الصحافة

“الحزب” المحاصر… خائف!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ما بعد 27 تشرين الثاني 2024 ليس كما قبله، وهذا ما يعرفه جيداً “حزب الله”، فالعصر الايراني بدأ بالأفول، والتغييرات التي حصلت في الشرق الأوسط بدءاً من غزة مروراً بلبنان وصولاً إلى سوريا ليست صدفة، إنما تأتي في إطار رسم خريطة جديدة للمنطقة محورها الأساسي ضرب الأذرع العسكرية الايرانية والحدّ من نفوذ طهران إلى حد كبير.

وما بدأ مع حركة “حماس” من تفكيك لبنيتها العسكرية، إستكمل في لبنان مع “الحزب”، ولو حاول قياديوه الإنكار واستخدام شعارات الانتصار الجوفاء، بل أصبح، بعد إنهيار النظام السوري، في أسوأ أوضاعه العسكرية، عندما قُطعت طرق الامدادات بينه وبين إيران. بمعنى آخر، لقد فقد “الحزب” بُعده الاستراتيجي الذي مكّنه سابقاً من المشاركة في كل حروب المنطقة.

لا شك في أن “الحزب” أصبح محاصراً، فإتفاق وقف إطلاق النار يتيح لإسرائيل مراقبته جواً والتدخل عسكرياً عندما يتجاوز بنود القرار 1701، والدعم الأميركي متوافر لها على نحو غير مسبوق بعد انتخاب الرئيس دونالد ترامب، والجيش اللبناني مُكلّف بتفكيك ما تبقّى من بنية عسكرية له في جنوب الليطاني وشماله، وهذا ما يفعله تدريجياً، والفصائل السورية السنيّة المتشددة تسيطر على سوريا، وبالتالي هناك شعور لدى بعض مسؤولي “الحزب” أنه مهدد، وهذا ما يُبرر تمسّكه بالسلاح في شمال الليطاني.

هذا الكلام لم يأتِ من العدم، بل استنتجناه من لقاء مع مفكّر قريب من “الحزب” ويؤمن بعقيدته وسياسته، وهو يعتبر أن “الحزب” كان يُراهن على حلف الأقليات أو يستثمر فيه كمرحلة من المراحل، للوصول إلى مشروعه وتكريس معادلاته، إلا أنه فجأة رأى هذا الحلف يتهاوى، بل قُطِعَت الأوصال بينه وبين ايران وباتت أوضاع الأذرع العسكرية المشابهة له في الويل، سقط النظام السوري، وتلقى “الحزب” الضربة تلو الأخرى، الأولى على يد اسرائيل والثانية من الفصائل السنية السورية المعادية له.

وفي المشهد العام، يبدو “الحزب” مطوّقاً من اسرائيل وسوريا والبحر الأبيض المتوسط، وهو كان يعتمد في حربه ضد اسرائيل على العمق السوري الذي وفّره له نظام بشار الأسد منذ الثمانينيات وحتى اليوم، لكن يرى المفكّر الممانع أن “الحزب بات يشعر بالضعف، على الرغم من كل شعاراته الفضفاضة عن الانتصار، وكبرت هواجسه بعدما سيطر الإسلام السنيّ على سوريا، وهذا ما ستترتب عليه عواقب استراتيجيّة، حتى أن النفوذ الروسي يكاد يتلاشى لصالح النفوذ التركي.

ولا يُخفى على أحد أن “الحزب” خائف من عودة تنظيم الدولة الاسلامية الذي قد يستغل الوضع الفوضوي في سوريا. وهذا يعني أن “الحزب” سيستخدم المخاوف من “داعش” والمتطرفين كذريعة للتمسّك بسلاحه، وهو كان يُبرر مشاركته في الحرب السورية بأنه يحمي ظهر لبنان من الإرهابيين!

ويؤكّد المفكّر المقرّب من “الحزب” أن النظام الجديد الذي سينشأ في سوريا لن يكون صديقاً لـ”الحزب” بعد كل ما فعله دفاعاً عن الأسد خلال الحرب السورية، وحتى إذا حصلت مواجهة بين “الحزب” واسرائيل في المستقبل، لن يتمكن اللاجئون الشيعة من النزوح نحو سوريا. ويضيف:”هناك حالة عدم ثقة من حزب الله بكثير من السنّة في لبنان الذي يتعاطفون مع هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني، وتمتد حالة عدم الثقة إلى بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية المحسوبة سياسياً، كما يزعم الحزب، على السُنّة”.

هذا الكلام للمفكّر الممانع لا يُطمئن بتاتاً، فـ”الحزب” يبحث عن الذرائع للمحافظة على سلاحه، علماً أن عقيدته تتناقض مع مفهوم الدولة، وبالتالي هو لا يؤمن بجيشها وأجهزتها إلا إذا كانت بإدارة سياسية مواليه له. وهو يحضّر سلسلة اتهامات للحكومة السورية الجديدة كتوفيرها ملاذاً للسلفيين اللبنانيين لإثارة اشتباكات مع “الحزب”، وسيُقال إن هؤلاء موجودون في طرابلس وعكار ووادي البقاع. علماً أن السلطات الجديدة في سوريا أكّدت أنها تحترم سيادة لبنان واستقلاله، عكس نظام بشار الأسد، الذي لم يعترف بهما يوماً.

ويلفت المفكّر الممانع إلى أن لدى “الحزب” مخاوف حقيقية من أن يشعر السنّة اللبنانيون بالتفوّق من خلال هزيمة النظام العلوي على يد سُنّة سوريا لزيادة نفوذهم السياسي والاقتصادي في لبنان على حساب المكوّنات الأخرى. ويعتبر أن هذه المكوّنات لديها تاريخ طويل في الاستقواء بالخارج ولا يعفي طائفته الشيعية من هذا الاستقواء طوال المرحلة السابقة، فيما أثبتت الوقائع أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، ولا بديل عن مشروع الدولة.

إن “الحزب” لا يمكنه التخلي عن سلاحه في الوقت الحاضر، وفق المفكّر الممانع، لأنه يُشكّل الضمانة الوحيدة له في ظلّ التقاء العمليات العسكرية الاسرائيلية الثابتة والمستدامة من جهة، والعداء السوري من جهة أخرى. ويشير إلى أن “من المرجّح أن يسعى معظم منافسي الحزب اللبنانيين، بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، إلى الافادة من نقاط ضعفه وتفاقمها، كلّما تقلّصت قدراته العسكريّة وإمكاناته الاقتصادية”.

لكن كل هذه المخاوف التي يتخبّط فيها “الحزب”، لن تكون مصدراً للقلق إذا بنى علاقة ثقة مع مؤسسات الدولة اللبنانية بالتساوي مع كل القوى السياسية الأخرى التي وقفت إلى جانب بيئته خلال الحرب، وبالتعاون مع المؤسسة العسكرية التي، إن وضع ثقته بها ودعمها سياسياً، ستكون قادرة على حمايته من الخطرين الاسرائيلي والسوري.

لبنان الكبيؤ

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا