الصحافة

حزب الله بين الليطاني والعاصي: الانسحاب القسري إلى الداخل

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

حزب الله إلى ما بين النهرين: الليطاني، والعاصي. ذلك ما يُرسم بإرادة دولية وإقليمية، مع مسعى لتكريس هذه الحدود الجغرافية في المعادلة السياسية الداخلية. لم يعد بالإمكان النظر إلى كل التطورات الحاصلة على مستوى المنطقة، إلا في سياق إعادة تركيبها وخلط الأوراق فيها وتغيير توازناتها وجغرافياتها. وهو ما عبّر عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل صريح، عندما جدد تمسكّه بمشروع الترانسفير في قطاع غزة، وأسبغ عليه وصف "الصفقة العقارية".

السيطرة والإشراف
كانت الحرب واغتيال أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وما تلاهما، ذات هدف واضح ومحدد: إنهاء حقبة زمنية وسياسية، تفوّقت فيها إيران واتسع معها نفوذ الحزب، الذي أصبح يُطلق على نفسه "قوة ذات تأثير إقليمي". والمُراد اليوم هو إعادة هذه القوة إلى داخل الحدود اللبنانية وإضعافها إلى الحدود القصوى. وهو ما عبّرت عنه الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس.

فلم تكن زيارة أورتاغوس إلى جنوب لبنان بالأمر التفصيلي أو العابر، ولا سيما وصولها إلى بلدة طير حرفا. وما سُرّب عن طلبها إزالة كل الرموز أو الصور التي تهاجم بلادها، يندرج في سياق الرمزية التي تريد أن تعمل بموجبها. كما أن الزيارة تتصل بالإشراف على التلال التي يتمسك الإسرائيليون بالبقاء فيها، حتى ما بعد "الانسحاب" من مختلف المناطق والقرى الجنوبية. فهم يريدون البقاء في بعض النقاط فوق هذه التلال المشرفة والكاشفة، وسط أفكار تشير إلى احتمال نشر مراقبين أميركيين أو دوليين على هذه التلال، بدلاً من بقاء الجيش الإسرائيلي فيها. وذلك في إطار استكمال آلية عمل لجنة المراقبة التي يترأسها الجنرال الأميركي.

وجود حزب الله
الهدف الأكيد دولياً وإقليمياً، هو نزع قوة حزب الله ومخالبه، وإبعاده عن جنوب نهر الليطاني، في مقابل تشديد مسؤولي الحزب، وعلى رأسهم الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، على أن الاتفاق ينحصر تطبيقه فقط في جنوب النهر وليس في شماله. علماً أن نص الاتفاق، والموقف الدولي، العربي، وجزء أساسي من القوى السياسية اللبنانية، يؤكد على أن المعادلة كلها اختلفت، وعلى حزب الله الاقتناع بإلقاء السلاح والاتجاه إلى العمل السياسي فقط. وذلك ما استدعى تصريحاً أميركياً عنيفاً وشديد اللهجة حول عدم مشاركة الحزب في الحكومة، وإضعاف قوته السياسية وتأثيره. وهذا ما سيتحداه الحزب في إعادة إثبات نفسه وحضوره على المستوى السياسي. وهو ما يراهن الحزب على إثباته من خلال الحشد الكبير الذي سيسعى إلى تأمينه في موعد تشييع أمينه العام في بيروت، ليثبت شعبيته، بهدف إعادة تجديد انبعاثه السياسي وقوته في الميزان الداخلي، وربما يُراد للتشييع أن يتحول إلى تظاهرة مشابهة لتظاهرة 8 آذار 2005.

الحدود السورية
لم يعد بالإمكان فصل تطورات الجنوب ومنع حزب الله من إعادة بناء قدراته العسكرية، عن ما يجري على الحدود مع سوريا، لا سيما أن إسرائيل كانت قد أكدت على لسان مسؤوليها أكثر من مرّة، منع حزب الله من إعادة التسلح عبر سوريا. وقد استخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكثر من مرة عبارة قطع "اوكسيجين الحزب" عبر سوريا.

وفي الآونة الأخيرة، استهدفت القوات الإسرائيلية المزيد من شحنات الأسلحة التي كان يعمل الحزب على نقلها من سوريا إلى لبنان، وسط معلومات تفيد بأن الحزب تمّكن بعد سقوط نظام الأسد، وبالتعاون مع مجموعات متعددة في سوريا خارجة عن سيطرة "هيئة تحرير الشام"، من تمرير شحنات أسلحة إلى لبنان، وبعضها لم يتمكن الإسرائيليون من كشفه.

للمفارقة أيضاً، جاءت الاشتباكات التي شهدتها الحدود اللبنانية السورية بين العشائر من جهة وقوات الأمن السورية من جهة أخرى، بالتزامن مع غارات إسرائيلية شنها الإسرائيليون على مناطق بقاعية قريبة من الحدود مع سوريا. فيما العملية التي نفذتها قوات الأمن السورية ضد مجموعات من العشائر، كانت بهدف منع حصول عمليات تهريب أسلحة إلى لبنان، بالإضافة إلى ضرب كل خطوط التهريب الناشطة في تلك المنطقة.

الاشتباكات لا تنفصل عن صراع أساسي يتعلق بالنزاع على الحدود والمناطق هناك، خصوصاً أنه مع بداية الثورة السورية وبعد انخراط حزب الله إلى جانب النظام السوري، دخلت مجموعات لبنانية كثيرة إلى بعض القرى السورية في ريف حمص والقصير، وقد مكث هؤلاء في حاويك أو غيرها من القرى، وما زالوا فيها إلى اليوم. هذه الاشتباكات، تفرض على لبنان وسوريا العمل في سبيل تفادي المزيد من التصعيد، وفق القواعد التي تتحكم بمسار الأمور على المستوى الإقليمي والدولي، مع فتح مسار لترسيم الحدود بين البلدين، ولعودة حزب الله إلى داخل لبنان بالمعنى الملموس، بالإضافة إلى عودته بالمعنى السياسي والعسكري، إلى ما وراء نهر العاصي غرباً.

منير الربيع - المدن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا