"كرات ملتهبة" في وجه وزيرة التربية: التعلّم حقّ ولكن!
في كلمتها أثناء التسلّم والتسليم، أقرّت وزيرة التربية ريما كرامي بأن «التحديات كبيرة، المنظور منها وغير المنظور»، وقالت إنها ستعتمد ما سمّته «النهج التشاركي» الذي تتبعه، عادة، كباحثة إجرائية، أي إنها «ستجري مروحة واسعة من اللقاءات والنقاشات المفتوحة مع القواعد من معلمين ومديرين ومعنيين بالقطاع لتقف عند هواجسهم وتبني، على أساسها، رؤية قابلة للتنفيذ في الوقت المخصّص لعمر الحكومة، بدلاً من أن تسقط خطة جاهزة من فوق».
لكن، أُخذ على كرامي أنها لم تعلن بصورة صريحة وواضحة تبنيها للتعليم الرسمي والجامعة اللبنانية، وإن كانت مصادر قريبة منها قالت إن لدى الوزيرة «نظرة شاملة إلى التعليم ككل، وليس لتلميذ دون آخر»، وهي أشارت في كلمتها إلى «حق كل طفل بالتعلّم الجيد الذي يرعى نموه الفكري والعاطفي والاجتماعي»، وهذا يعني، وفق المصادر، إعطاء المعلمين في التعليمين الرسمي والخاص حقوقهم وتأمين المعيشة اللائقة لهم كأحد أهم شروط تأمين جودة التعليم.
في الواقع، ما ينتظر الوزيرة ليس تحديات فحسب، إنما طريق شائك ووعر فيه ملفات كثيرة هي أشبه بكرات نار ملتهبة، منها الإداري والإجرائي والتربوي. ولعل انتهاج الشفافية وتوفير حرية الوصول إلى المعلومات والإحصاءات التربوية الضرورية للتخطيط يأتيان في طليعة الخطوات المرتقبة من العهد الجديد.
وتتجه الأنظار أيضاً إلى ما ستكون عليه علاقة وزارة التربية بالمنظمات والجهات الدولية المانحة والتي يتوقف عليها مصير المشاريع القائمة وتمويل صناديق المدارس والثانويات الرسمية وتعليم التلامذة السوريين في دوام بعد الظهر، وما يستتبع ذلك من معالجة لأوضاع الأساتذة المستعان بهم.
ومن المشاريع المفصلية المموّلة دولياً والمستمرة من العهد السابق ورشة تطوير المناهج التعليمية التي تحتاج إلى تقييم تربوي غير سياسي، ومعرفة ما إذا كانت صالحة أو غير صالحة للتطبيق، وما إذا كان التطوير نفسه هو أولوية حالياً في ظل فاقد تعليمي متراكم بعدما باتت السنة الدراسية عبارة عن نصف سنة عملياً، ووسط امتحانات رسمية مهترئة، وما إذا كان الجهاز البشري الذي ينخرط في الورشة مؤهلاً فعلاً للعملية، والتأكد من توفير انتقال سلس من المنهج القديم إلى الجديد يترافق مع تدريب مكثّف للمعلمين.
الملف الأكثر التهاباً هو قضية الأقساط العشوائية وغير المنطقية في المدارس الخاصة. هو ملف إجرائي، في الحقيقة، ويحتاج إلى تطبيق القوانين النافذة وتعزيز القضاء التربوي بتشكيل المجالس التحكيمية وتفعيل الرقابة والتدقيق في الموازنات المدرسية ومحاسبة المدارس المخالفة. لا يكلف ذلك الوزيرة كرامي سوى استقدام مكاتب تدقيق محاسبية واستشارة هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل لتفسير المادة 13 من قانون تنظيم الموازنات المدرسية 515/1996 والتي يفترض أنها تعطي صلاحية للوزارة في تحديد الأقساط المدرسية، رفض الوزراء المتعاقبون تطبيقها.
وإذا كانت إعادة إعمار المدارس في القرى الجنوبية قراراً سياسياً، فإن وزارة التربية تواجه تحدي المدارس المتضررة أو المقفلة وتعليم الطلاب حضورياً أو أونلاين، وتسجيلهم في أي مدارس، وكيفية إلحاق المعلمين.
ولما كان العنوان الذي اختارته الحكومة لعملها هو «الإصلاح والإنقاذ» فإن البحث عن أوكار الفساد في وزارة التربية يجب أن يُدرج حتماً في سلم أولويات الوزيرة الحالية، من البحث عن ملايين الدولارات المهدورة في الامتحانات الرسمية، إلى الرقابة على عمل «دكاكين» التعليم ما قبل الجامعي والجامعي وارتباطها الوثيق بموظفين في الوزارة، وملف الطلاب العراقيين وغيره.
إدارياً، يتطلع المعلمون والمديرون في المدارس الرسمية إلى ورشة لترشيق المعاملات الإدارية وسحب صلاحية التوقيع من المديرين العامين كي لا تنام في الأدراج، وتعزيز السلطة اللامركزية، وإصلاح نظام المكننة لاستخراج «داتا» صحيحة، وإعادة فتح المجال للتقديم على الإدارات الشاغرة، بإعطاء فرص للشباب الذين كانوا يائسين من المنظومة السابقة، وإجراء المقابلات في أسرع وقت، وتنظيم الدورات التأهيلية للمديرين، فضلاً عن إقفال المدارس المستأجرة والمتعثّرة المجاورة للمدارس التي هي ملك للدولة.
فاتن الحاج - الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|