الصحافة

صلواتنا للإله الأميركي

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

الأولوية... أن تخرج أميركا من عظامنا قبل أن تخرج من أراضينا، هي الموجودة في كل بلد عربي وفي كل رأس عربي، ومع أننا نؤمن بوحدانية الله  لتثبت الوقائع، وهي أشد وقعاً من النصوص، أننا نرفع صلواتنا وأدعيتنا أيضاً للاله الأميركي، لكي يحمي عروشنا وأنظمتنا التي تعود على الأقل الى القرون الوسطى. وحتى أن يحمي حياتنا (من أميركا). أما الاله الآخر فتنحصر صلاحيته في تأمين الطريق الى العالم الآخر...

قد نفاجأ بعد موتنا (اطال الله بأعماركم) أن أميركا هي التي تقف على باب الجنة، مثلما تقف على باب جهنم. في أوروبا يقولون هذا الكلام، وفي أفريقيا لا وقت لديهم من شدة بؤسهم ليقولوه. آسيا أو أوراسيا، فقط تبعث القلق في الرأس الأميركية، حيث التفاعلات الأمبراطورية العاصفة. هناك بيننا من يرى أن واشنطن، التي تأخذ بنظرية صمويل هانتنغتون حول "صدام الحضارات" واليهومسيحية ضد الكونفواسلامية، تشن حربها بالدولة اليهودية أو بالدول الاسلامية، ضد الاسلام!

كثيرون يسألون أين هي المسيحية في أميركا (وهل بقي شيء من المسيحية أو من الاسلام في العالم؟)  ولمن تقرع أجراس الكنائس، للاله الذي جاء المسيح من روحه ليبشر به، وهو القائل "من ضربك على خدك الأيمن أدر له الأيسر".  ولكن هل تركت الفرصة لهابيل ليفعل بهذا الكلام، أم للاله الذي أنزل وصاياه على موسى في جبل الطور.

وها أن بنيامين نتنياهو ينثر جثثنا في العراء أو تحت الأنقاض، من أجل تنفيذ تلك الوصايا، واقامة "أمبراطورية يهوه" لا على أرض فلسطين فقط، ولا على أرض الشرق الأوسط فقط، وانما في كل أصقاع الدنيا.

هذا زمن اللامعقول، قبل أن يكون الزمن الأميركي أو "الزمن الاسرائيلي". الزمن العربي تجدونه بين القبور أو في القبور. تماماً كما ورد في الكتب المقدسة التي قال الفيلسوف اليهودي باروخ سبينوزا (لقرن السابع عشر، الذي لم يعثر على الله لا في هذه الكتب ولا في رؤوس "الحاخامات" (عندنا الفقهاء)، الذين طاردوه بالسكاكين من هولندا حيث ولد، الى البرتغال التي هاجر منها آباؤه اثر سقوط الأندلس.

كيف لأميركا التي قتلتنا بقاذفاتها وبقنابلها، وبأمولها التي هي أموالنا، التي توضع بالتريليونات تحت قدميها، من أجل بقاء أولياء أمرنا في قصورهم (أم في جحورهم؟)، أن تكون هي من تنقذنا من اسرائيل التي هي صناعنها وصنيعتها. ما يحصل الآن أكثر من أن يكون الكوميديا السوداء. أليس هكذا يتعامل معنا القضاء والقدر؟

لسنا بحاجة الى الديانات، وقد سقطت في لعبة الأزمنة وفي لعبة الأدمغة الصدئة. لتتحول الى طقوس وثنية لا علاقة لها بالروح البشرية، ولا بالضرورة البشرية. ولسنا بحاجة الى الايديولوجيات، وقت صنعت لتفريغ الانسان من الانسان، وكذلك تفريغه من الله. نحن بحاجة الى اسئلة تغوص بالسكين في ذاك التعفن العربي، والوهن العربي، الذي يجعلنا نتساءل ذا كنا فعلا  المخلوقات التي ألقت بها السماء على الأرض، وقد أوهمنا الفقهاء، وجلّهم أنبياء الكراهية والتفرقة، بأننا خلقنا فقط لنعبده (أي شكل من أشكال النرجسية هذه ؟)، ولنقتل أعداءه. في النهاية، وكما قال الفيلسوف الانكليزي توماس هوبز "الجميع ذئاب الجميع"...

مرة أخرى وأخرى، نستعيد قول هنري كيسنجر ان صراع الشرق الأوسط (من ضد من؟) صراع بين نصف الله والنصف الآخر، لا من أجل الوقوف الى جانب الحياة، للتأكيد على أن الانسان محور هذه الحياة لا محور الموت ، بالرغم من ذلك المشهد الأبوكاليبتي، وحيث محاولة الخروج من أميركا للدخول في أميركا. ثمة بين أهل النخبة من وضعوا على الرف، من يسأل؟ بعد ذلك الزلزال الدموي الذي ضرب أهلنا في لبنان وفي غزة، هل نتغير  وتتغير أميركا وتتغير "اسرائيل"، بعدما تناهى الينا قول "الحاخام" الأميركي ديفيد وايز الذي اذ يرى ان "اسرائيل ظاهرة مخالفة لتعاليم الله"، يشير الى أن اليهود والعرب ضحايا أميركا التي تستخدم الجميع من أجل حماية "مصالحها الدنيوية" ، تحت ذلك العنوان الفارغ حماية الشرق الأوسط. ممن...؟ من يدري؟

ولكن ألا يمسك اليهود بالمفاصل السياسية والاقتصادية ، وحتى المالية للأمبراطورية، كما بالمفاصل الايديولوجية للمجتمع الأميركي. الكاتب النيجيري وول سوينكا، الحائز نوبل في الآداب، قال انها "العنكبوت التي تنسخ خيوطها داخل نخاعنا الشوكي"، دون أن ننسى مدى دور الشبكة العنكبوتية (الانترنت) في تغيير مسار حياتنا؟

قلنا اننا في زمن اللامعقول ما دمنا في الزمن الأميركي. دونالد ترامب قال "الشرق الأوسط سيكون عظيماً بعد سنة من الآن". وعد أم وعيد؟ هذا دون أن نعلم لماذا تريدنا القتلى ولا تكتفي بكوننا الدمى. ولكن أليس هذا منطق الأمبراطوريات، بما في ذلك "أمبراطورية يهوه" التي تولد بالدم، وتعيش بالدم، وتموت بالدم؟

لقد كتب لنا ألاّ نرى سوى ما يظهر على السطح. ولا دخل لنا بما يرسم لنا في الطبقات العليا من الكرة الأرضية، وان كنا نعلم أن أميركا هي التي بعثت باسعد الشيباني الى ديارنا بعد طول انتظار. لكن الثابت أن أشياء كثيرة تتغير تحتنا وفوقنا، ليقتصر دورنا على الانتظار. هكذا في الدنيا، وهكذا في الدين، باعتبار "انّا لله وان اليه راجعون".  راجعون من أين...؟!

نبيه البرجي -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا