عقيص: من مصلحة "الثنائي الشيعي" أن يكون جعجع هو رئيس الجمهورية المقبل
رحيل نصرالله وسقوط الأسد يحرر النواب السنّة من التزاماتهم؟
محلياً، بدأت تتوضح معالم ابتعاد النواب السنّة عن حزب الله. يتحضر هؤلاء لعقد لقاء جامع ليعاد تشكيلهم في جبهة سنّية أو تكتل نيابي عريض، يحاول استرجاع الزخم العربي في استحقاق رئاسة الجمهورية. وبينما يتحضر رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية لسحب ترشيحه، في عشاء للكوادر عما قريب، يتمهل حزب الله بشأن المرشح البديل، تاركاً لرئيس المجلس نبيه برّي الإخراج السياسي لذلك. وفي وقت لم يعد الاشتراكي بعيداً عن دعم قائد الجيش جوزف عون، يتقاطع التيار الوطني الحرّ مع آخرين على أكثر من مرشح خارجه. وحده رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع "عكر صفو" جلسة التاسع من الشهر المقبل باعلان نائب القوات جورج عدوان عدم حماسة الحزب لانتخاب الرئيس في هذا الموعد. يتريث جعجع في تسمية المرشح، مراهناً على توافر الظروف والعوامل التي ربما تحمله إلى القصر الرئاسي.
خط الرئاسة
على خط الرئاسة ينشط المعاون السياسي لرئيس المجلس، النائب علي حسن خليل. بعد زيارته بنشعي للقاء فرنجية، التقى أمس النائب فيصل كرامي. يتولى خليل توضيح كواليس الاتصالات التي يجريها برّي رئاسياً. في إحدى زياراته شرح حقيقة ما طرحه مع فرنجية. باعتقاد الثنائي أن فرنجية لا يزال مرشحهم، لكن لا استطاعة للسير بترشيحه ولا وقت للرهان، والبلد لم يعد يحتمل مزيداً من هدر الوقت، وهناك إجراءات يلزمها وجود رئيس في بعبدا. واعداً بأن الاتفاق سيكون على اسم مرشح يرضيه. قدم فرنجية اسم قائد الجيش فطلب منه خليل تسمية ثانية، فطرح اسم النائب فريد الخازن الذي باشر بالفعل اتصالاته لجس النبض.
ومع رئيس "التيّار الوطني الحر" النّائب جبران باسيل، يحاول برّي الاتفاق على قواسم مشتركة. عدم الاتفاق على السفير جورج خوري استبعد ترشيحه على حساب تقدم حظوظ زياد بارود، المطروح من التيار الوطني، ولو حظي بتحفظ الثنائي.
حتى اللحظة لم يبلغ الثنائي موافقته على قائد الجيش. لكنه، وكما قال خليل في أكثر من لقاء "لن نخوض معركة ضده". وهذه وحدها حمّالة أوجه. عين برّي على النواب السنّة من الحلفاء والمعارضين، خصوصاً وأنهم بصدد تنظيم صفوفهم.
استشهاد نصرالله
كأن استشهاد أمين عام حزب الله السابق السيد حسن نصرالله حرر سنّة الحزب من التزامات تتصل باستحقاقات في الداخل اللبناني. وجاءت المتغيرات في سوريا لتظهر رغبة قوية بجمع الأصوات النيابية السنّية تحت عباءة المملكة العربية السعودية. النواب السنّة الذين كانوا أكثر تشرذماً بين نواب المجموعات اللبنانية، باتوا اليوم في مسار يجعلهم أكثر تقارباً مع بعضهم البعض، ولاسيما في استحقاق رئاسة الجمهورية. كلام سليمان فرنجية، الذي يعتزم الانسحاب من السباق الرئاسي، عن قائد الجيش، كمرشح مقبول منه، سهل الأمر على حليفه الشمالي فيصل كرامي، باعتبار عون، أيضاً، مرشحاً مقبولاً منه. وهو بذلك يلتقي مع كثيرين من النواب السنّة الذين يرون في قائد الجيش رئيساً للجمهورية يناسب المرحلة الحالية. بهذا المعنى، لم يعد بين النواب السنّة من يمكن القول عنه بأنه تحت عباءة الثنائي الشيعي، باستئناء عدد قليل، وربما يكون الاستحقاق الرئاسي أول بروفة لإعادة تظهير قوة سياسية سنّية بهذا المعنى.
الوضعية السورية المستجدة
وطالما أن نظام الأسد لم يعد موجوداً على الخريطة، فلن يكون النواب السنّة على حالة متناقضة مع الوضعية السورية المستجدة. قد لا يؤيدون رئيس إدارة العمليات العسكرية الجديدة في سوريا أحمد الشرع، ولكن لن يتصدوا لرد فعل شعب سوريا على ظلم سابق لحق بهم. ويعتبرون أن هناك مظلومية للسنّة تجاه النظام العلوي القديم. ومتى حانت الساعة وأعطيت كلمة السر، فإن غالبية النواب الذين كانوا موزعين على تموضعات نيابية مختلفة، سيعاودون تنظيم صفوفهم وفق الخيار السعودي.
كرامي والثنائي
مهد النائب فيصل كرامي والتكتل الذي ينتمي إليه (التوافق النيابي) لمنحى كهذا. قلب الطاولة "على كل المرحلة الماضية"، ويسعى إلى اختيار مرشح يرسم المشهد "بعيداً عن ترسبات هذا الماضي". لم يعد جزءاً من محور المقاومة ولا تحصيل حاصل عند رئيس مجلس النواب نبيه برّي. ولن يكون وغيره من النواب السنّة مجموعة محسوبة على الثنائي. واقع استنفر الثنائي لملاقاته والوقوف على خاطره.
كان كرامي أول من تحدث عن نية فرنجية الانسحاب من السباق الرئاسي. وهو نفسه كان معنياً من حيث المبدأ بالالتزام بتأييده، لولا أن حصل ذاك التحول المفصلي مع حزب الله، وخرج بشار الأسد صديق فرنجية من المعادلة. فكان لزاماً أن يخرج معه الأخير. صدفة أطلعته على نية فرنجية بالانسحاب. بادره للقول خلال محادثة هاتفية "game over"، ما اعتبرها كرامي مؤشراً ليتحرر هو أيضاً من الالتزام، ويصوب البوصلة باتجاه ما تقتضيه المصلحة بما يتناسب والمستجدات.
مواصفات الرئيس
أدار كرامي "محركاته"، بعدما "صرنا في مكان آخر مختلف. نعمل على الأسماء بشكل جدي وعلى البرنامج الانتخابي للمرشح وما يحتاجه البلد". يرى كرامي أن البلد "أقرب ما يكون إلى فترة 1989-1990 أي مرحلة ما بعد اتفاق الطائف"، بمعنى أن البلد "أمام فرصة حقيقية لبناء الدولة وهناك إمكانية، ورعاية ودعم دوليان".
بالنظر إلى التطورات من سوريا إلى ما حصل مع حزب الله في الجنوب وبيروت والضاحية، والهواجس المسيحية، فهذه كلها "تحديات تستلزم رئيساً على مسافة واحدة من الجميع". لا يلاقي كرامي القائلين بعدم وجود مرشحين: "هناك مرشحون يتمتعون بمواصفات مهمة عند الموارنة يمكن الاختيار بينهم، من أمثال جوزف عون والياس البيسري وزياد بارود والعميد جورج خوري وفريد الخازن، وهو ترشيح مستجد، إلى نعمة إفرام. ولكل منهم مواصفاته التي يمكن البناء عليها".
يرفض كرامي في حديث إلى "المدن" القول إن مستجدات سوريا أو وضعية حزب الله بعد الحرب قد حررته، فيقول "لم يكن ثمة ما يلزمنا بسوريا ولا علاقة لسوريا في لبنان، أما العلاقة مع حزب الله فهي محصورة في المقاومة ضد إسرائيل. تقاطعنا حول ترشيح سليمان فرنجية وهو كان مرشحنا قبل الثنائي إلى أن أبلغني بانسحابه".
كما يرفض استباق الوقت بتسمية المرشح المدعوم من تكتله النيابي: "لست وحيداً وانتمي لتكتل من أربعة نواب، وسنبحث الأمر لنخرج بموقف موحد. نحن والاعتدال، ونتواصل مع آخرين لتنسيق الموقف ونرفض أي محاولة شيعية مارونية لإنضاج تسوية تفرض علينا ولن نسير بها. والرئيس ليس للموارنة فقط، بل نريد رئيساً للجمهورية ورئيساً للحكومة يلتزمان تطبيق الطائف".
بلوك نواب
ويكشف كرامي عن اجتماعات ستعقد قريباً "لتجميع بعضنا كنواب سنّة، كما سننسق مع نواب من طوائف أخرى لتشكيل بلوك نيابي على تقاطع حول مرشح واحد".
لقاءات نيابية بالجملة يعقدها كرامي والنواب السنّة، كما ينسقون مع كتل نيابية أخرى، ليتم تشكيل كتلة نيابية بمثابة بيضة القبان بين جبهتين نيابيتين مختلفتين على مرشح، وقد تستميل إليها كتلة الاشتراكي. وإلى أن ينضج مسعى كهذا، تبقى العين على الخماسية وسفرائها وكلمة السر التي يُنتظر تسليمها إلى برّي عما قريب.
غادة حلاوي - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|