"طائرات مسيّرة أو تسلل عناصر".. مسؤول إيراني يكشف عن سبب الانفجار!
مُفاوضات ينبغي ألّا تفشل
الحديث لم يعد عن "التوازن العسكري" بالمعنى الكلاسيكي للمصطلح. الآن التوازن التكنولوجي، وحتى التوازن ما بعد التكنولوجي. من هنا أي حرب ضد "اسرائيل"، أي أي حرب ضد أميركا، هي حرب عبثية، وتأتي بنتائج أبوكاليبتية. شهدنا صورة مصغرة عن ذلك في لبنان، وان كان "الاسرائيليون" قد اعترفوا بالأداء الأسطوري للمقاتلين على الأرض في ظروف مستحيلة، أكثر من أن تكون مستحيلة...
لهوة التكنولوجية هائلة. الأوروبيون أنفسهم يتحدثون عن هذه الهوة بين ضفتي الأطلسي. يعترفون الآن أنهم سيكونون عراة أمام الدببة القطبية "اذا سقط المعطف عن الكتف"، حتى ولو دعا الرئيس ايمانويل ماكرون، بنبرة بونابرتية، الى انشاء قوة عسكرية أوروبية مستقلة عن حلف الأطلسي، الذي لا يعني شيئاً من دون أميركا. هكذا لا تستطيع القارة العجوز الا البقاء في الحرملك الأميركي.
صحيح لم تعد هناك بريجيت باردو، ولا اليزابت تايلور، ولا مونيكا بيللوتشي. هذا لم يمنع "النيوزويك" من وصفها بـ"القارة الفاتنة". من يزور باريس كمن يزور بلاط لويس الرابع عشر. ليست فقط الابنة الكبرى للكنيسة، الابنة الكبرى للتاريخ. من يزور واشنطن يشعر كما لو أن المدينة في صراع مع التاريخ. دين أتشيسون وصف "لحظة هيروشيما" باللحظة التي بدأت معها حقبة ما بعد التاريخ. في وادي السيليكون يتحدثون عن حقبة ما بعد الزمن.
الايرانيون يدركون ذلك. ليسوا مثل العرب الذين ما زالوا داخل ذلك الغبار، الذي أحدثته حرب داحس والغبراء. في ساعة الخطر كلهم، الموالون والمعارضون، ايرانيون. ولقد كان واضحاً أن ثمة نتائج مضيئة للحصار الذي فرض عليهم ولعقود. تشغيل الأدمغة والامكانات الداخلية بأقصى طاقتها، ما نتج منه الدخول، ولو برؤوس الأصابع، الى الزمن التكنولوجي. 80 % من المنظومات الدفاعية الايرانية صناعة محلية. لكننا نقترب أكثر فاكثر من الزمن ما بعد التكنولوجي، وهذا يقتضي التعاون مع البلدان المتطورة، والافلات من السلاسل الحالية، بالتوصل الى اتفاق مع الولايات المتحدة، الأمر الذي بات ممكناً جداً، بانعكاساته المثيرة على المعادلات الاقليمية، وحتى على المعادلات الدولية.
يفترض أن نتوقف هنا عند بعض المقالات لمعلقين اميركيين مقربين من "اللوبي اليهودي"، والتي تكشف عن النيات الحقيقية لنتنياهو. الهدف ليس فقط تفكيك البرنامج النووي الايراني، وانما تفكيك النظام الايديولوجي في ايران، وتشتيت العلماء النوويين، أو تصفيتهم بطريقة أو بأخرى، كون هؤلاء أكثر خطورة على مستبقل الدولة العبرية، من أي كميات من اليورانيوم المنضّد أو من أجهزة النبذ المركزي.
مثلما تؤدي الهوة التكنولوجية الى الهوة الاستراتيجية، تؤدي ايضاً الى الهوة الديبلوماسية. في الحالة الراهنة، يبدو التوازن المثير بين "الغرفة الأميركية" و "الغرفة الايرانية"، أي بين صانعي السجاد وصانعي البوينغ، حتى وان كان واضحاً أن الايديولوجيا مهما كانت راسخة في الصدور، لا يمكن أن تكون بتأثير التكنواوجيا الراسخة في الرؤوس. من هنا رأي الكثيرين في ايران من أن البلاد بحاجة الى ما بين 10 و20 عاماً لتثبيت أقدامها في القرن.
لا نتصور، بالرغم من استراتيجية التهويل التي ينتهجها نتنياهو، أن بامكانه شن حرب بمفرده ضد ايران، أو أن يستدرج أميركا الى الحرب. هذه مسألة بالغة الحساسية وبالغة الخطورة، بالنسبة الى البنية الفلسفية للاستراتيجية الأميركية. ايهود باراك، رئيس الوزراء السابق، يحذر من أي خطوة يمكن تفسسيرها كعصيان "اسرائيلي" ضد الولايات المتحدة، بعدما بات معروفاً مدى التداخل العضوي بين الجانبين.
بالطبع هناك نقاط ضعف كثيرة في الوجود الأميركي في الشرق الأوسط (الجنرال أنتوني زيني سبق وقال مثلما "اسرائيل" هي نقطة قوة أميركية هي نقطة ضعف). أيضاً هناك أخطاء كثيرة، على رأسها محاولات وقف الزمن في منطقة قال هيرودوت من 2500 عام، انها تقع على خط الزلازل. آرنولد توينبي، فيلسوف التاريخ البريطاني، رأى أنها "ترعرعت على أكتاف الآلهة". أي قوة في هذه الحال يمكن لها احتواؤها؟
هذا بعدما كان المفكر الأميركي ناعوم تشومسكي قد قال بوجود نوع من البعد الالهي في لعبة الزمن في الشرق الشرق الأوسط. ولكن ألا يلاحظ الكثيرون أن الولايات المتحدة نسخة بشرية عن القضاء والقدر؟ قبل أن يغوص المفكر الفرنسي ريجيس دوبريه في دهاليز الفلسفة، من خلال "الرقص العبثي داخل اللغة"، كان يرى في أميركا صورة عن الكوميديا الالهية لدانتي "هنا الجحيم الأميركي يتسع لنا جميعاً".
انتظارنا على صفيح ساخن لنتائج المفاوضات الأميركية ـ الايرانية. تفاؤل لافت في وسائل الاعلام الأميركية، والى حد التساؤل عن طبيعة "ذلك الزلزال في الشرق الأوسط". كلام أيضاً على "المعجزة الديبلوماسية".
هذه مفاوضات ينبغي ألاّ تفشل. صحيح أن الأخطبوط "اليهودي" يلعب داخل الرؤوس الكبيرة. لكن دونالد ترامب يقول أنا الرأس الوحيد في قمة الهرم. اذا ارتفع الدخان الأبيض من مسقط، عليكم أن تعرفوا أن بدر البوسيعيدي هو "كيسنجر العرب"، وأن تتذكروا أنه سليل سلطنة زنجبار. ما أدراكم ما تعنيه سلطنة زنجبار!!
نبيه البرجي - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|