عون يلتقي وفداً من الكونغرس الاميركي.. وتشديد على سيطرة الجيش على كامل الاراضي
التوقيت يفصل بين تشييع نصرالله وتشييع الحريري
"لبّيك يا نصرالله"، عبارة تختصر مشهدية الأحد المقبل في تشييع الأمين العام السابق لـ "حزب اللّه" السيّد حسن نصراللّه. الطائفة الشيعيّة تودّع قائدها ومن صنع لها أمجاداً ولو بسواعد غير لبنانية، لكنّ الطائفة التي كانت محرومة في يوم من الأيام، باتت الحاكمة بأمرها في لبنان، وبتنا نحن المحرومين من الأمن إلى نهائية الكيان، وكلّ هذا بفضل حسن نصراللّه.
الأحد، ستمتلئ المدينة الرياضية بجمهور حسن نصراللّه الذي أحبّه، وقرّر أن يفترش الصقيع في وداعه، لكنّ مشهدية عشرات الآلاف من المشاركين لن تكون إلّا في وداع نصراللّه. هذه المشاركة ليست تجديداً للبيعة، وليست موافقة من الطائفة على التمسّك بالسلاح، وليست دعماً لغزّة وليست إعلاناً للحرب، بل اعترافاً بالمعروف وبأنّ من صنع للطائفة مجدها، يستحقّ زحفاً شيعيّاً إلى بيروت لوداعه.
تشييع نصراللّه لم يخدم صورة الأمين العام لـ "حزب اللّه" على المستوى الوطني من حيث التوقيت. والتوقيت هنا، ليس توقيت التشييع بل الاغتيال. فالرجل كان بعد تحرير جنوب لبنان عام 2000، زعيماً وطنياً وعربياً أيضاً، واستطاع أن يُقنع العديد من سنّة المنطقة ومسيحيّيها بقوّته وبرؤيته.
لكن منذ اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وتوجيه أصابع الاتّهام إلى "حزب اللّه"، وترهيب سياديّي "ثورة الأرز" بالقتل والتهديد، تراجع رصيد نصراللّه على المستويين العربي والمحلّي، وساعد سلوك "الحزب" على تدهور رصيده أكثر فأكثر بعد أحداث 7 أيار عام 2008، ومن ثمّ تدخّل "الحزب" في حرب سوريا، وبعدها تهديد أمن الخليج العربي وتهريب الكبتاغون.
كل هذه الأسباب جعلت من نصراللّه زعيماً ذا انتماء إيرانيّ يُجاهر بتلقّيه أوامر وأموالاً من إيران، ويهدّد الخليج العربيّ ويدعم ثورة البحرين ويشجّع الحوثيين على قتال السعوديين، فبات مكروهاً في الداخل والخارج، ولم يعد قادراً على إقناع الآخرين بسرديّة مقاومته إسرائيل بهدف تحرير القدس ورمي إسرائيل في البحر، بل بات الجميع يعرف بأن نصراللّه يقاتل باللبنانيين لتنفيذ حلم الخامنئي بإمبراطورية فارسية شيعية تحكم المنطقة.
السيناريو المُعاكس حصل مع الشهيد رفيق الحريري، الذي كان حليفاً للسوريين وشاهداً، لا بل مشاركاً في العديد من الصفقات والمواقف التي رفضها فريق السياديين أيام الاحتلال السوريّ. لكنّ الحريري وبعدما اكتشف نوايا النظام السوري وأدرك خطر سلاح "حزب اللّه" على الداخل اللبناني انتفض بوجه المُكوّنَين، وشكّل مع السياديين المسيحيين والدروز وبعض الشيعة، مقاومة صلبة أدّت إلى استشهاده، فكان له عرسٌ لبنانيّ في بيروت جمع اللبنانيين من الشمال إلى الجنوب، وطبع اسم رفيق الحريري بحروف ذهبيّة في تاريخ لبنان الحديث، وهو ما سمح من بعده بأن يكون نجله رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري زعيماً سنيّاً لم تتراجع شعبيّته رغم اعتزاله العمل السياسي قسراً لخمس سنوات.
في تشييع الحريري بكت الأمّهات ونزلنَ إلى ساحة الشهداء مع أطفالهنّ ورفاقهنّ، واحتشد الجميع تحت راية العلم اللبناني، أما في تشييع نصراللّه فالأمّهات غير المشاركات خائفات على أطفالهنّ من رصاصة طائشة من هنا، وموكب مسلّح من هناك، والجميع يسأل: أيّ علم سيغزو مدينة كميل شمعون الرياضية الأصفر أم العلم الإيراني؟
في تشييع رفيق الحريري بكى زعماء من كل أنحاء العالم، وكان رؤساء دول عظمى يتحدّثون عن حجم خسارته، أما في تشييع نصرالله فمن سيتجرّأ على الإشادة قد يوضع على لائحة العقوبات.
في تشييع الحريري كان شعار المقرّبين لبنان أولاً، وكان قَسم الصحافي الشهيد جبران تويني "نقسم باللّه العظيم مسلمين ومسيحيين بأن نبقى موحّدين إلى أبد الآبدين آمين".
وفي تشييع نصراللّه سيكون الشعار إيران أولاً والخامنئي أولاً والوليّ الفقيه أولاً وأخيراً.
الفرق بين التشييعين ليس إلّا التوقيت، والتوقيت وحده جعل من نصراللّه زعيماً لطائفة وجعل من الحريري زعيماً على مستوى الوطن. فلو قُتل نصراللّه عام 2000، لكان زعيماً على مستوى الوطن، ولشارك في تشييعه كل لبنان، ولصفّق له رؤساء دول وزعماء عالميّون. ولو اغتيل الحريري في حقبة تحالفه مع سوريا، لكان زعيماً سنياً بكاه سنّة لبنان وبعض الأصدقاء المقرّبين. فهل سيحلّ التوقيت الذي سيصبح فيه لبنان وطناً نهائياً لجميع أبنائه وباعتراف جميع مكوّناته؟
رامي نعيم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|