صلاح حنين... يلتحق بقافلة المرشّحين
إنفرط تكتل «التغييريين» الـ13، لكنّ أصداء مبادرتهم الرئاسيّة والأسماء التي حملتها لا تزال مستمرّة، وإن بدرجات متفاوتة، ليسجّل في الجلسة الرئاسيّة التاسعة إنتقال النائب السابق صلاح حنين من قائمة الأسماء أو المرشحين «همساً»، إلى قلب ساحة النجمة أو السباق الرئاسي، بحصوله على صوتٍ واحدٍ، قد يبقى يتيماً، وقد يصير أغلبية في حال نجح حنين في جمع الأصوات التي تجعل منه مرشّحاً تفاهمياً... إذا انتقلت المعركة من الترشيحات الأساسية، إلى التي من بعدها. وهنا يتساوى الموارنة كلّهم.
وجد صلاح حنين في بيت «الكتلة الوطنيّة» التي استضافته ضمن سلسلة «رئاسيّات» الأسبوع المنصرم محطّة لتوضيح خياراته السياسيّة. وهو الذي يعوّل على إعادة استكمال مبادرة «التغييريين» التي ضمّته إلى «سلّتها» الرئاسيّة، من دون أن يخفي التواصل القائم بطريقة غير مباشرة مع الأحزاب الأخرى.
وضع حنين تصورّه العريض لكيفيّة مقاربة الملفات الشائكة في لبنان، رغم تيقّنه من حيثيات موقع الرئاسة الأولى وصلاحيات الرئيس الذي قد تعود إليه تحديد مواصفات الوزراء (كفاءة، وخبرة ونزاهة...) للأفرقاء الممثلين في الحكومة، من دون الإنغماس في لعبة الحصص تحديداً، وأنّه عندما يترأس مجلس الوزراء، يترأسّ كل مجلس الوزراء.
لا يجد في ترشحّه لرئاسة الجمهورية ما يدفعه إلى المهادنة و»تدوير الزوايا»، ولا المواربة في مقاربة الحالة التي يجسّدها «حزب الله» بوضوح. يرى في «المواجهة» توصيفاً دقيقاً، خلافاً لتعبير «الصدام» الذي قد يتحوّل إلى عنفيّ وهذا ما يرفضه. وينطلق من هذا الحزم أو الوضوح في معركته الأساسيّة، والتي هي «معركة استعادة الدولة»، ومواجهة السياسات السائدة.
يجد أنّ التفاوض البنّاء والحوار كما النقاش مع «حزب الله» يجب أن تتمحور حول أسس الدولة، فقط، واحترام الدستور، وصولاً إلى إقرار جميع الأفرقاء أن «السيادة تكمن في الدولة، ولا سيادة خارج الدولة». ومع تأكيده أنّ قيام الدولة يتطلّب الإلتزام بما ورد في مقدّمة الدستور حول «وحدة الأرض والشعب والمؤسسات»، يشدّد على أنّ الإزدواجيّة بالمؤسسات، أكان لجهة وجود جيشين أم مطارين أم مرفأين... كلٌ منها بإمرة فريق، يؤدي إلى ضرب الدولة وسيادتها، وهذا ما لا يمكن الإستمرار به.
وإذ يدعو جميع القوى السياسيّة إلى الإنخراط في مشروع الدولة، ويرفض الإبقاء على مشروع أقوى من «الدولة»، يوضح أن إسقاط الحكومات في الدول الديمقراطية يؤدي إلى إسقاط مشروعها والذهاب إلى مشروع آخر، في حين يبقى «مشروع حزب الله» قائماً من خارج الحكومة في لبنان ولا يمكن إسقاطه لأنه أصبح يفوق الدولة.
ورغم ذلك، لا يرى في «حزب الله» جيش احتلال، معوّلاً على وجوب أن تتكوّن إرادة مشتركة في مكان ما، وعمل مشترك من أجل التصويب على الموضع بجرأة وشفافيّة، وذلك إستطراداً على تصويبه على أنّ «التفاعل ما بين الداخل والخارج أدّى إلى خروج الجيش السوري من لبنان».
ومع تشديد حنين على أهميّة الإرادة الداخليّة في بناء الأوطان، إعتبر أن المشكلة ليست بالنظام السياسي في لبنان، إنما في الأخلاق والضمير وعدم احترام المبدأ العام في السياسة ألا وهو وضع الخير العام فوق الخير الخاص. ولم يخفِ مآخذه على نظام الطائف «الجيّد» وفق توصيفه، نظراً لتمرّس واضعيه في عمق الفكرة اللبنانية. وصوّب على الإلتباس القائم في عمل السلطة الإجرائيّة، أو الإزدواجيّة في العديد من المواد التي تشير إلى رئيس الجمهورية بالتوافق مع رئيس الحكومة، معرباً عن قناعته في وجوب أن تتمتع السلطة الإجرائية بالقدرة على الحسم، عبر إعطاء رئيس الجمهورية كما رئيس الحكومة بعض الصلاحيات التي تخوّل الحسم في الدستور.
أما في الشقّ الإقتصادي – المالي، فيقارب حنين سبل الخروج من هذه الأزمة إنطلاقاً من مقدّمة الدستور التي تشير إلى أن النظام الإقتصادي الحرّ، يكفل الملكية الخاصة، وتحديداً أموال المودعين في المصارف. ويدعو إلى تحميل المسؤولية للمسؤولين الفعليين، لا إلى أصحاب الودائع حيث ترتكز الحلول المطروحة على حسابهم. لا يستسيغ المسّ في أصول الدولة، تجنباً لوضع اليد على الصندوق المستحدث من المتموّلين والإبقاء على الأزمة، في حين يرى أن الحلّ للمودعين يكون عبر إصدار سندات للمودعين مرتبطة بعائدات صندوق النفط والغاز الذي قد يُدخل نقداً فعلياً. وذلك تمهيداً للانخراط في إعادة هيكلة المصارف على أساس مشروع متكامل يؤدي إلى خروج القطاع المصرفي من أزمته واستعادة الثقة به.
وإلى جانب المواقف الراهنة للمحامي الدكتور صلاح حنين، برز له العديد من المواقف منذ انتخابه نائباً عن دائرة بعبدا - عاليه في العام 2000، تقدّم خلال ولايته النيابية بأكثر من 20 اقتراح قانون، وأكثر من عشرة أسئلة واستجوابات للحكومة. وكان يردّد دائماً أن جوهر السيادة يكمن في الدولة، واصفاً واقع ازدواجية المؤسسات، بأنه نقيض لبناء الدولة. فهو يؤمن بأن الأمن هو في صلب مؤسسات الدولة كما أن الدفاع عن حدود الوطن ووحدة أراضيه في صلب مؤسساتها وواجباتها، حصراً.
بعد عام واحد من توليه النيابة، ساهم في تأسيس لقاء «قرنة شهوان»، الذي ناضل بوجه الهيمنة السورية ووجود الجيش السوري على الأراضي اللبنانية. كما كان من وجوه مصالحة الجبل بين البطريرك الماروني نصر الله صفير ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، الأمر الذي مهّد لولادة «لقاء البريستول» الذي جمع إضافة إلى قرنة شهوان، كتلة «اللقاء الديمقراطي» وممثلين عن «كتلة المستقبل»، لرفع المواجهة مع النظام الأمني السوري. وتسجّل لحنين مجاهرته بتأييد القرار الدولي رقم 1559، كما رفضه التمديد لولاية إميل لحود الرئاسيّة.
وينطلق حنين من قناعة دائمة مفادها أنّ سلام لبنان يتطلّب استخلاص دروس الحرب. فهو يؤمن أنّ مصير كلّ لبناني مرتبط بمصير كامل الشعب اللبناني، وأنّ الخلاص إما أن يكون لكلّ لبنان أو لا يكون. ويرى أنّ البداية تكون بالارتقاء بالمشاكل الموروثة، إلى مستوى الحوار البنّاء الفاعل حيث يسود العقل وتكبح الأهواء والنزوات.
طوني كرم - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|