجستية والمالية والمعلوماتية على الخطّ مع قيادة اليرزة، فأتت بالنتائج المطلوبة، وحان الوقت لصرفها في القيادتين النقديّة والقضائيّة فعلياً في العهد الجديد، على اعتبار أنّ قوّة الرئاسة الأولى مرتبطة بتكامل الأدوار بين هذه القيادات».
الجيش
تلقّفت القيادة المسيحية الروحية هذا التوجّه وتماهت معه باطناً، حيث يفيد مصدر روحي ماروني، لـ«الجمهورية»، بـ«وجود ضرورة أكثر من ايّ وقت مضى لترسيخ الحضور المسيحي في الدولة، وفي مقدّمتها الحضور في الجيش اللبناني والأجهزة الإدارية والأمنية، على اعتبار أنّ الخلل المسيحي ليس ديموغرافياً وعددياً، بل يعتري الدور ويستهدف التوازن في المؤسسات السياديّة الشرعية التي تحظى بالثقة الدولية الخماسية المشتركة، الملتفّة حول أزمة لبنان: الأميركية - الفرنسية - السعودية - المصرية - القطرية، كما المؤسسات والمنظّمات والصناديق الدولية»، مستنتجاً أنّ «ضمانات حياتيّة عدّة عائدة، لاسيّما لناحية الرواتب التي ستستعيد قيمتها مع الخروج تدريجياً من القعر المالي، معطوفة على الدعائم الغربية والعربيّة التي ستتنامى في القريب لوحدات وأفواج المؤسسات العسكرية والأمنية، مع امتيازات متقدّمة للضباط والرتباء والعناصر».
والأهمّ، بالنسبة للمصدر، فيكمن في أنّ «تعزيز هذا الحضور في الجيش يوقف ظاهرة هروب العسكريين إلى الصفوف الحزبية واللجوء إلى المحسوبيات، ويُلغي مفهوم الأقلية ويُخرج المسيحيين من التداول بطروحات التقسيم، ويُنهي ظواهر الميليشيات والتسلّح غير الشرعي لدى الطوائف كافّةً».
مجلس القضاء الأعلى
وتشير المعلومات، إلى أنّ واشنطن مهتمّة بالأسماء المرشّحة لتولّي منصب رئاسة وعضوية مجلس القضاء الأعلى، وبرز ذلك في النقاشات التي دارت بين أعضاء في الكونغرس الأميركي ومسؤولين في صندوق النقد الدولي مع نواب لبنانيين زاروا واشنطن في الآونة الأخيرة، حيث تمّ التركيز على أولويّة إنتاج هيكليّة قضائيّة جديدة في العهد الجديد، تضع نصب أعينها البتّ بالأحكام في الملفّات الأساسيّة- منها المفتوحة ومنها المعلّقة حتّى اليوم لأسباب سياسية- وتضع أجندة عمل شاملة لإصلاح القضاء وأجهزته: أوّلاً في السلك المدني، وثانياً عبر إعادة تنظيم السلك العسكري وتحديد سلطته ودوره. وكل ذلك يبدأ بتطبيق قانون استقلالية القضاء.
حاكميّة مصرف لبنان
أمّا على مستوى حاكميّة مصرف لبنان، فتفيد المعلومات، بأنّ لدى الأميركيين دورين رئيسيين على أجندة عمل الشخصية التي ستتولّى هذا الموقع:
1- الحدّ من عمليات تبييض الأموال التي تزايدت بشكل هائل- خصوصاً أنّ الإقتصاد اللبناني يتداول بأغلبيّته بالـCash- من خلال إعادة تنظيم وتنشيط القطاع المصرفي الذي يمكن للإدارة الأميركية أن تؤدّي الرقابة عليه.
2- إنتشال الإقتصاد من الأزمة الماليّة عبر المباشرة بتنفيذ الإصلاحات المالية والإدارية الشاملة، ومن بينها تنفيذ الإتّفاقيات المبرمة بين لبنان وصندوق النقد الدولي، لأنّها الوسيلة الوحيدة التي تضمن عودة الثقة والإستثمارات إلى البلد، وهي التي تخلّفت السلطة اللبنانية عن الإلتزام بها، الأمر الذي يثير امتعاض الأميركيين حيال عدم العمل بجدّيّة لسلوك المسار الإنقاذي، ولاسيّما من قِبل مجلس النواب.
إذاً، نحن أمام ثلاثيّة مارونيّة جديدة يتمتّع كلّ ركنٍ فيها بالصلاحيات الدستورية الكاملة للتنفيذ، وهي كفيلة بأن تشكّل أدوات الحكم والإدارة لأيّ شخصية تصل إلى قصر بعبدا. فهل يقتنع المسيحيون عاجلاً بالواقع المستجدّ؟ وهل ما لجموه ووضعوه «على الرف» في الأمس، منذ «الحلف الماروني الثلاثي» ما بعد الشهابية وصولاً إلى الإنهيار الكبير، سيصبح أولويّة الخلاص غداً؟ريكاردو الشدياق
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|