تزامنًا مع وصول رتل للأمن العام.. طيران إسرائيلي مسيّر يرصد أحداث جرمانا
خرج سعد غاب الضامن… هل يبدأ مشروع التقسيم من بيروت؟
بالنظام بالنظام… أنا طالب الكلام من الصبح… أنا من يومين… أنا من ٤ أيام… هكذا تبارى النواب في الجلسة التشريعية التي عقدت يوم الخميس الفائت على الكلام بمجرد الوصول إلى البند رقم ٨ وهو تعديل بعض أحكام قانون البلديات وبالتحديد في ما يخص بلدية بيروت. وهذا هو محضر النقاش الذي عكس الصورة الحقيقية لأبعاد الكباش السياسي حول البلدية التي وصفها الرئيس نبيه بري بأنها واجهة لبنان والمثل الأعلى لوحدته. فما هو الهدف غير المعلن من معركة المناصفة والصلاحيات؟
درجت العادة عرفاً أن تتوزع المقاعد الـ ٢٤ في بلدية بيروت مناصفة بين المسلمين والمسيحيين (٨ سنة، ٣ شيعة، ١درزي – ٤ روم أرثوذكس، ٢ أرمن أرثوذكس، ٢ موارنة، ١ أرمن كاثوليك، ١ روم كاثوليك، ١ إنجيلي، ١ أقليات).
وقد حمى هذا العرف الرئيس الشهيد رفيق الحريري على مر السنوات، وارتضى أهالي بيروت التوافق وحماية النسيج العائلي إلا أن التغيرات الجسيمة التي ضربت لبنان منذ استشهاد الحريري وحتى اليوم أرست معادلات سياسية من الواضح أن كل فريق يستثمرها لصالحه.
دخل النواب إلى الجلسة كل يغني على اقتراحه، ويضمر ما يضمر في مقاربة هذا الموضوع الخطير والحساس. وبدأ البحث بمداخلة لنائب رئيس مجلس النواب إلياس أبو صعب الذي قال: “هناك ٤ طروح وبما أنه من يومين قيل ان الياس بو صعب فجّر الموضوع بناء على تصريح أدلى به من عين التينة بعد اجتماع هيئة المجلس، أنا سأتحدث بكل انفتاح، لا من خلفية مذهبية ولا لأحرج أهل بيروت بأمور غير واضحة، ولا لأدافع عن صلاحيات محافظ بيروت وتفسير القانون بطريقة مختلفة. هناك علامات استفهام كبيرة حول ماذا نريد من هذه القوانين؟ بلدية بيروت لها خصوصيتها ورمز للوحدة الوطنية ومنذ عشرات السنين تأخذ هذا الطابع، هذا الاقتراح يتحدث بالشكل عن المناصفة واللوائح المقفلة لكن الأمور فيه ليست واضحة. في المقابل هناك استعداد من البعض للدخول في المناصفة شرط أن يكون ذلك على حساب الأخذ من صلاحيات المحافظ. الفريقان يفهمان القانون بطريقة مختلفة وهناك أربعة اقتراحات بالموضوع نفسه، لذلك اقترح أن تدرس هذه القوانين بهدوء ولا يجوز بشحطة قلم تطيير صلاحية من هنا أو صلاحية من هناك”.
الكلمة الثانية كانت للنائب وضاح الصادق الذي دعا إلى تحديد المشكلة بشكل صحيح حتى نأخذ القرار الصحيح. وقال: “المشكلة ليست طائفية إنما هناك إشكالية في القانون في بيروت، ونعلم أن هناك أجواء مشحونة جداً جداً عند الأهالي الذين يصوّتون لرئيس بلدية لا يمون على قرار بحق سكرتيرته، وهذا المشكل موجود منذ 48 عاماً. أنا أتمنى أن تؤجل الانتخابات في بيروت ولكن إذا تعذر الأمر أقترح إعطاء مجال حتى ٨ أيار لجمع كل هذه القوانين بعمل سريع جداً ونصل إلى تعديلات حتى لو لم تناسبنا كنواب وسياسيين وأحزاب إنما تناسب 520,000 مواطن بيروتي، لهم الحق بالتصويت، وفي حال وصلنا قبل الثامن من أيار الى الإتفاق على قانون، يؤجل وزير الداخلية انتخابات بيروت لمدة أسبوعين وإلا ليس أمامنا سوى السير بالقانون الحالي”.
عندها تدخل رئيس الحكومة نواف سلام معلقاً: “نحن أمام عدة أمور تتعلق ببلدية بيروت، أولاً مسألة صحة التمثيل، ثانياً الحفاظ على وحدة العاصمة ووحدة البلدية والتجانس في العمل البلدي، ثالثاً المسألة المزمنة وهي التوافق المطلوب بين رئيس البلدية والمحافظ، وهذه الأمور لا يمكن نقاشها بهذه السرعة في هذه الجلسة، لذلك رأي الحكومة أن يؤجل البحث في كل هذه الاقتراحات”.
النائب نبيل بدر: “بيروت ارتضت أن يتقاسم المسلمون والمسيحيون مقاعد المجلس البلدي عن قناعة ورضا فكيف نطلب من أهلها اليوم الذهاب إلى الاقتراع ليس بقناعاتهم، إنما بالقانون وغصباً عنهم؟ لن نقبل هذا الأمر، ونحن ملتزمون أمام الجميع أن نتقاسم هذه البلدية وفعلنا ذلك بالممارسة منذ 30 عاماً وحتى اليوم، فلماذا هذه القوانين التي تحركش بالحس المذهبي في هذه العاصمة التي تشكل تجربة وطنية ناجحة؟ أطلب إرسال كل هذه الاقتراحات إلى اللجان للإتفاق على صيغة مشرفة للمدينة”.
النائب غسان حاصباني: “إذا كان هذا النقاش يتطلب نقاشاً أوسع بهدوء وليس بصفة العجلة أؤيد التأجيل”.
النائب فؤاد مخزومي: “كل أهالي بيروت يطالبون بالعدالة ولا يمكن أن يكون هناك مجلس منتخب مسلوب الصلاحية”.
النائب جبران باسيل: “التفاهم الوطني أساس الميثاق المشترك، لست بوارد الدخول في سجال مع أحد خصوصاً أن الكل حريص على المناصفة في بيروت لكن الأمور أبعد من بلدية… أنا أؤيد اللوائح المقفلة في كل البلديات لأنها تحقق التوازن العائلي وليس الطائفي فقط، وهذا يسهل العملية لوجيستياً ويسرّع الفرز ويحقق التجانس في العمل البلدي”.
النائب أسامة سعد: “قضية بلدية بيروت خصوصاً تعبّر بشكل واضح عن الذهنية الطائفية والمذهبية المتحكمة بكل ملفات البلد. الحكومة طلبت ارجاء البحث لكنها لم تقدم مشروعاً لمعالجة هذه القضية. اللوائح المقفلة تفرض خيارات النسبية على النظام الأكثري”.
النائب سامي الجميل: “لنكن واقعيين، هذا النقاش مهم جداً لكنه للأسف أخذ منحى يجب الخروج منه، والتخفيف من التشنج في الشارع البيروتي في العاصمة التي هي مثال، أريد القول إن الإشكالية المطروحة في بيروت ليست تقنية إنما إشكالية بنيوية وإذا أردنا فتح هذا النقاش علينا الذهاب إلى مؤتمر مصالحة ومصارحة، هذا النقاش لا يفتح على مسافة أسبوعين من الانتخابات، ويجب معالجة الإشكاليات البنيوية إن كان في موضوع المناصفة أو صلاحيات المحافظ، المطلوب اليوم تقطيع الاستحقاق بالتي هي أحسن وفور انتهاء الانتخابات نذهب إلى فتح كل الملفات الإشكالية، في إطار مؤتمر وطني نضع على طاولته كل الهواجس. المطلوب اليوم تمرير هذا الاستحقاق على خير، وأي حل نتفق عليه بين بعضنا يجب أن يؤمن الشراكه في بلدية بيروت كما أرساها الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي شكل الضمانة على مدى 30 عاماً”. هنا تدخل النائب جهاد الصمد: “الرئيس سعد الحريري أيضاً شكل هذه الضمانة”.
تابع الجميل: “لدينا خيار من اثنين اما البحث عن فتوى نبتها في المجلس النيابي لمرة واحدة فقط نجري على أساسها الانتخابات في بيروت ونؤمن الشراكة بهذه الانتخابات ونتفق فوراً من بعدها على معالجة هذا الملف. اقتراحي فتوى مؤقتة أو اتفاق سياسي خارج المجلس يمكن ضمن مهلة أسبوع أن نحاول تأمين توافق في بيروت بمشاركة الجميع حتى لا نذهب إلى مشهد نحن بغنى عنه”.
النائب زياد حواط: “هذا الملف لديه إشكالية بالشكل والمضمون. بالشكل نحن على أبواب انتخابات بعد 10 أيام. بالمضمون قانون البلديات أصبح قديماً جداً، قانون البلديات عمره 50 عاماً وفي السابق عقدت اجتماعات كثيرة ولم نستطع تحريك حرف فيه لأن هذا الأمر يحتاج إلى قرار سياسي عند الكتل السياسية والنسبية في اللوائح هي كارثة الكوارث داخل المجالس البلدية، يجب أن نذهب إلى قانون عصري وحديث يواكب الزمن”.
النائب نقولا صحناوي: “الكل يقول إن المناصفة يجب أن تتم لكن المشكلة أين الضمانة؟ لا ضمانة بتركيب اللوائح وإذا عدنا بالتاريخ في العهد العثماني ألغيت الانتخابات عندما لم تحترم نتيجة المناصفة كذلك أيام الفرنسيين. في العام ١٩٩٧ مجلس الوزراء عين ثمانية أعضاء حتى يعدل النتيجة لأن المناصفة لم تحترم يعني هذه الاشكالية مزمنة. اللوائح المقفلة معتمدة في الكثير من الدول الديموقراطية في العالم وهذا لا يمس بخيار الناخب، الأفضل أن نخرج بصيغة تصون المناصفة حتى لا نقع كل ست سنوات بالمشكلة نفسها”.
النائب إبراهيم منيمنة: “مستوى الهواجس مفهوم ولكن ما هو هدف التمثيل الطائفي؟ هناك مكونات لبنانية تريد أن تكون لديها مساواة في حصولها على خدمات من الدولة، اليوم أصبح التمثيل الطائفي هو الأساس والناس لا يصلها أي شيء من الخدمات. المشكلة أننا مازلنا نتحدث بعدم ثقة بين بعضنا البعض، أهالي بيروت أثبتوا في كثير من المحطات عن وعي سياسي عال، عام 2016 نسبة التشطيب في اللوائح لم تتعدَ الـ 10% ما يعني أن أهالي بيروت التزموا بالمناصفة بوعي كامل، واليوم ملتزمون ولكن هل نحن لدينا ثقة بهم أم يجب أن نضع لهم حواجز وضوابط وأطر قانونية؟ أما ما سمعناه بما خص المقايضة مع صلاحيات المحافظ، وأنا هنا أتحدث بلغة الاختصاص، الإصلاح بالقانون لا يكون بلغة المقايضة الطائفية، الإصلاح يكون بمعالجة مشكلات الناس. هناك أزمة تمثيل لكن هذا الأمر لا يحل قبل أسبوعين من الانتخابات ويجب أن تنخرط كل فعاليات بيروت في هذا النقاش، فمشكلات بيروت تتعدى مشكلة التمثيل الطائفي أو الصلاحيات، مشكلتهم بالخدمة ولا يجوز الذهاب إلى حلول منقوصة لا تقدم حلاً إنما تزيد من الانقسام”. وافقته الرأي النائب حليمة قعقور التي اعتبرت المشكلة تنموية ولا يجوز تحويلها إلى طائفية.
النائب مارك ضو: “هناك إصلاح يجب أن يحصل على نطاق البلديات ولسوء الحظ تم إدخال الطائفية وأصبح الموضوع في مكان آخر، مع العلم أن اللوائح المقفلة تضمن التماسك البلدي وتسهل عملية الفرز وتمنع التزوير، هناك ظلم في مدينة بيروت من خلال صلاحيات المحافظ لكن الرد لا يكون بالتشريعات الطائفية”.
مداخلة النائب جورج عدوان ركزت على أن الاشكالية تطرح من زاويتين، هناك شق تنظيمي وشق تمثيلي يتعلق بالتعددية. الشق الطائفي والمذهبي لا يمكن معالجته بهذه الخفة، فلنفصل الموضوعين عن بعضهما البعض.
هذه هي مجمل المداخلات التي حصلت، وقد أنهى الرئيس بري النقاش بتأكيده أن لا تأجيل للانتخابات، لكن إذا حصل توافق على صيغة معينة قبل الموعد في بيروت فهو جاهز للدعوة إلى جلسة فوراً قبل ١٨ أيار. وأعاد كل الاقتراحات إلى لجنة الدفاع والداخلية والبلديات ساحباً فتيل التفجير من قاعة المجلس… لكن هل فعلاً سحب الفتيل من شوارع بيروت؟ ولماذا استفاق نواب بيروت اليوم على هذه الاقتراحات وأحدثوا هذه الخضة على عتبة أيار البلديات؟ وهل معركة البيارتة ستقلب المعادلة؟
تقول مصادر في تيار “المستقبل” لموقع “لبنان الكبير”: ان انسحاب الرئيس سعد الحريري هو بسبب رفضه أن يكون شاهد زور على شلل في عمل المجلس البلدي الذي تحوّل رئيسه إلى باش كاتب، والبيان كان واضحاً جداً وهو الحقيقة، إننا كنا في كل استحقاق نتحمل المسؤولية ونأخذ الأمور على عاتقنا، ثم ندخل في متاهات مشكلات سياسية لا تنتهي داخل المجلس البلدي في الوقت الذي يجب أن يكون عملهم إنمائياً بامتياز، والقرارات التي تؤخذ إذا لم تكن على مزاج المحافظ يضعها في الدرج. وصلنا إلى معضلة كبيرة وهناك من يصر على تحميلنا مسوؤلية الفشل. هناك مشكلة بالمرسوم الاشتراعي الذي ميّز بيروت عن بقية البلديات، بيروت دائرة واحدة والأصوات التي يحصل عليها كل عضو تفوق أصوات النائب، فما هي هذه السلطة التي لا تعطي صلاحية لعضو المجلس البلدي المنتخب ويستطيع موظف أن يوقف عمله؟ الحفاظ على المناصفة يكون بخطاب عاقل وليس بخطاب طائفي تضيف المصادر ثم انه لا يمكن تعديل قانون من أجل حالة خاصة لأن هذا الأمر يتيح الطعن خصوصاً أن الهيئات الناخبة في بيروت تمت دعوتها على أساس القانون الحالي وإلا التأجيل يصبح حتمياً لإعادة دعوة الناخبين على أساس القانون الجديد المعدل.
مصدر سياسي رفيع يكشف لموقع “لبنان الكبير” خفايا هذه المعركة، ويقول: المشكل هو أن قوى سياسية معروفة تصر على تقسيم بيروت وتتخذ من البلدية منطلقاً للدخول في هذا المشروع. وهذا الأمر لا يتعاطون فيه بالخفاء بل علناً ضمن مجالسهم الخاصة، وتقسيم بلدية بيروت هو هدف أساسي بالنسبة اليهم. حتى لو لم يتخذ سعد الحريري قراره بالانسحاب لكان سيصعب عليه أن يكون الضامن لأنه لن يستطيع التفاهم لا مع العونيين ولا مع “القوات”، وهنا برزت مشكلة المناصفة وحاولوا الابتزاز عن طريق ادخالها في القانون. قانون بالمناصفة أمر خطير جداً، وهذا ما جعل القوى السنية تخرج عن طورها، وفتح ملف صلاحيات المحافظ ومعهم كل الحق لأن المعركة على البلدية لا مبرر لها طالما الصلاحيات كلها بيد المحافظ. أي بلدية ستنتخب ولو تكتل فيها السنة والشيعة مع آخرين واكتسحوا البلدية، القرار عند المحافظ وليس عند البلدية وهذا الأمر غير موجود في كل عواصم العالم. وتكمن الخطورة أيضاً في حال ادخال المناصفة ضمن القانون في أن يمتد الأمر إلى بقية المدن الكبيرة عند تكريس هذا المبدأ، فهل يقبل أهالي زحلة عاصمة الكثلكة بالمناصفة؟ ويؤكد المصدر أن الضمانة في إبقاء بيروت ذات الأكثرية السنية موحدة، على الرغم من المناصفة كان رجل اسمه رفيق الحريري وسعد أبقى على هذه الضمانة، أما اليوم فمن هو الضامن لعدم التقسيم؟ لذلك يصرون على تعديل القانون.
إذاً، معركة بيروت ليست معركة بلديات عادية، وما أخذه بعض القوى الحزبية والسياسية بقانون الانتخابات فتح شهيته على كل الاستحقاقات الأخرى وأعطاه ورقة الابتزاز.
خرج سعد فغاب الضامن والممثل للأكثرية، فمن سيكون الضامن الآن وسط كل هذا التخبط وماذا سيكون دور المملكة العربية السعودية في هذه الحالة؟ سؤال الاجابة عنه رهن الأيام الفاصلة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|