الصحافة

الضياع... القاسم المشترك بين خطاب قاسم وجمهوره

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أُسدلت الستارة أمس ورسمياً عن مرحلة مهمة في تاريخ "حزب اللّه" و "الممانعة". شيّع "الحزب" والمحور الأمين العام السيد حسن نصراللّه وخليفته هاشم صفي الدين. وشكّل خطاب الأمين العام الحالي الشيخ نعيم قاسم وكل ما أحاط بالتشييع محطة فاصلة بين الأمس والغد.

لم يصطفّ الآلاف في مدينة كميل شمعون الرياضيّة لكي يسمعوا خطاب قاسم ويستشرفوا المستقبل، بل كان البعض يأمل في أن يكون خبر مقتل نصراللّه كذبة ويخرج عليهم ويعِدهم بالنصر. لكنّ الحقيقة ظهرت لدى هؤلاء وعادوا إلى الواقعية.

سقطت محاولات التجييش والحشد والتحفيز، ولم تكن أعداد المشيّعين على قدر الحدث. فقد خذل الجمهور الشيعي القيادة الإيرانية وقيادة "حزب اللّه" الجديدة. ومن كان قادراً على الحشد رحل. وهناك نقمة شيعية عارمة على إيران بأنها باعت السيّد. وانطلاقاً من كل هذا، لم يتجاوز الحشد الـ 300 ألف مشارك حسب التقديرات.

من راقب كلمة الشيخ نعيم يكتشف فعلاً أن "الحزب" دخل في مرحلة جديدة. ولم يستطع شعار "يا الله ويا كريم إحمِ لنا الشيخ نعيم" إجبار الجمهور على التفاعل معه. سقطت الهيبة بعد سقوط الخطيب الأول لـ "الممانعة" السيّد حسن نصراللّه.

حاول قاسم، الذي لم يجرؤ على الحضور شخصياً إلى ملعب كميل شمعون، تقليد نصراللّه بعض الشيء، بأن يرفع وتيرة صوته، ويهتف "هيهات منا الذلّة"، ويأتي على سيرة السيّد. كلّها محاولات فشلت.

لا يملك قاسم كاريزما السيّد حسن. فهو ليس خطيباً، ولا يستطيع اللعب على غريزة الجماهير. ولا يملك القدرة على إقناع "البيئة الحاضنة" بالموت "فدا" إيران أو الولي الفقيه، أو "فدا" النظام السوري. الناس سمعوه في إطلالاته السابقة، وباتوا يعرفون ماذا سيقول.

بعيداً من محاولاته تجييش الجماهير والظهور بمظهر الحدث، كان خطاب قاسم يضيع بين محاولات شدّ العصب، وبين العقلانية والواقعية. فهو يستطيع تهديد أميركا وإسرائيل التي حلّقت طائراتها فوق المشيّعين. لكنه لا يستطيع بيع الأوهام بعد سقوط شعارات المحور. يقول إن المقاومة جاهزة، لكنه غير قادر على التهديد باحتلال الجليل. وبينما كان قاسم يتمرّن صباحاً على خطابه، كان الطيران الإسرائيلي يغير على مواقع عدّة لـ "الحزب" في الجنوب وبعلبك والهرمل.

يُعتبر عنوان "المقاومة" شعاراً بيّاعاً عند من تبقّى من جمهور "حزب اللّه". لكنّ قاسم الذي يُهدّد تل أبيب وواشنطن، غير قادر على المشاركة في الملعب بسبب الخطر الإسرائيلي، ويقف في موقف لا يُحسد عليه. وهذا ظهر من خلال الضياع في خطابه.

يُشدّد قاسم على الاستمرار في المقاومة، لكنه لا يملك جواباً كيف. يُهدّد باستهداف الاحتلال في أي لحظة، لكنه لا يعرف التوقيت. يتحدّث عن ضرورة وجود المقاومة، لكنّه لا يملك مقوّمات الصمود وإعادة بناء القدرات العسكرية والمالية.

شكّل رحيل نصراللّه عامل ضياع لـ "حزب اللّه" وجمهوره. وعكس قاسم هذا الضياع في خطابه. فهو الرجل المنتصر الذي يؤكّد عدم قدرة إسرائيل على التقدّم. ومن جهة ثانية، يدعو إلى تحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة. يشدّد على دور المقاومة في التحرير، لكنه يؤكّد إيلاء هذه المهمة للدولة. يتحدّث عن الصمود وإعادة الإعمار، لكنّه يعتبر في المقابل أن الدولة مسؤولة عن إعادة الإعمار.

من يقرأ بين سطور قاسم يكتشف وجود تكويعة بارزة لـ "حزب اللّه" خصوصاً عندما يجزم بنهائية الكيان اللبناني. ويحاول قاسم إظهار حزبه قوياً، لكن في المقابل يؤكد أن لبنان لكل أبنائه ونحن من ضمنهم. وبعبارة أخرى يظهر قاسم كأنه يقول: "أرجوكم لا تقصونا".

حاول قاسم القول إن "الحزب" وحركة "أمل" جسم واحد، لكن في أعماقه يعرف عدم صحة هذا الأمر. وبدأ الشقاق يتسرّب إلى الجسم الشيعي، وخطاب "الحركة" بات مغايراً لخطاب "الحزب". ولم يُسجّل حضور شعبي بارز لـ "الحركة". في حين يتلطّى قاسم في نهاية خطابه تحت سقف الدستور و "الطائف" والجيش وبناء الدولة لأنه يخاف ممّا هو آتٍ.

بين الواقع وما يطلبه الجمهور فارق كبير. فقاسم ومن خلفه، يعلمون على ماذا وقّعوا وماذا سيحلّ بهم إن أخلّوا بالاتفاق، لكنهم غير قادرين على مصارحة جمهورهم الضائع بلا قيادة. لذلك، سيستمرّ الضياع في القيادة والقاعدة إلى حين الإقرار بالواقع الجديد، وسط امتعاض شيعي واضح من إيران وعدم القدرة على تصديق خطابات "الممانعة" التي لن تعيد شهيداً أو تُعمّر بيتاً دُمّر.

آلان سركيس-نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا