الصحافة

خطة جهنميّة لـ”الحزب” وسيلتها كسب الوقت!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

من الواضح أن “حزب الله” لا يريد أن يُسلّم سلاحه في شمال الليطاني، ويعمد إلى تفسير اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701 وفق مزاجه على نحو يخلق إشكالية وجدلاً، ما يدفع المسؤولين الرسميين في الدولة اللبنانية إلى فتح حوار معه لئلا يؤدي الأمر إلى فوضى وضرب الاستقرار.

لكن “الحزب” يُدرك أن الخيارات أمامه ضيّقة، والضغوط المحلية والدولية تتركّز حول هذا الموضوع بصورة غير مسبوقة، لذلك وضع خطة محددة لمواجهة هذا الواقع الصعب، تقوم على كسب الوقت سواء أكان عبر الحوار مع رئيس الجمهورية جوزاف عون أو باستخدام ذريعة استمرار الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب، علماً أن اسرائيل لم تتوقّف عن استهداف بنيته التحتية العسكرية وقيادييه الميدانيين، من دون أن يردّ.

أما ما يجب التوقّف عنده، فهو عِلم الادارة الأميركية واسرائيل بهذه الخطة، ما يُبرّر التصعيد الكلامي للموفدة الديبلوماسية الأميركية مورغان أورتاغوس وإصرارها على نزع سلاح “الحزب” سريعاً من جهة، والتصعيد الاسرائيلي العسكري من جهة أخرى.

لكن لا بد من الإعتراف بأن خطة “الحزب” ذكيّة، وعلى الرغم من ذلك تبدو مكشوفة للمجتمع الدولي، وتتحدث المعلومات الأميركية عن خطة ترتكز على مرحلتين:

المرحلة الأولى، يعمل “الحزب” على امتصاص غضب أنصاره الذين فقدوا منازلهم وسبل عيشهم، ويحاول تشتيت انتباههم، وهذا ما يُبرّر مواقف أمينه العام نعيم قاسم وخصوصاً ما صرّح به بأنه يحمّل الدولة اللبنانية المسؤولية عما يجب فعله بعد الحرب عسكرياً واقتصادياً وعمرانياً، بحيث رفع عنه مسؤولية الدمار والموت اللذين تسبّب بهما “الحزب” ووضعها على كاهل الدولة التي لم يكن لديها قرار السلم والحرب! للوهلة الأولى صفّق بعض اللبنانيين لموقف “الحزب” وفهم أنها خطوة لرجوعه إلى الدولة والاعتدال، ولكن تبيّن أن هذه الخطوة كانت مناورة لا أكثر ولا أقل، وليست سوى تهرّب لـ”الحزب” من تحمّل مسؤولياته بعدما أدّت “حرب الإسناد” إلى تدمير بعض المناطق اللبنانية.

والمفارقة أنه كلّما عبّر الشيعة عموماً عن غضبهم، أحالهم “الحزب” إلى الدولة، ومن المؤكّد أن لهذه الخطة وجهاً سياسياً أيضاً، وليس اقتصادياً ومعيشياً فقط، وهذا ما يظهر واضحاً من مواقف قاسم، إذ يصوّب سهامه إلى الحكومة بأنها تفشل ديبلوماسياً في إقناع إسرائيل بالانسحاب من التلال اللبنانية الخمس، ويُكرر دائماً أنه وراء الدولة بعدما منحها بضع سنوات “لتحرير” الأراضي اللبنانية، من دون أن يبادر إلى تسليم سلاحه في شمال الليطاني، وهذا كلّه ليقول بعد ذلك إن الدولة فشلت، وبقاء “المقاومة” أمر حتميّ. ويُعوّل “الحزب” على الوقت، منتظراً أن يتراجع الزخم العسكري الاسرائيلي، عبر المساعي الديبلوماسية للدولة اللبنانية، ما سيمنحه مزيداً من الحرية في إعادة بناء نفسه.

المرحلة الثانية، ستتلازم مع إعادة بناء قدراته العسكرية، وهي تتمثّل في المحافظة على كتلة برلمانية قوية. ولا شك في أن حماسة “الحزب” للإنتخابات البلدية الحالية تمهّد لربيع 2026، حين سيُنتخب برلمان جديد. والهدف هو الفوز بجميع مقاعد الشيعة السبعة والعشرين، سواءً لنفسه أو لشريكه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهذا أمر ضروري. فبمجرد أن يصبح جميع النواب الشيعة في قبضة “الحزب”، سيبقى رئيس مجلس النواب – الذي يتمتع بسلطة واسعة – من الموالين له. ولا يقف طموحه عند هذا الحد، إنما يبغي “الحزب” توسيع كتلته البرلمانية لتكون له اليد الطولى في اختيار رئيس الوزراء المقبل.

واللافت أنه كلّما تردّد المسؤولون اللبنانيون في نزع سلاح “الحزب” المنصوص عليه في القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار، زاد قوة مع مرور الوقت. علماً أن الأميركيين يثنون على مواقف الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام في ما يتعلق بسحب سلاح “الحزب”، إلا أنهم ينتظرون أفعالاً لا أقوالاً فقط، لأنهم يريدون لبنان من دون سلاح “الحزب” في الانتخابات النيابية المقبلة، آملين أن تظهر وجوه شيعية جديدة من خارج الثنائي في المجلس النيابي المقبل.

ويبدو أن الضغط الدولي لربط المساعدات باجراءات فعلية لنزع سلاح “الحزب”، لم ينفع في دفع السلطة اللبنانية الجديدة إلى التوصّل لآلية معينة تُنهي مسألة السلاح، وهذا ما يُقلق المجتمع الدولي عموماً والأميركيين خصوصاً.

إن نزع سلاح “الحزب” يشبه سباق الماراتون، وليس سباقاً قصيراً، ولا شك في أن خسارته أمام اسرائيل جعلته متأخراً، ولكن إذا بقيت الدولة تتباطأ في إنهاء مسألة سلاحه، فلن يطول الأمر قبل أن يستعيد “الحزب” قوته فيتفوّق على خصومه، مُستعيداً هيمنته على لبنان.

جورج حايك-لبنان الكبير

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا