إنجاز التحضيرات في محافظة النبطية لمواكبة الاستحقاق الانتخابي
الرئيس عون الشيخ نعيم و... يلتقيان
عن كثب نعرف الشيخ نعيم، صديقنا الشيخ نعيم، بالمقاربة الواقعية، والرؤيوية، للحالة الشيعية عبر التاريخ، ليبدو التاريخ، بعد تلك السلسلة من النكبات، وكأنه توقف هنا. ضاع هنا. هو يعلم ما معنى أن يشغل الموقع الذي كان يشغله رجل فذ مثل السيد حسن نصرالله، وأن يضطلع بمهمة تكاد تكون، الآن، مستحيلة، حين تكون الحرب السياسية والطائفية والاعلامية من الداخل أشد هولاً من الحرب العسكرية، وحيث المقاومون يواجهون كل الأرواح الشريرة، الرؤوس الشريرة، في زمننا.
أين يقف الأمين العام لـ"حزب الله" الآن وأي جبال على كتفيه، وأي طريق يسلكه؟ هذه ايام وجودية. المسألة لا تقتصر على نزع سلاح المقاومة، وانما على اجتثاثها، وربما ترحيلها. بعد الحروب الصعبة التسويات الصعبة، اذا ما علمنا من يحكم الولايات المتحدة. رجل خبير في فن الصفقات، أسوأ وأقذر الصفقات، واذا ما علمنا من يحكم اسرائيل، رجل الولوغ في الدم، وبأبشع أشكال المراوغة السياسية كي لا يتدحرج رأسه (ولا بد أن يتدحرج). هذه هي جدلية الأزمنة، الفيلسوفة الأميركية اليهودية جوديث باتلر لاحظت كيف أن آلهة الموت، وآلهة النار، في الميثولوجيات الكبرى يذهبون في نهاية المطاف الى قبورهم. أي قبر ينتظر بنيامين نتنياهو؟
مثلما هي ايام للتاريخ (للاتاريخ) هي أيام المستقبل. من جهة ضنينة بالشيعة، ان كطائفة أو كحالة، أو بالمقاومة ودورها، كان الحديث عن مدى الرقي ومدى الشفافية، في أخلاقية، وانسانية، الرئيس جوزف عون، وما نظرته الى اسرائيل. في الوقت نفسه ـ أيها الشيخ نعيم ـ هو الرجل الذي يمكن أن يحدث كوة أمامك، في اطلالتك، أنت وقضيتك، على الاقليم، وعلى العالم، كونه يعرف كيف يطرح قضية لبنان وقضية المقاومة في لبنان، يعيداً عن غربان الداخل وديناصورات الخارج.
ماذا يعني نزع السلاح اذا ما كان لبنان، بكل مكوناته، وبغض النظر عن الذين أصيبوا بالعمى الايديولوجي والعمى التاريخية، وبطبيعة الحال العمى الاستراتيجي، في حضرة ذلك النوع من الوحوش ؟ أن يقف لبنان عاريا ً، عارياً حتى من ورقة التوت، أمام حاخامات القرن، وذئاب القرن. في هذه الحال، التطبيع أفضل بالكثير من أن نجثو، كلبنانيين، أمام الهيكل، بعدما كان هناك من توعد باعادة بنائه، بجماجمنا، لا باخشابنا، وأمام حائط المبكى بعدما قال أركان الائتلاف بأن يتحول كل بيت في لبنان، وربما في المنطقة، الى حائط مبكى..
السلاح لن ينزع. من يراهنون على أن ينتزعه الجيش بالقوة، لا يعرفون ما هي عقيدة الجيش بأن لا يدع البلد لمصاصي الدماء، وما هي قدرته على مواجهة اسرائيل، اذا كان بقاؤه يعتمد على الحد الأدنى من الامكانات المادية، والعملانية. ثمة وزير خارجية طلب من نظير له في دولة أوروبية لم تظهر يوماً تعاطفها العلني مع الدولة العبرية، امداد الجيش بالسلاح. الجواب That,s a big problem.
لا مجال البتة لتسليح الجيش اللبناني الذي باكاد يستطيع أن يستوعب التداعيات الأمنية الداخلية للتصدعات السياسية، والطائفية. من مصلحة لبنان أن يبقى السلاح، وفي اطار استراتيجية للأمن القومي، بعدما كان الوضع اللبناني برمته رهين الأمواج المتلاطمة التي لم تتوقف يوماً عن العبث بالمسار التاريخي، والمسار المستقبلي، للمنطقة.
قول الشخصية اياها، الضنينة بلبنان، وبالمقاومة في لبنان، ان الشيعة، بشكل عام، أمام مفترق ضاعت معالمه، وضاعت حجارته. في هذه الحال، الأولوية المطلقة للوعي بالحالة الشيعية لا من أجل تكريس المظلومية التاريخية، ولقد آن الأوان للخروج من هذه العباءة ، وانما لتشكيل رؤية جديدة للمشهد العام، بكل تضاريسه الداخلية، والخارجية. كمقاومة بالأداء الاسطوري في الجنوب، يمكنها أن تمد يدها حتى لمن لا يعي خطورة المرحلة، وحتى ان مضى في سياسات التأجيج على أنواعها. لنعد الى كلام الفيلسوف الفرنسي أندريه مالرو حين كان في الخندق يواجه الاحتلال النازي، "نحن هنا ليس فقط لبلورة رؤية جديدة للحياة، وانما أيضاً لصناعة الحياة" !
الشخصية اياها تقول "الرئيس جوزف عون ليس من النوع الذي يشتري ويبيع. قامة منتصبة بكل معنى الكلمة. هاجسه اعادة بناء الدولة بمفاهيم، ومعايير، لا تؤمن فقط المناعة الداخلية ، وانما النهوض بكل مقومات الدولة الحديثة، اذا كان ذلك ممكناً في الظروف الراهنة أو الأتية. ولا نعتقد أن الشيخ نعيم بعيد عن هذا الاتجاه، وهو الذي عاش مرارات الحالة اللبنانية، وكيف شقت ثقافة الفساد طريق الجلجلة لا الى القيامة وانما الى الهاوية".
اللبنانيون يعلمون اي نوع من المستشارين في قصر بعبدا. هؤلاء لا يحترفون هز البطن، (ولا التسلق على كتفي الرئيس) كما في عهود سابقة. مهمتهم التعامل مع عقل الرئيس الذي تعامل بمنتهى العقلانية مع مسألة سلاح "حزب الله"، بعدما سادت الغوغائية، حتى لدى قيادات سياسية، وحزبية، في التعاطي مع قضية على هذا المستوى من الدقة، ومن الأهمية.
الكل يدرك ما في رؤوس تلك الثلة من الذئاب في اسرائيل، وكيف ينظرون الى لبنان حتى قبل اعلان قيام الدولة (زئيف جابوتنسكي). الآن، وكبداية للحوار الثنائي، كيف تصبح اليدان ـ الأيدي ـ يداً واحدة ؟ هذا ما كان يتطلع اليه السيد حسن، وما يتطلع اليه الشيخ نعيم. رؤية جديدة وخلاقة للدولة وللمقاومة. يدان ممدودتان و... تلتقيان !!
نبيه البرجي-الديار
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|