انتخابات المغتربين بين المهل والتجاذبات: هل يسقط حقّ الاقتراع بفعل الوقت؟
مع اقتراب الاستحقاق النيابي المقرر في أيار/مايو 2026، تزداد الأسئلة عن مصير مشاركة اللبنانيين في الخارج. فالمغتربون الذين يشكّلون رافعة أساسية لأي استحقاق انتخابي، يقفون أمام معادلة معقدة: المهل القانونية واضحة ومحددة، لكن العقبات السياسية والإدارية تجعل من اقتراعهم أمرا غير محسوم، وربما مهددا بالسقوط بفعل التأخير المتعمّد أو العجز التنفيذي.
وفق الجدول الصادر عن وزارة الداخلية، تنطلق المهل الأساسية اعتبارا من مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2025، موعد بدء تسجيل المغتربين، حتى 20 تشرين الثاني/نوفمبر، وهو الموعد الأخير للتسجيل. يلي ذلك دعوة الهيئات الناخبة في 2 كانون الأول/ديسمبر 2025، وفتح باب الترشيحات في 15 كانون الأول، على أن تُنشر القوائم الانتخابية في 1 شباط/فبراير 2026، وتبقى الاعتراضات مفتوحة حتى 1 آذار/مارس. تغلق أبواب الترشح في 4 آذار، وتُقفل مهلة الانسحاب في 19 منه، موعد إعلان القوائم النهائية. أما آخر مهلة لتسجيل اللوائح الانتخابية فهي 23 آذار 2026.
الاقتراع الخارجي يبدأ في 23 نيسان/أبريل 2026 ويستمر حتى 26 منه، فيما يقترع الموظفون في 30 نيسان، لتختتم الدورة الانتخابية في الداخل يوم 3 أيار/مايو 2026.
هذه المهل، وإن بدت محكمة، تصطدم بمجموعة من التعقيدات التي قد تجعل التزامها أقرب إلى التمنّي منه إلى الواقع.
العقبة الأبرز تكمن في الخلاف على بند المغتربين: هل تُخصص لهم ستة مقاعد كما ينص القانون الحالي، أو يستمرون في الاقتراع لـ128 نائبا كما في انتخابات 2018 و2022؟ أو يلغى انتخابهم من أصله؟
رئيس مجلس النواب نبيه بري يرفض إدراج مشروع قانون معجّل مكرّر يكرّس اقتراعهم لـ128 نائبا في جدول الأعمال، ويفضّل ترك الأمر للجنة فرعية لا تجتمع إلا نادرا، ومن دون نتائج ملموسة. هذا الجمود التشريعي يهدّد بانقضاء المهل والذهاب نحو تطبيق القانون الحالي، أي انتخاب 6 نواب للاغتراب، من دون وجود آليات عملية واضحة لإنجاز ذلك خلال الفترة الزمنية القصيرة.
أما الحكومة التي وعدت بحلول إصلاحية لقانون الانتخاب وربما مشروع قانون جديد، فقد أعادت الأمر إلى مجلس النواب بعد تشكيل لجنة وزارية توصلت إلى نتائج حاسمة باستحالة إقامة انتخابات المغتربين وفق توزيعهم على 6 قارات، ووضعت أسبابا موجبة من التقسيم الطائفي وآلية الترشيح وتوزيع القارات وقانونية الترشيح وشروطه وكيفية مراقبته، تؤدي إلى جواب حاسم واحد هو عدم الإمكان، ولكن رغم ذلك لم تتخذ بنفسها القرار، بل أعادته إلى مجلس النواب بحجة أنه في حاجة إلى تشريع.
ما يزيد الصورة تعقيدا أنّ المهل تفرض خطوات عاجلة من وزارتي الداخلية والخارجية مع بداية تشرين الأول. لكن التأخر في التوافق النيابي يعيد خلط الأوراق. ومن دون قرار واضح في شأن آلية اقتراع المغتربين، قد يجد لبنان نفسه أمام خيارين أحلاهما مرّ: إمّا الذهاب إلى الانتخابات من دون مشاركة فعلية للمغتربين، وإما تأجيل الاستحقاق برمّته بحجة الحاجة إلى تعديل القانون.
وفي هذه الحالة تصبح انتخابات المغتربين أمام ثلاثة سيناريوات محتملة:
- إجراء الانتخابات في موعدها من دون المغتربين، بما يكرّس سقوط حقّ الاقتراع بفعل الأمر الواقع.
- حلّ سياسي موقت، عبر اتفاق برلماني يمدّد المهل أو يقرّ آلية مبسطة لاقتراع المغتربين ولو في شكل محدود.
- ضغط شعبي واغترابي، قد يدفع في اتجاه فتح باب الطعون الدستورية أو فرض تسوية سياسية عاجلة.
في جميع الأحوال، الوقت يداهم المؤسسات، وكل تأخير إضافي يجعل الاستحقاق أكثر هشاشة. وبين من يتمسك بقدسية الموعد الدستوري، ومن يضع تعديل القانون أولوية حتى لو استدعى التأجيل، يبقى مصير الانتخابات رهنا بما ستسفر عنه الأسابيع المقبلة من تفاهمات أو مواجهات.
اسكندر خشاشو - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|