لبنان يحتاج نقيض رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان
ليس من المبالغة القول إن حاكم مصرف لبنان الجديد سيكون البوصلة، لأي محاولة مقبلة للخروج من الازمة المالية والاقتصادية التي نتخبط فيها منذ 4 سنوات. صحيح أن هذا الاستحقاق لا يزال يحتاج الى نحو شهرين حتى يوضع على نار حامية، خصوصاً أن الانظار متجهة حالياً نحو معركة رئاسة الجمهورية التي تدق طبولها عالياً، الا أن البحث الجدي والحثيث فوراً عن حاكم جديد يستحق العناء، كل العناء. إن أداء ورؤية حاكم المركزي الجديد ومنهجية عمله، ومنظومة القيم القانونية والاخلاقية التي عليه أن يتمتع بها، سترسم معالم سكة الانقاذ المالي والنقدي المنشود. كون انتظام عمل القطاع المالي (المصرف المركزي والقطاع المصرفي) سيشكل العمود الفقري لاعادة بناء الدولة من جديد، بعدما تهدمت كل معالمها تقريبا جراء الازمة.
اليوم لبنان مكسور الظهر لأن مصرفه المركزي مفلس ولأن مصارفه التجارية «زومبي». لذلك من المفيد فتح نقاش حول المواصفات المطلوبة للحاكم الجديد، وعن خريطة عمله التي عليه تنفيذها، مع المعنيين من سياسيين واهل اختصاص وتجربة، والاستشراف واياهم معالم المرحلة المقبلة. بمعنى لا ضير من تلمّس الاجابة عما اذا سنكون امام حاكم يكمل نهج رياض سلامة (كون السلطة السياسية التي تسببت واياه بالازمة الحالية، لا تزال تتحكم بمفاصل الدولة وقراراتها)، أم أن الاوضاع والمتطلبات الدولية ستجبرهم على تعيين حاكم مختلف كليا هذه المرة؟
حاصباني: لا يجوز الاستمرار بنفس النهج مع ضرورة التمتع بالحيادية والخبرة الدولية
يحدّد عضو كتلة الجمهورية القوية النائب غسان حاصباني لـ»نداء الوطن»، مواصفات الحاكم المقبل بأن عليه أن «يكون حيادياً، ويتمتع بخبرة دولية في القطاع النقدي، وإلمام واسع بالشؤون الاقتصادية، ومعرفة عميقة بالوضع السياسي اللبناني ومشاكله». مشدداً على أنه «يجب أن يكون شفافاً في تعاملاته، ونزيهاً وذا مصداقية عالية، ومن اولوياته اعادة التوازن للنظام المالي والانتظام في القطاع المصرفي، واعادة هيكلة مصرف لبنان والقطاع المصرفي، ومواكبة برنامج التعافي مع صندوق النقد. إضافة الى وضع سياسة نقدية تنطلق من عدم تكرار أخطاء الماضي».
ويختم: «من الاصلاحات الضرورية تغيير النهج في تركيبة كل شيء في الادارة اللبنانية. لذلك لا يجوز التسليم بمنطق استمرارية اي نهج، أكان في السياسة النقدية او في حوكمة القطاع المصرفي، او في طريقة إدارة القطاع العام».
منيمنة: لسياسة نقدية تخدم الإنتاج لا الريع والسير بالإنقاذ وفق الإتفاق مع صندوق النقد
يشرح النائب ابراهيم منيمنة لـ»نداء الوطن» أن «من أبرز مواصفات الحاكم الجديد، قدرته على تنفيذ سياسة نقدية مختلفة تماماً عن السياسة المتبعة حالياً. أي أن تخدم هذه السياسة الرؤية الجديدة للاقتصاد اللبناني المنتج الذي نريده، وليس النموذج الاستهلاكي والريعي الذي كان قائماً». مشدداً على أن «هذا النمط يجب ان يتغير وان يقدم الحاكم المقبل رؤية تؤمن استقرار النقد الوطني. ويحرص في الوقت نفسه على عدم التدخل في السياسة المالية للدولة كونه لا علاقة له بها. ففي مرحلة من المراحل كان حاكم المركزي يتجاوز صلاحياته عبر اعطاء سلف خارجة عن القانون، التي هي احدى المشاكل الاساسية التي تسببت بالازمة، والتي تساهم حالياً في الالتباس الحاصل في تعريف الدين العام من خارج الاصول».
يضيف: «على الحاكم ان يتمتع بالمصداقية وخلفية عملية تؤهله ان يكون بهكذا منصب، لأنه سيواجه تحديات كبيرة متعلقة باعادة هيكلة المركزي والقطاع المصرفي ككل، وان يتسم عمله بالشفافية في مقاربة القوانين والمعايير العالمية، وهذا ما كان غائباً كلياً عند الحاكم سلامة مما خلق اشكالية كبرى في البلد». مشيراً الى أن «خريطة عمله يجب أن تتمحور حول اعادة هيكلة مصرف لبنان بشفافية كبيرة، ووفقاً للمعايير الدولية والحوكمة الرشيدة، واعادة هيكلة القطاع المصرفي وضبط ايقاعه بطريقة مختلفة عما هي حالياً، واستعادة الثقة بالعملة الوطنية اي وضع سياسة نقدية جديدة متماشية مع المعطيات النقدية الجديدة لاعادة الثقة بها».
يلفت منيمنة الى أن «صندوق النقد يضع خريطة طريق للانقاذ بالتعاون مع الجهات الرسمية اللبنانية مثل مصرف لبنان والحكومة، ويراعي الخصوصية اللبنانية في خطته. وعلى الحاكم الجديد الالتزام بهذه المعايير وينفذها بكل شفافية»، مشيراً الى أنه «في حال لم يأت حاكم على القدر المطلوب من المهنية والشفافية والتحدي، لن تتمكن الدولة اللبنانية من القيام بأي خطوة انقاذية، لأنه لم يعد هناك مصرف مركزي حالياً، بل هناك حالة افلاس ونحن بمرحلة اعادة بناء».
ويختم: «لا اعرف ما هو موقف الطبقة السياسية من مواصفات الحاكم المقبل، لكن لكي نستعيد الثقة هناك مسار واضح يجب ان نسير فيه، وهو نقيض الممارسات التي كانت سابقاً، واذا اصرت هذه القوى على تعيين شخص لا يتماشى مع المعايير الدولية وصندوق النقد، فهذا يعني أننا امام مشكلة كبيرة جداً».
ضو: وقف نزيف الليرة أولاً... ومصارحة اللبنانيين عن ممارسات الـ30 سنة الماضية
يشدّد النائب مارك ضو لـ»نداء الوطن على أن «على الحاكم الجديد أن يتمتع بالنزاهة، وان تكون لديه خبرة عصرية في ادارة الامور المالية والاسواق النقدية، وخاصة في ما يتعلق بالابعاد القانونية للحفاظ على اعادة بناء القطاع المصرفي، بما يتوافق مع الشروط العالمية الجديدة، ولا سيما في ما يتعلق بمحاربة تبييض الاموال وتمويل الارهاب».
يضيف: «كمعيار سياسي، عليه أن يكون مستقلاً في قراره السياسي، ومستعداً للعمل بشكل منفصل بالكامل عن السلطة التنفيذية. بمعنى أن يكون قراره مستقلاً عن احتياجات وضرورات هذه السلطة، وأن لا يقدم خدمات لها، بل يكون جزءاً من آليات المحاسبة لعملية الصرف الحكومي، وأن يبدي آراء فعالة في الحفاظ وحماية الليرة اللبنانية». مؤكداً أن «أول مهمة هي وقف تدهور الليرة اللبنانية، ومحاولة وضع سعر موحد لها مقابل الدولار، وانهاء منصة صيرفة بشكل كامل وتحويل كل التبادل الى السوق الحرة كما يجب، وانهاء التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، وتقديم تقرير مصارحة للبنانيين عما جرى فيه خلال 30 عاماً، وكيف أنفقت الاموال ومسؤوليات المركزي والدولة والمصارف في هذا الموضوع».
يرى ضو أن «الاهم هو وضع أسس عصرية لدور المركزي، بعيداً عن التجارة والحركة الاقتصادية لناحية دعم قطاعات وتمويل اخرى وتقديم قروض لها، واعادة التركيز على السياسة النقدية وليس الاقتصادية»، مشدداً على أنه «لا احد يمكن ان يأتي على نسق سلامة، لأن الظروف الموضوعية مختلفة، فهو راكم نفوذاً على مدى ثلاثين 30 عاماً، والحاكم الجديد لن يأتي من نفس هذا النسق، لكن السؤال الكبير، هل هو مستعد للحفاظ على استقلاليته ام سيكون تحت رحمة وخدمة القوى السياسية لارضائها؟».
ويختم: «أهم مهمة له هو الضغط لانجاز الاتفاق مع صندوق النقد، لاعادة احياء الاقتصاد الوطني وتثبيت الاسواق المالية في لبنان، والمهمة الاكبر هي تحديد ما يمكن اعادته من اموال المودعين».
نجار: لبنان يحتاج الى صدمة معنوية وسياسية ومالية ونقدية كبيرة... جداً
يؤكد الوزير السابق ابراهيم نجار لـ»نداء الوطن» أن «أولى مواصفات الحاكم المقبل هي الخبرة ونظافة الكف. ويجب ان يكون متمرساً بالشؤون المالية، لأن وظيفته هي تطبيق قانون النقد والتسليف، اي الدفاع عن الليرة اللبنانية وهذا هو اساس مهمة القانون». موضحاً أن «مصرف لبنان ليس مصرفاً تجارياً، بل مؤسسة مهمتها اصدار العملة اللبنانية والحفاظ عليها، والمواصفة الاولى لدى الحاكم يجب ان تكون خبرة طويلة في الشؤون المالية والنقدية، وأن يكون مستقلاً عن كل الافرقاء السياسيين».
يرى نجار أنه «من اجل حماية الليرة اللبنانية، من الضروري توفير مناخ من الثقة. وهذا الامر لا يمكن ان يتحقق الا من خلال ايداع بضعة مليارات من الدولارات لدى مصرف لبنان، وهذا الايداع غير ممكن حالياً الا من خلال صندوق النقد. لذلك يجمع المراقبون على ضرورة تجاوب لبنان مع اصلاحات الصندوق»، مشدداً على أنه «حتى اليوم لا نعرف ما هي الطلبات الدقيقة التي يطلبها الصندوق، ولا نعرف اذا كان تعديل قانون السرية المصرفية أتى وفق المواصفات المطلوبة، وهل انشاء الصندوق السيادي وارد وما اذا كان المودعون هم الذين سيتحملون الخسائر الاكبر».
يضيف: «شخصياً اعتقد ان الحكومة عوضاً عن ان تقدم للبرلمان رزمة متكاملة ومنطقية تتفق مع متطلبات الصندوق، قامت بالتشريع بالتقسيط مما أدى الى تفتت موقف الحكومة. وقد استفاد المركزي من هذا الامر للقيام بدور تشريعي غير مؤهل للقيام به».
ويختم: «لبنان يحتاج الى صدمة معنوية سياسية ومالية ونقدية كبيرة، ولا يمكن الاستمرار ابداً على النهج الذي تم السير عليه منذ سنوات ابداً».
مرهج: بصلابة ادمون نعيم ورؤية الياس سركيس وأخلاقية سليم تقلا
من جهته يرى الوزير السابق بشارة مرهج لـ»نداء الوطن» أن «المطلوب حاكم يتقيد بالقانون ويكون قوياً على المنظومة الفاسدة ومنحازاً للشعب ولليرة اللبنانية، بمعنى آخر نريد حاكماً لديه المواصفات معاكسة لمواصفات الحاكم الحالي الذي كان متساهلاً جداً مع الطغمة المالية، حيث كان يعوّض عليها خساراتها وتوظيفاتها الفاشلة»، مشدداً على أننا «نريد حاكماً يكون الاقتصاد اللبناني هاجسه، وليس الوضع المالي لبعض المصارف والنافذين. وان يحافظ على القوة الشرائية لليرة اللبنانية والتأني في طباعتها، وتفعيل كل الهيئات المختصة بمراقبة المصارف، وأولها لجنة الرقابة على المصارف والمجلس المركزي، بدلاً من اختصار كل ذلك بشخص الحاكم كما يحصل اليوم».
ويعتبر مرهج أن «هذا يرتب مسؤولية على اعضاء المجلس المركزي، ومدير عام وزارتي المالية والاقتصاد ومفوض الحكومة لدى المركزي، لأننا لم نسمع لهم مواقف حاسمة في مواجهة كل الانحرافات التي حصلت في عهد سلامة والتي دفع ثمنها الشعب اللبناني».
يضيف: «على الحاكم الجديد ان يكون بصلابة ادمون نعيم وبرؤية الياس سركيس وبأخلاقية سليم تقلا. أخشى ويخشى معي كثيرون أن تنصب جهود الطبقة الحاكمة التي فشلت في استنهاض الاقتصاد الوطني، على اختيار حاكم جديد يستكمل النهج الذي بدأه سلامة والتزم به، وهو نهج خضوع المؤسسات المالية والمصارف للاقطاع السياسي».
نعمان: مستقل عن أي فئة وحزب وجماعة من أي نوع كان
يرى الوزير السابق عصام نعمان لـ»نداء الوطن» أن اهم المواصفات التي يقتضي ان يتصف بها حاكم مصرف لبنان المركزي هي الخبرة الطويلة في العمل المصرفي التي تمكّنه من الاحاطة بالظروف والمشاكل والتحديات التي تواجه العمل المصرفي في لبنان بهذه الفترة، وان يكون مستقلاً عن اي حزب او فئة او جماعة لها مواقف معينة، بصرف النظر عن مضمونها كي لا يتأثر بها وتؤثر على قراراته ومواقفه، وأن يتصف بنظافة الكف والاستقلالية وبخلفية مهنية ولا يشوبها أي شائبة».
ويشدد على أن «المصلحة الوطنية العليا تفرض أن يتخذ الحاكم أو السلطة المختصة القرارات اللازمة، حتى وان كان هناك ظروف تمنع الالتزام القسري والضيق بأحكام قوانين نافذة، فأنا من القائلين بنظرية الظروف الاستثنائية وهي أنه يمكن تعديل النص او الخروج عنه بقليل أو بكثير، على نحو يؤمن بالتأكيد المصلحة الوطنية»، معتبراً أن «المشكلة في لبنان هي في نزاع حول من بامكانه اتخاذ القرار، ونحن في حالة لاقرار. وبالتالي يقتضي أن تكون هناك سلطة سياسية أو اقتصادية شرعية ومشروعة وقادرة على اتخاذ القرار المناسب، فهل لدينا في لبنان مثل هذه السلطة؟ اشك في ذلك».
عياش: من لديهم المؤهلات المطلوبة يمتنعون عن قبول المنصب حالياً
من جهته يلفت النائب السابق لحاكم مصرف لبنان غسان عياش لـ»نداء الوطن» أن «معظم الشخصيات التي تتمتّع بالمؤهلات المطلوبة تمتنع عن قبول المنصب، لمعرفتها بحجم التحديات التي تواجه الحاكم الجديد بعد انتهاء ولاية الحاكم سلامة»، موضحاً أن «اختيار حاكم مصرف لبنان هذه المرة مسؤولية دقيقة تترتّب على الدولة، أو ما بقي منها على قيد الحياة. فمصرف لبنان، كما بينت التجربة، هو حجر الزاوية ليس في النظام النقدي وحده بل في الحياة الاقتصادية ككل، بعدما تخلت الحكومات في معظم المراحل السابقة عن أدوات وخطط السياسات الاقتصادية، وتركت كل المعضلات الاقتصادية والاجتماعية على عاتق السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف. يضاف إلى ذلك المهام التي تنتظر مصرفنا المركزي في المرحلة المقبلة، التي يفترض أن تكون مرحلة إعادة إحياء الاقتصاد اللبناني، وإنعاش النظام النقدي وهيكلة النظام المصرفي ليعود إلى الحياة».
يضيف: «على الممسكين ببقايا السلطة فهم مصرف لبنان ودوره وأهمية استقلاليته قبل اختيار الحاكم الجديد. ولا يجوز اختياره هذه المرة دون الاتّعاظ من التجربة المريرة التي يعيشها النظامان النقدي والمصرفي منذ عدة سنوات. فلا يجوز بعد كل ما حدث اختيار الحاكم المقبل على قاعدة المحاصصة الطائفية والسياسية، كما يطالب «التيار الوطني الحر»، على ذمة وسائل الإعلام»، مؤكداً أنه «يجب التشدد في فرض المعايير الصارمة، المهنية والموضوعية والأخلاقية في اختيار أوّل حاكم بعد الكارثة، بحيث تتوفّر لديه السمعة الحسنة والمناعة الأخلاقية والشخصية القوية والقدرة على قول الحق في كل حين دون أن يخشى غضب السلطان، أو السلاطين. ويجب التأكد من أنه لا يميل إلى كسب ود رجال السياسة، والمصارف والمؤثرين في الرأي العام عن طريق توفير العطاءات السخية لهم، على حساب المال العام أو عن طريق التفريط بسلامة الوضع المالي لمصرف لبنان».
ويختم: «أثبتت التجربة المريرة أن كل ضعف في ميزانية المصرف المركزي تفوق بأضرارها أضعافاً مضاعفة الوهن في مالية الدولة، لأن المصرف هو خط الدفاع الأوّل عن ملاءة البلد ككل، وهو حارس المجتمع ضد الفقر والتضخم والبطالة. فإذا ضعف الحارس أو هزلت بنيته تصبح أبواب البلد مشرّعة أمام أخطر المخاطر».
عطية: لا شيء يمنع اللجوء الى شخصية غير لبنانية في هذه المرحلة الانتقالية
يرى الدكتور عبدالله عطية (خبير اقتصادي وعضو سابق في لجنة الرقابة على المصارف ورئيس وحدة دعم حكومة الرئيس سليم الحص)، أنه «قبل استعراض المواصفات من المفيد التذكير بوظائف المصرف المركزي الذي يرأسه الحاكم»، ويقول لـ»نداء الوطن»: «اعتبر احد الاقتصاديين المشهورين ان المصرف المركزي هو من اهم ثلاثة اختراعات عرفها التاريخ البشري، الى جانب اختراع النار والدولاب. وبالفعل يستحق المصرف لقبه بالمركزي، نظراً للمركز الخطير الذي يحتله في قلب النظام النقدي. ففي جميع البلدان ذات الاقتصاد المبني على السوق، يتواجد مصرف مركزي على رأس المصارف والشركات المالية،حيث يعهد اليه أولاً بمهمة ضبط ومراقبة عرض النقد، اضافة لكونه مصرف المصارف ومصرف الدولة ومنظماً وداعماً للأسواق المالية».
يضيف: «يتربع الحاكم على رأس هذه المؤسسة الهامة، مما يوجب عليه ان يتحلى بمواصفات تتلاءم مع المهام الملقاة على عاتقه، اولى هذه المواصفات على الصعيد المهني، أن يكون ضليعاً بالقانون ويتمتع بثقافة اقتصادية عميقة، او العكس، أن يكون اقتصادياً لامعاً مع ثقافة قانونية عميقة. وأولى المواصفات على الصعيد الاخلاقي والمناقبي أن لا يخجل حاضره من ماضيه، كفوء، نزيه وغير ناقم». ويؤكد عطية أنه «تحلى بهذه المواصفات معظم حكام المصارف المركزية الناجحة في العالم. ونظراً لاهمية هذا المركز لجأت اهم الدول الى الاستعانة بأجانب كحاكم لمصرفها المركزي، وهذا ما قامت به انكلترا. اما في بلبنان، فإن الوضع الاستثنائي والسوريالي الذي نتخبط به، وخاصة على الصعيد المالي والنقدي، يفرض الاستعانة بشخصية استثنائية تتمتع بوضوح الرؤية، والتصميم على انتشال لبنان من أعتى ازمة مالية شهدها بلد في التاريخ الحديث، ولا شيء يمنع باللجوء لشخصيات غير لبنانية في هذه المرحلة الانتقالية».
يرى عطية أن «خريطة عمل الحاكم الجديد يجب أن تتمحور حول إعادة هيكلة المصرف المركزي، واعادة النظر بصلاحيات الحاكم، وتقليص اهداف السلطة النقدية وحصرها بالشأن النقدي فقط، أي سلامة النقد ومحاربة التضخم. ومنح لجنة الرقابة الاستقلالية المالية والمكانية عن المصرف المركزي، وتخفيض عدد المصارف وإجبارها على الدمج وتصفية من لا يتمكن من تطبيق شروط المصرف المركزي، وإجبارها (المصارف) بأن تكون شركات مساهمة مع مجلس ادارة ومجلس رقابة (conseil de surveillance)، وعلى أن يكون 25 بالمئة من مجلس ادارة المصرف من غير المساهمين، اي من اساتذة الجامعات المحترمة ومن مديري الشركات الخاصة الناجحة، وتوسيع صلاحيات مؤسسة ضمان الودائع وتسهيل عمل القضاء لمساءلة ومحاسبة المرتكبين».
ويختم: «نحن امام احتمالين، اذا سرنا على نفس الدرب سيستمر التدهور، فمن دمّر لا يمكن أن يعمّر، أو أن يكون لدينا حاكم يملك الرؤية والتصميم على اعادة الثقة ببناء القطاع المصرفي في لبنان، فاذا سرنا على نفس الدرب لن نصل الى اي مكان».
رياشي: تطبيق شروط صندوق النقد رغم اعتراض السياسيين وكبار المودعين
يشدّد المصرفي جان رياشي لـ»نداء الوطن» على أن «الصفة الاولى للحاكم المقبل هي ان يتمتع بالجرأة التي تخوله عدم الانصياع لمتطلبات السياسيين ولا للحسابات الشعبوية ولا لضغوطات المصارف، لأن هناك اصلاحات يجب ان تتم. والمفروض ان يكون مقتنعاً ببرنامج صندوق النقد الدولي، واعادة هيكلة المصارف واجبارها على القيام بذلك بالرغم من ان ذلك موجع لكبار المودعين، وبالرغم من معارضة السياسيين لذلك»، مشدداً على أنه «عليه أن يوقف سياسة الترقيع والمسايرة للأطراف السياسية، وان يكون متيقنا أن الوضع المالي والنقدي في لبنان، يحتاج الى عملية جراحية توجع الجميع لكنها الوسيلة الوحيدة كي يتعافى البلد».
يضيف: «الصفة الثانية، هي أن يكون مقتنعا ان ليس من وظيفة مصرف لبنان تمويل الفساد واثراء المصرفيين، وبتطبيق قواعد الحوكمة السليمة وليس التنفيعات، أي أن يتمتع بعقل قانوني ولا يتورط بتجاوزات ويحترم قانون النقد والتسليف والقوانين اللبنانية. اما الصفة الثالثة فهي ان يكون متخصصاً في المال والاقتصاد والقانون، وان تكون لديه خبرة بالاسواق المالية العالمية ويعرف كيف يدار مصرف مركزي، وان يتمتع بعلاقات دولية مع كبار المؤسسات والسلطات المالية العالمية وان يتمتع بمصداقية عندهم».
ويضيف: «ما يطرح من اسماء اليوم، بالرغم من كفاءاتهم المشهودة، الا أنهم لا يتمتعون بميزة التعامل مع الخارج بسهولة. الاقتصاديون اللبنانيون التقليديون لن يتمكنوا من القيام بهذه المهمة. وخريطة عمل الحاكم الجديد يجب ان ترتكز على خطة عمل صندوق النقد الدولي. لأنه لا يمكن الاستمرار بسياسة الترقيع والهروب الى الامام»، مشدداً على أنه «اذا كنا نريد بناء قطاع مصرفي سليم ونحد من انهيار الليرة وحماية الودائع على الاقل بالمستقبل، علينا تطبيق اصلاحات صندوق النقد. ولا يمكن ان يعاود الاقتصاد اللبناني تعافيه من دون هذه الاصلاحات، لأن الاقتصاد اللبناني يقوم اليوم على التهريب، وتبييض الاموال وتوسع اقتصاد الكاش، ولا يمكن الاستمرار على هذا المنوال. فصحيح ان الحركة الاقتصادية عادت للتحرك في البلد، لكن ليس على اسس سليمة، لأن هذا الامر سيجر عقوبات على المصارف وعلى مصرف لبنان».
ويختم: «أنا اعوّل على الضغوطات الدولية، وبحسب اتصالاتي فهي جدية جداً لجهة التمسك بحاكم يتماهى مع متطلبات الاصلاحات المطلوبة وليس السير على النهج السابق، ويحكى عن عقوبات على السياسيين من قبل الدول الغربية في حال استمر النهج نفسه. ان اهمية منصب حاكم مصرف لبنان بالنسبة لتلك الدول اكبر من موقع رئاسة الجمهورية».
باسمة عطوي - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|