البيان الوزاري الخطوة ما قبل الأخيرة لنزع "شرعية" سلاح "حزب الله"
٤ ساعات من النقاش انتهت إلى إقرار مجلس الوزراء البيان الوزاري لحكومة العهد الأولى الطامحة إلى نيل ثقة مجلس النواب. وبعد أقل من ٢٤ ساعة على إقرار البيان، حدد رئيس المجلس نبيه بري يومي الثلثاء والأربعاء المقبلين في ٢٥ شباط/فبراير و٢٦ منه لمناقشة البيان، وسط جملة من التساؤلات عما ستكون عليه مقاربة النواب له وللالتزامات التي تعهدت الحكومة بتنفيذها.
فمن خارج البنود التقليدية التي تدرج عادة في البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة، هي المرة الأولى منذ عقدين ونصف عقد ، تتجرأ حكومة على الخروج عن معادلة حكَمت البلاد بقوة السلاح، متغاضية عن ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة"، ومكتفية بتأكيد التزامها الدستور بكل مندرجاته، والقرارات الدولية.
لا إشارة إذا إلى سلاح "حزب الله" في البيان أو حقه في المقاومة، في خطوة تأتي استكمالاً للمسار الذي بدأ مع انتخاب الرئيس جوزف عون وتأليف حكومة نواف سلام، وتجلى في خطاب القسم الذي بادر فيه رئيس الجمهورية إلى رفع سقف خطابه السياسي على نحو لم يعد في إمكان أي حكومة أن تأتي تحته، ولا سيما في موضوع احتكار الدولة السلاح. وثمة من يقول إن هذا كان أحد الأسباب الرئيسية التي أطاحت عودة الرئيس نجيب ميقاتي إلى رئاسة الحكومة.
لقد عكس خلوّ البيان من أي إشارةً إلى المقاومة، معادلة الحكم الجديدة في ظل موازين قوى متغيرة. وأهمّ ما في البيان أنه رفع الغطاء الذي تستر به الحزب على مدى العقدين الماضيين، ليضفي الشرعية على سلاحه ومقاومته لإسرائيل، ولإطلاق سلطته كاملة على الداخل اللبناني. وكانت المعادلة الثلاثية تعطي الحكومات المتعاقبة الذريعة لعدم طرح موضوع السلاح أو تطبيق القرارات الدولية الداعية إلى نزع السلاح غير الشرعي، بحجة أن سلاح الحرب يحظى بالشرعية الداخلية.
يرسي البيان الوزاري بصيغته الراهنة أساساً صلباً وثابتاً يمكن الحكومة أن تستند إليه في أدائها، ليس في مسألة السلاح فحسب، وإنما في تأكيد تطبيق القرار ١٧٠١، "تنفيذاً كاملاً من دون اجتزاء أو انتقاء"، ما يسقط أيضاً سردية رفض الحزب مندرجات القرار والقرارات ذات الصلة ولا سيما القرارين ١٥٥٩ و١٦٠٨، وكذلك في التزام تطبيق اتفاق الطائف دستوراً للبلاد والعمل على استكمال ما تعذر تنفيذه منه.
يدعو البيان إلى "مناقشة سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني على مختلف المستويات الديبلوماسية والاقتصادية والعسكرية"، ودعوة كهذه تسقط الطروحات السابقة الداعية إلى حوار وطني، بحيث تصبح طاولة مجلس الوزراء المكان الصحيح والسليم لإدارة النقاش.
كانت لافتة الدعوة إلى وجود فرصة لـ "بدء حوار جاد مع الشقيقة سوريا يهدف إلى ضمان سيادة البلدين وضبط حدودهما وعدم التدخل في شؤونهما الداخلية، وحل قضية النازحين"، ما يشي بأن الحكومة تستعد لفتح صفحة جديدة مع الرئاسة السورية على قاعدة الأخوة.
في البيان التزام واضح لإجراء الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، على صعيد الانتخابات البلدية والاختيارية والنيابية، فضلاً عن التزام إصلاح القطاع العام وإعادة بنائه، على قاعدة أنه لم يبق منه شيء، وهذا يعني التزام إنجاز التعيينات الإدارية والتشكيلات القضائية على نحو يضمن تطبيق استقلالية القضاء.
خلا البيان من التزام واضح حيال الملف المالي ومسألة الودائع التي تشغل اللبنانيين، على نحو يعكس عجز الحكومة عن تقديم أي تعهد في هذا الشأن قبل أن تبلور خطتها، لكن المؤكد أنه لن يكون هناك إعادة كاملة للودائع، ولعل هذا ما يفسر غياب أي التزام واضح في هذا الشأن، بل الاكتفاء بالتأكيد أن "الودائع ستحظى بالأولوية من حيث الاهتمام، من خلال وضع خطة متكاملة وفق أفضل المعايير الدولية للحفاظ على حقوق المودعين.
يبقى البيان الوزاري مسوّدة حتى ينال ثقة المجلس النيابي، ليتحول إلى برنامج عمل للحكومة، علماً أن تجارب البيانات الوزارية السابقة لا تبشر كثيراً بالخير لأن البيانات تشكل مدخلاً للثقة، لكنها لم تكن يوما خريطة طريق العمل الحكومي!
سابين عويس - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|