ثلاث فئات مسؤولة عن عدم سداد اليوروبوندز
التسجيل الصوتيّ المسرَّب للواء عباس ابراهيم لم يحمل جديداً يُعتدّ به، إذ يدرك القاصي والداني ان لبنان أخطأ كثيراً بتعليق سداده سندات اليوروبوندز في العام 2019 مما ادى الى تعميق انهياره المالي الذي لا تزال تداعياته ماثلة الى اليوم على المودعين، باستثناء قلّة منهم نقلوا اموالهم الى الخارج، أو تلك المجموعة من المستشارين الذين أقنعوا طبقة حاكمة جاهلة بعدم السداد بعدما اشتروا عقود تأمين على السندات وحققوا ارباحا طائلة، ثم غابوا عن المشهد، وعن البلد ككل، ليتنعّموا بخيرات حقّقوها من اجراءات حرام. واذا كانت النية المعلنة توفير الاحتياط المسمّى الزامياً، والذي كان يبلغ نحو 30 مليار دولار، فان النتائج جاءت عكسية تماما إذ لم يتبقَّ من هذا الاحتياط إلا سبعة مليارات اليوم، وفقد المواطنون ودائعهم، بعدما استُعمل هذا الاحتياط الذي هو حقّ للمودعين، لسداد مصاريف الدولة. وتفخر حكومة الرئيس حسان دياب بأنها لم تصرف من ذلك المال على الدعم إلا نحو 8 مليارات دولار، لكنها تتناسى ان سياسة الدعم لم يكن ممكناً وقفُها بعد الازمة، ما استنزف مبالغ اضافية.
قال اللواء ابراهيم في التسجيل المسرَّب، إن الجريمة الكبرى التي ارتُكبت تمثلت في الامتناع عن دفع سندات اليوروبوندز. ويروي كيف اتصل به الحاكم رياض سلامة متوسلاً اقناع السياسيين بعدم المضيّ بهذا الخيار الانتحاري، وكيف جال ابراهيم على هؤلاء ليجد أنهم على اقتناع تام بالمضيّ في قرارهم.
وقد كتب وزير المال (آنذاك) غازي وزني مقالا في "النهار" ادّعى فيه ان "توافقاً وطنياً تم في اجتماع عُقد في بعبدا في 7 آذار 2020 برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيسي مجلس النواب ومجلس الوزراء ونائبة رئيس الحكومة ووزيرَي المال والاقتصاد وحاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف، وخلص الى اصدار بيان يؤكد وقوف الحاضرين بالاجماع الى جانب الحكومة في أي خيار ستعتمده في مجال إدارة الديون باستثناء دفع الديون المستحقة".
لكن هذا التوافق تنفيه الحاكمية وجمعية المصارف معا، اللتان تعتبران أن القرار فُرض فرضاً في الاجتماع، وان وزني ايضا كان معترضا عليه، علما ان الرئيس دياب كان اكد قبل مدة للجهتين وللجنة المال والموازنة واتحاد الهيئات الاقتصادية رفضه القرار لأنه "تدميري".
وصنّف ابراهيم الذين اتخذوا القرار المشؤوم بثلاثة: أولاً الاغبياء، وثانياً الذين فكروا باستعادة الحكم الشيوعي وما اليه، وثالثاً والأهم الذين استفادوا من الاجراء، "بعدما عرفنا مين استفاد ومين طلّع مصاري".
وكلام ابراهيم عن الفئة الثالثة ليس هباء بل من مصدر العارف ببواطن الامور، وهذا الامر يستدعي اعادة فتح الملف، لمحاسبة المرتكبين، سواء أكانوا من الرؤساء، أم من الوزراء، وخصوصا المستشارين والمديرين الذين هللوا للمشروع الانتحاري، في لحظة من الزمن، قبل ان يختفوا عن المشهد، ويغادروا البلد بما تيسر حمله وتحويله.
ولعل من المفيد السؤال عن هوية هؤلاء، ثم التحقيق في توقيت اندفاعتهم المشكوك فيها، والتدقيق في دوافعهم، وربما ارتباطاتهم الخارجية، وكيفية وصولهم الى مراكز الاستشارات اللصيقة بالرؤساء، والسؤال عن ارصدتهم في الخارج، وعن ثروات مشبوهة يُحكى عنها.
قد تكون تلك الاسئلة ظالمة بحقّ بعضهم، لكن لا يمكن تبرئتهم من دون تحقيق شفاف، خصوصا ان الفعل المرتكَب يرقى الى مستوى الجريمة، وربما الخيانة الوطنية.
يقول وزني: "ان قرار التخلف عن السداد ليس هو المسؤول عن الازمات التي انفجرت في نهاية 2019..."، صحيح هذا الامر، لكنه ليس قرينة براءة للإجراء ولأصحابه.
"النهار"- غسان حجار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|