الصحافة

“سِلميّة سِلميّة”… بمواجهة الاحتلال

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تزامَن انسحاب القوّات الإسرائيلية، بعد المهلة الثانية الممدّدة لهذا الانسحاب، مع تكريس وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس استمرار احتلال العدوّ لخمس نقاط حدودية استراتيجية “ضمن منطقة عازلة، واستمرار الجيش الإسرائيلي بالتحرّك ضدّ انتهاك الهدنة من جانب الحزب”، فيما تحدّث الجيش الإسرائيلي عن “قاعدة عسكرية مقابل كلّ مستوطنة إسرائيلية”.

استاتيكو عسكري للاحتلال يبدو وكأنّ وقفاً لـ”الأعمال القتالية” لم يحصل، أصلاً، منذ السابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي، مع تكريس السيطرة الإسرائيلية وسط مسار فاضح في انتهاك وقف إطلاق النار. كما يفتح الساحة اللبنانية على كلّ أنواع المواجهات، لا سيّما أنّ البيان الثلاثي من بعبدا اعتبر أنّ “استمرار أيّ وجود إسرائيلي بمنزلة احتلال”، ولفت إلى اعتماد لبنان كلّ الوسائل لانسحاب العدوّ.

قدّم البيان الرئاسي، الصادر أمس، عن الاجتماع الاستثنائي للرؤساء الثلاثة جوزف عون ونوّاف سلام ونبيه برّي “المواجهة القانونية والدبلوماسية” على “المواجهة العسكرية”، بوصفها معركة خاسرة.

كان الرئيس عون عَكَس موقفاً أوضح، عشيّة الانسحاب الإسرائيلي من القرى الحدودية، بقوله: “سيكون الردّ على عدم تحقيق الانسحاب كاملاً من خلال موقف وطني مُوحّد وجامع. خيار الحرب لا يفيد، وسنعمل بالطرق الدبلوماسية، لأنّ لبنان لم يعد يَحتمل حرباً جديدة”، مؤكّداً أنّ “الجيش جاهز لحماية الحدود، وإذا قصّر حاسبونا”.

تغطية برّي… و”الحزب”؟

أهمّية الموقف الرئاسي “تغطيته” من جانب حليف “الحزب” الأوّل، الرئيس برّي، فيما يأخذ مشروعيّته من “مسوّدة” البيان الوزاري الذي أُقرّ الإثنين في مجلس الوزراء، واختبر امتحانه الأوّل أمس قبل نيل الحكومة الثقة في مجلس النواب.

تقول مصادر مطّلعة لـ”أساس”: “بعد بيان بعبدا، ثُبّتت الوجهة الرئاسية باعتماد الدبلوماسية في مواجهة إسرائيل. ويتعيّن رصد موقف “الحزب” من معادلة “الثلاثية الرئاسية” التي أفتت باستبعاد المقاومة العسكرية من جانب أيّ فصيل حزبي، مع العلم أنّ الأمين العامّ لـ”الحزب” الشيخ نعيم قاسم أكّد ضرورة انسحاب العدوّ الإسرائيلي بعد 18 شباط، وعدم البقاء تحت أيّ ذريعة، وإذا بقي فهو محتلّ، والكلّ يعلم كيف يتمّ التعامل مع الاحتلال”، داعياً الدولة إلى أن “تتّخذ موقفاً صلباً”.

جهوزيّة الجيش

في الوقت نفسه، تشير المصادر إلى نقطة أساسيّة وَرَدت في مسوّدة البيان الوزاري لجهة ربط الدفاع عن لبنان بأمرين: “إقرار استراتيجية أمن وطني على المستويات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية، والتزام الحكومة بتمكين القوّات المسلّحة الشرعية من زيادة عديدها وتجهيز نفسها وتدريبها وتحسين أوضاعها لتعزيز قدرتها على التصدّي لأيّ عدوان”.

 

هما واقعان، حتّى الآن، غير متوافرين، على الرغم من تأكيد بيان بعبدا “جهوزيّة الجيش لتسلّم مهامّه على الحدود بما يحفظ السيادة”، ضماناً لتطبيق القرار 1701.

هنا تفرّق المصادر بين “القدرة على الانتشار على الحدود، وبين القرار السياسي الذي يُمكن أن يعطى للقوى العسكرية الرابضة على الحدود، بعد 18 شباط، بإطلاق النار ضدّ العدوّ. هو هامش حسّاس سيسعى من خلاله الرئيس عون، المُدرك الأوّل لقدرات الجيش وإمكاناته، لتجييش كلّ شبكة اتّصالاته وعلاقاته الدولية، بالتنسيق مع الحكومة، لدفع إسرائيل للانسحاب، وسحب الذريعة أوّلاً لأيّ خضّة داخلية قد تتأتّى من إعادة “الحزب” تنشيط عمليّاته العسكرية”.

مخاوف رئاسيّة

يَحدث ذلك في ظلّ مخاوف رئاسية حقيقية من أن يتحوّل “الاحتلال” إلى أمرٍ واقعٍ طويل الأمد يعطي مشروعية لأيّ عمل عسكري من خارج الحاضنة الحكومية، بما يُمكن أن يؤثّر على كامل برنامج عمل العهد المقبل. وذلك ربطاً بملفّين أساسيّين وحسّاسين: “المشروع الأميركي – الإسرائيلي لنزع سلاح “الحزب” كاملاً، وإعادة الإعمار وفق الشروط الأميركية، وأوّلها تحوّل “الحزب” إلى فصيل شبيه بحركة أمل”.

المعركة الدّبلوماسيّة أوّلاً

تفسح هذه المشهديّة المجال أمام خوض الحكومة ورئاسة الجمهورية، “إلى الآخر”، المعركة الدبلوماسية بوجه العدوّ، التي فصّلها البيان الرئاسي الثلاثي من خلال:

– التوجّه إلى مجلس الأمن لمعالجة الخروقات وإلزام إسرائيل بالانسحاب الفوريّ حتى الحدود الدولية.

– اعتبار استمرار الوجود الإسرائيلي في أيّ شبر من الأراضي اللبنانية احتلالاً، مع ما يترتّب على ذلك من نتائج قانونية وفق الشرعية الدولية.

– استكمال العمل والمطالبة، عبر “اللجنة التقنيّة العسكرية للبنان”، و”الآليّة الثلاثية”، اللتين نصّ عليهما إعلان 27 تشرين الثاني، من أجل تطبيق الإعلان كاملاً.

– متابعة التفاوض مع لجنة المراقبة الدولية والصليب الأحمر الدولي من أجل تحرير الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل.

اجتماعات مكثّفة للجنة المراقبة

هكذا، مع إسقاط الحكومة المقاومة من بيانها الوزاري، لغوياً وسياسياً، وتفرّغها لإقناع المجتمع الدولي بانسحاب إسرائيل الكامل، ومقاضاتها دوليّاً، وصدور موقف رسمي أقرب إلى حظر الطائرات الإيرانية من الهبوط مباشرة في لبنان حتى إشعار آخر اقتضى اتّخاذ قرار سياسي حاسم بمنع قطع طريق المطار، تفيد المعلومات بأنّه في المرحلة المقبلة ستتكثّف اجتماعات لجنة مراقبة وقف إطلاق النار بمقرّ قوات “اليونيفيل” في الناقورة بالتزامن مع العودة التدريجية، بدءاً من يوم أمس، لأهالي الجنوب إلى البلدات التي كانت لا تزال محتلّة، وهي: العديسة، كفركلا، الوزّاني، ميس الجبل، حولا، مركبا، مارون الراس، بليدا ويارون.

عمليّاً، عاد الجنوبيون إلى قراهم الحدودية الأمامية بعد موجة التهجير الكبرى في أيلول الماضي، التي بلغت ذروتها القصوى بدءاً من 23 و24 أيلول، ثمّ اغتيال الأمين العامّ لـ”الحزب” السيّد حسن نصرالله في 27 أيلول.

عادوا إلى “مناطقهم العازلة”، بفعل أمر واقع فرضه الإسرائيلي بتحويل قراهم إلى صحراء منزوعة الحياة والسلاح، وقد تحتاج إلى أكثر من عشر سنوات لإعادة إعمارها، لأنّ هذه العملية ستكبَّل بشروط قاسية، أوّلها نزع السلاح جنوباً وبقاعاً وضاحية. هذا مع العلم أنّ رئيس الجمهورية تمسّك بمعادلة أنّ “سلاح المقاومة يأتي ضمن حلول يتّفق عليها اللبنانيون”.

هنا تشير مصادر سياسية إلى “تقاطع كلّ المعطيات عند حدّ التأكيد أنّ الإسرائيلي لن يوقف مسار الاغتيالات لقيادات في “الحزب”، واصطياد أهدافه في ظلّ “الأجواء اللبنانية” المفتوحة بالكامل أمامه و”بنك أهداف” لم يُنجزه بعد، وربّما الدخول مجدّداً إلى المناطق الحدودية لتنفيذ تفجيرات أو تموضعات عسكرية، تماماً كما حصل في بلدة كفرشوبا في يوم الانسحاب حين نفّذت قوّاته توغّلاً في الأحياء السكنية لشبعا، واغتيال أحد قياديّي حماس في صيدا، إضافة إلى الاستثمار في قواعده العسكرية على الحدود بوصفها مراكز ثابتة تعيد تثبيت الحدود مع إسرائيل إلى نقطة الصفر، فيما يربطها البعض بالحبل الذي سيلفّ على العنق اللبناني، عندما يحين أوان إدارة “دبّابة التطبيع” في المنطقة”.

ملاك عقيل-اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا