السنيورة يتحدث عن "فرصة تاريخية" لسوريا
في مقابلة مع "الجريدة"، قدم رئيس الوزراء اللبناني السابق، فؤاد السنيورة، تحليلاً شاملاً حول الأوضاع في سوريا ومستقبل المنطقة، مشددًا على أن سقوط نظام بشار الأسد يمثل "فرصة تاريخية" لإعادة بناء دولة سورية مدنية وديمقراطية. كما تطرق السنيورة إلى دور العرب في تعزيز السلام في المنطقة، مؤكداً أهمية موقف عربي موحد في مواجهة التحديات الراهنة.
وقال السنيورة عن الأحداث التي شهدتها سوريا خلال السنوات الماضية: "ما جرى في سوريا يمكن وصفه بـ 'زلزال'، وهدم لجدار برلين العربي. لقد حول الأسد سوريا إلى سجن كبير وفرض سلطته عبر الابتزاز والتهديدات على دول الجوار، كما تسبب في فوضى وحروب أهلية في لبنان والعراق، مما ألحق أضرارًا كبيرة بمنطقتنا العربية. سقوط نظام الأسد يُعدّ بمثابة فرصة هامة للعودة إلى أصول الحكم الديمقراطي المدني في سوريا بعيدًا عن العصبيات الدينية والطائفية".
وأضاف السنيورة أن "سوريا بحاجة إلى تحول سياسي جذري، حيث يجب أن تصبح دولة لكل السوريين، بعيدا عن دعوات التقسيم والتفتيت. لا بد من بناء حكومة مدنية ديمقراطية تحترم كافة المكونات الوطنية وتحقق العدالة في التعامل معها".
حول هيئة تحرير الشام، التي أصبحت أحد اللاعبين الرئيسيين في الصراع السوري، شدد السنيورة على ضرورة التصرف بحكمة لتجنب تكرار الأخطاء السابقة، وقال: "من الواجب على هذه المجموعة أن تحرص على عدم استبدال نظام شمولي بآخر، بل يجب أن تركز على ضبط الأمن وإنشاء إدارة مؤقتة توفر الخدمات لجميع المواطنين". وطالب بضرورة تجنب الانزلاق في مشروع أيديولوجي قد يعيد سوريا إلى دوامة الصراع والطائفية.
وأضاف السنيورة: "التحدي الأكبر في هذه المرحلة هو إيجاد إطار زمني انتقالي يحدد مسار سوريا في المستقبل، ويعزز الانتقال السلمي من نظام دكتاتوري إلى نظام مدني يعكس تطلعات الشعب السوري في بناء دولة ديمقراطية".
أكد السنيورة أن الموقف العربي تجاه سوريا في المرحلة المقبلة سيكون حاسمًا، وقال: "هناك حاجة ماسة لمبادرة عربية سريعة لاحتضان سوريا والشعب السوري، بعيدًا عن محاولات الاختطاف الأيديولوجي. يجب على الدول العربية، وخاصة السعودية ومصر، التواصل مع القيادة السورية الجديدة للمساهمة في إعادة بناء سوريا بشكل سلمي يضمن احترام جميع مكوناتها الوطنية".
كما أشار إلى أن إعادة فتح السفارات العربية في دمشق خطوة إيجابية، مع التأكيد على ضرورة وضع إطار زمني لتحديد مسار النظام السياسي في سوريا، بعيدًا عن أي محاولات لإعادة تكرار النموذج الدكتاتوري.
حول دور إيران في المنطقة، دعا السنيورة إيران إلى إعادة تقييم سياستها والابتعاد عن محاولات الهيمنة على الدول العربية عبر أذرعها العسكرية، وقال: "إيران يجب أن تكون دولة طبيعية تحترم مصالح جيرانها، بعيدًا عن التدخل في شؤون الدول العربية. لن تقبل الدول العربية أن تستمر إيران في التدخلات العسكرية عبر أذرعها في المنطقة. يجب أن تُبنى علاقات جديدة مع إيران على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية".
أما بشأن الاحتلال الإسرائيلي لمناطق في جنوب سوريا وجنوب لبنان، فقد اعتبر أن إسرائيل تواصل مشروعها التوسعي، معتبرًا أن توسيع الاستيطان في الجولان السوري المحتل إشارة إلى سياسة إسرائيل العدوانية. وقال: "إسرائيل تكشف مرة أخرى عن نواياها التوسعية. هذا التوسع في الأراضي السورية المحتلة، وإلغاء اتفاقية فض الاشتباك، يؤكد مجددًا إصرار إسرائيل على التوسع، وهو ما يستدعي من الدول العربية اتخاذ موقف موحد لصد هذه الأطماع".
وطالب بضرورة تنفيذ المبادرة العربية للسلام التي تم إقرارها في قمة بيروت عام 2002، مؤكدًا أن ذلك يجب أن يترافق مع تعزيز الدولة اللبنانية واستعادة الثقة في المؤسسات اللبنانية عبر انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
في الختام، شدد السنيورة على أن المنطقة أمام تحديات كبيرة، إلا أن الأمل ما زال قائمًا في بناء دول ديمقراطية مدنية تحترم حقوق الإنسان وتؤمن بالمواطنة كأساس في علاقات الدول مع شعوبها. وقال: "من الضروري أن يعمل الجميع على بناء نظم حكم مدنية وديمقراطية في سوريا وبقية الدول العربية، مع التأكيد على التعددية واحترام حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|