ماذا لو فشلت إسرائيل في اغتيال حسن نصرالله؟
في لحظة دولية دقيقة ومشحونة، تزامنت عملية اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مع تواجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة حيث كان يشارك في مباحثات حاسمة حول مشروع وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل. لكن ماذا لو فشلت هذه العملية وكان مصيرها مماثلاً لمصير اغتيال قادة حركة "حماس" في قطر؟ كيف كان يمكن أن تتغير موازين القوى والأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة؟ جاءت الموافقة على الضربة التي استهدفت نصرالله في وقت بالغ الحساسية، وفي ظل ضغوط دولية كبيرة كانت تقودها الولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة لتفادي تصعيد أوسع في المنطقة. فشل العملية في هذه اللحظة كان سيشكل إحراجاً شديداً لإسرائيل، ويطرح تساؤلات حقيقيّة حول نوايا تل أبيب ومدى جديتها في التهدئة، اضافة الى التخوّف من مستوى ردّ حزب الله على خرق قوانين المواجهة بهذا الحجم.
أمام هذا المشهد، كان نتنياهو يخوض لعبة معقدة بين استعراض القوة العسكرية ومحاولة استغلال الفرصة الدبلوماسية لتحقيق هدنة تخدم مصالح إسرائيل. لذلك، نجاح العملية عزّز من قبضته الأمنية والسياسية، فيما الفشل كان ليضعه في دوّامة من الانتقادات داخلية وخارجية. رغم أن نتنياهو معروف بسياسة "اليد الصلبة" تجاه حزب الله، فإن نجاح أو فشل مثل هذه الضربة كان يعني الكثير بالنسبة لمستقبله السياسي. لانه في حالة فشلت عملية الاغتيال، كان من المتوقع أن يتعرض لانتقادات حادة داخل إسرائيل من معارضيه الذين يعتبرون أن سياسته الأمنية متهورة وغير فعالة، وستقود الى ما لا تحمد عقباه على الساحة الدولية، وكان سيواجه باتهامات الازدواجية، حيث يدافع عن السلام في الأمم المتحدة بينما تخطط حكومته لاغتيال خصومها، ما من شأنه اضعاف موقعه في مفاوضات وقف إطلاق النار، والحدّ من فرص نجاحه في إقناع المجتمع الدولي بدعم خطواته.
ولو لم تنجح عملية الاغتيال، لكانت إسرائيل وجدت نفسها امام معادلة سياسية وأمنية معقدة: فهذا الفشل في وقت حسّاس كان سيعطي حزب الله ورقة ضغط قويّة في المفاوضات، مما يضطرّ إسرائيل إلى القبول باتفاق قد لا يحقق كل أهدافها الأمنيّة. كما انّه سيجعل ثقة الجمهور الإسرائيلي في قيادة نتنياهو تتراجع، وكان من الممكن أن تزيد الضغوط الداخليّة لتخفيف حدّة التصعيد واللجوء إلى حلول سياسية. بدوره، كان عمل الحزب على استثمار هذه الفرصة لتأكيد وجوده العسكري والاحتفاظ بنفوذه داخل لبنان وخارجه.
ولا شك ان تداعيات فشل اغتيال نصرالله كانت لتتجاوز الحدود اللبنانية-الإسرائيلية لتشمل أبعاداً إقليمية ودولية، حيث سيتعزز موقف إيران ونفوذها في المنطقة، وقوتها في تعزيز تماسك محور المقاومة. كما ان سوريا كانت ستجد في صمود حزب الله تعزيزاً لموقعها، لا سيما في ظل استمرار الصراعات داخلها. اما الولايات المتحدة، التي كانت تضغط لتهدئة إقليمية، فكانت ستعيد تقييم دعمها الكامل لخطط إسرائيل، وربما تمارس ضغوطاً دبلوماسية على تل أبيب لتجنب المزيد من المغامرات التي قد تقوض الاستقرار، ولكان الاسرائيليون مجبرون على إعادة النظر في استراتيجياتهم، وربما قبول هدنة بشروط أقل مما يرغبون به. ولو فشلت إسرائيل في اغتيال حسن نصرالله خلال تواجد نتنياهو في الأمم المتحدة، لكان ذلك قد أعاد تشكيل المشهد السياسي والأمني في لبنان والمنطقة. وكان الحزب سيخرج أقوى وأكثر تماسكًا، مما يعزز فرص استمرار حالة التوتر.
يبقى كل ما سبق في اطار الفرضيات فقط، ولكن الواقع يفيد بما لا يقبل الشك ان فشل اغتيال شخصية محوريّة كنصرالله، لم يكن ليمرّ مرور الكرام، ولكانت تداعياته مهمة الى حدّ قد يغيّر كل ما حصل، والاهم انه كان ليضع نتنياهو في موقف المحاصر والضعيف بدلاً من الموقف الذي هو عليه اليوم...
طوني خوري-النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|