الصحافة

بيروت تنتصر للمناصفة من دون الحريريّة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ستة آلاف صوت حكاية اللغز الذي حملته الانتخابات البلدية في بيروت. هي فارق الأصوات بين المرشح محمود الجمل رئيس لائحة “بيروت بتحبك” وأوّل الخاسرين في لائحته رامي محمد خير عيتاني. هو الفارق الذي سمح للعميد الجمل أن يخرق اللائحة الفائزة “بيروت بتجمعنا” مُسقطاً المرشح إيلي أندريا بفارق ما يقارب الـ1000 من الأصوات. هنا تُطرح سلسلة أسئلة الإجابة عنها من شأنها أن تُحرج الكثيرين وأن تُسقط أقنعة عن الكثيرين. أوّل تلك الأسئلة لماذا تمّ تشطيب اسم أندريا في الأقلام المسيحية في الأشرفية؟ ومن هي الجهة المسيحية التي طلبت تشطيب مرشح مطران بيروت للروم الأرثوذكس إلياس عودة. فيما لم يشهد اسم أندريا عملية تشطيب ملحوظة في الأقلام الإسلامية وتحديداُ السُنيّة؟ أما السؤال الثاني، من هو الذي يقف خلف منح العميد الجمل 6000 صوت مرجحة عن باقي أعضاء لائحته؟ هل هو تيار المستقبل أم التيار الاسلامي المعارض للأحباش أم الجهتين سويّاً؟

انتصرت بيروت

بعيداً عن الأرقام والاتفاقات المخفيّة ما يمكن أن نخلص إليه أنّ بيروت انتصرت في صناديق الانتخابات البلديّة للمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، تماماً كما فعلت على مرّ التاريخ اللبناني منذ أن جلس مفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا، مخالفاً المزاج السنّيّ العامّ من الجنوب وصولاً إلى آخر قرى الشمال، إلى جانب البطريرك الماروني الياس الحويّك محقّقاً بذلك الشراكة والمناصفة في إعلان دولة لبنان الكبير التي اعتبرها المسيحيون، وبخاصّة الموارنة، في حينه حلمهم الكبير. فيما كانت الأكثريّة الإسلامية ترى فيها انسلاخاً عن العالم العربي الإسلامي.

قدر بيروت والبيارتة الدفاع عن الهويّة اللبنانية ومؤسّسات الدولة. من السادس من أيّار 1916 حين قدّموا خيرة رجالهم عمر حمد وعبدالغني العريسي والشيخ أحمد طبّارة إمام جامع النوفرة قرباناً على مذبح الوطن دفاعاً عن استقلال لبنان، حين شنقهم الحاكم التركي جمال باشا، وصولاً الى 18 أيّار 2025 حين رفضوا كلّ دعوات التشطيب واسترداد صلاحيّات المجلس البلدي عبر الانتقام من المناصفة والشراكة بين المسلمين والمسيحيين، وكأنّ لشهر أيّار موعداً ثابتاً مع بيروت والبيارتة. صوّتوا للمناصفة دون تردّد عن سابق إصرار وتصميم. وما بين التاريخَين مئات من المحطّات ليست أولاها ولا آخرتها، لكنّ أكبرها ثمناً وألماً حين اغتال حافظ الأسد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد في 16 أيّار 1989، وكم لنا من ثارات في أيّار، لأنّه رفض التخلّي عن استقلال  لبنان، وعن الشراكة مع أخيه المسيحي في العيش والمناصفة في هذا الوطن الصغير.

المناصفة ثابتة بيروتيّة

خمسة أمور تحقّقت في صناديق الانتخابات البلدية في بيروت يوم الأحد الفائت:

1- انتصرت بيروت للمناصفة من دون الحريريّة السياسية، والمناصفة في هذه المدينة مَعْلَم من معالمها الثابتة. حيث سجلت أرقام الاقتراع أنّ أوّل الفائزين من المرشحين المسيحيين وهو واهرام موسيس بارسوميان جاء في المرتبة السادسة متقدّماً على رئيس اللائحة ابراهيم حبيب زيدان. فيما مرشح القوات راغب جورج حداد تقدّم على مرشح حزب الله بما يزيد عن الـ100 صوت.

2- بيروت مدينة ديمقراطية مسالمة، فيوم الانتخاب مرّ بمشاركة ما يزيد على مئة ألف ناخب من دون ضربة كفّ، أو إشكال أو رصاص يتساقط على رؤوس الأبرياء حاصداً منهم الصغير والكبير.

3- أهل بيروت بتنوّعهم المذهبيّ والدينيّ والسياسيّ قادرون على التعايش تحت سقف القانون والمؤسّسات والاستحقاقات. لا إشكاليّة بتنوّعهم السياسي ما لم يكن هناك سلاح غير سلاح الدولة أو هيمنة عبر هذا السلاح.

4- بيروت مدينة لا تتنكّر لعائلاتها، فنظرة سريعة إلى أسماء الفائزين بلوائح المخترة يدرك أنّ في بيروت مثلاً شهيراً يقول “من ليس لديه كبير فليشترِ كبير”.

5- أنّ تيار المستقبل لم يكن حيادياً في الانتخابات البلدية. بل كان شريكاً بالفارق الذي سجله العميد محمود الجمل. هي شراكة ما كانت لتتم لولا موافقة الرئيس سعد الحريري ولعل ظهور النائب السابق نزيه نجم في احتفالات اللائحة مع عدد كبير من الكوادر الزرقاء أكبر دليل على ذلك.

انتصرت بيروت للمناصفة من دون الحريرية السياسية وستنتصر لها دوماً وأبداً. لقد كرّست الانتخابات البلدية في بيروت بداية مرحلة جديدة، مرحلة تحرّرت من الكثير من الأوهام القديم منها والجديد. أعطت للتغيير فرصة كبيرة فأضاعها التغييريون بسوء التدبير. في بيروت كانت البداية، وفي بيروت كُتبت النهاية لموضة ما سُمّي بالتغيير. أعطت بيروت الفرصة لأسماء مغمورة أن تصل إلى مجلس النوّاب لعلّها تستطيع أن تقدّم الجديد، فإذا بها تسعى إلى تقليد القديم ليس ذلك فقط، بل تقليده بشكل فارغ من الاحتراف.

من حصد  الصوت السُنّي؟

نائب الجماعة الإسلامية عماد الحوت وفي بيانٍ له قال أنّ اللائحة التي دعمتها الجماعة “بيروت بتحبك” حصدت 60% من أصوات السُنّة و 10% من أصوات المسيحيين و 10% من أصوات الشيعة. إلا أنّ الأرقام النهائية لا تُطابق أرقام النائب الحوت. حيث بلغ عدد المصوّتين السُنّة 64 ألف مقترع. فيما صاحب المركز الثاني في لائحة الحوت المرشح رامي عيتاني لم تتجاوز أصواته قبل فرز الصناديق الخمسة الأخيرة الـ32 ألف صوت وهو نصف عدد المقترعين السُنّة، هذا إن افترضنا أنّ المرشح عيتاتي لم يصوّت له أي مقترع شيعي أو مسيحي أو درزي. فيما الملاحظ أنّ مرشح الجماعة الاسلامية مغير سنجابة لم يصل عدد الأصوات التي حصدها إلى الـ30 ألف صوت أي أنه لم يلامس عتبة الـ50% من الصوت السُنّي.

بالمقابل، فإنّ الأوّل في لائحة “بيروت بتجمعنا” محمد بالوظة حصد ما يقارب الـ47 ألف صوت. فيما آخر الفائزين السُنّة في لائحة “بيروت بتجمعنا” جومانة الحلبي حصدت ما يقارب الـ40 ألف صوت. وإن كانت الأرقام تؤشّر الى تقدّم نسبي في الصوت السُنّي للائحة “بيروت بتجمعنا” فإن المنطق يقول أنّ أي لائحة من اللائحتين الرئيسيتين لم تحصد أكثرية سُنيّة واضحة. هذا دون حسبان الصوت السُنّي الذي ذهب إلى باقي اللوائح كـ”بيروت مدينتي” وغيرها.

فوق لغة الأرقام والحسابات إنّ لبيروت وأهلها فضلٌ يجب على اللبنانيين تقديره، وهو حفظهم لصورة الوطن وروح الدستور وأنّ بيروت مدينة عريقة للمستقبل.

زياد عيتاني - أساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا