هل يُختَتَم "قاموس الإصلاحات" بطباعة عملة جديدة تُدخل الناس في جولة جوع جديدة... لا أكثر؟؟؟
ملموسات مُقلِقَة جداً، تُحيط بكل ما يرتبط بمستقبل لبنان المالي والاقتصادي، وهي محلية وخارجية، على حدّ سواء.
حلقة معقَّدَة
فرغم أن بعض المسؤولين اللبنانيين يفضّلون الأمور "التبسيطية" التي تُطرب آذانهم دائماً، والتي تهمس لهم بأن الاستقلال اللبناني والسيادة اللبنانية الواجبة عن سوريا، تعني أن لبنان لا يتأثّر ولن يتأثّر ولا يجب أن يتأثّر أبداً بما يحصل فيها، إلا أن الواقع يُخالف هذا التبسيط بالكامل.
فعدم الاستقرار السياسي والأمني السوري، ينعكس على لبنان. وانعدام أو تأخير الاستقرار المالي والنقدي والاقتصادي السوري، ينعكس على لبنان أيضاً، ويغذّي عدم الاستقرار العام فيه أيضاً، ضمن حلقة واحدة شديدة الترابط والتعقيد.
العملة...
وأمام ما سبق ذكره، ماذا عن المستقبل الاقتصادي والمالي والمعيشي... للبنان وسوريا، إذا توقّفت الإصلاحات المالية والاقتصادية فيهما عند خطوة تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي في البلدَيْن، أو إذا تمّ استبدال صورة حافظ وبشار الأسد بصورة أحمد الشرع على العملة السورية، أو بطباعة بعض الفئات الجديدة من العملة اللبنانية، أو (طباعة) بعض الرموز الجديدة عليها أيضاً، وذلك من دون أي تغيير جذري في النّهج؟
وماذا لو بقيَت سوريا مُقسَّمَة ليس فقط الى مناطق نفوذ إثنية وطائفية ومذهبية، بل الى مناطق نفوذ على مستوى العملات الأجنبية المتعدّدة، المُستعملة كعملة رسمية في هذا الإقليم السوري أو ذاك؟ وما انعكاسات الفشل العام على الشعبَيْن اللبناني والسوري في النهاية؟
الاستقرار
أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة أن "احتمالات المخاطر المتعددة موجودة طبعاً، ويُخشى من نتائجها المستقبلية إذا لم تُعالَج، خصوصاً أن سوريا لم تستقرّ بعد لا اقتصادياً، ولا أمنياً أو سياسياً. والحكم الحالي فيها موقَّت، بينما لا أحد يعرف ماذا يمكن أن يحصل بعد انتهاء المرحلة الموقّتَة. وأما بالنسبة الى لبنان، فعدم الاستقرار السوري ينعكس عليه سلبياً أيضاً".
وشرح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الميزة الاقتصادية المتبقّية لمنطقة الشرق الأدنى عموماً، لم تَعُد موجودة تقريباً. فبسبب الحروب المتواصِلَة، وقلّة الشفافية، فقدنا المميّزات الاقتصادية التي كانت لدينا في الستينيات والسبعينيات، وتحوّلنا الى شعوب تبحث عن كيفية الاستمرار بالعيش، والى دول تتحرك باقتصادات تعمل ولو بأي نسبة كانت، ومن دون القدرة على النظر الى المدى الأبْعَد".
إهانة لشعوب المنطقة...
وشدد حبيقة على "ضرورة تقوية الاستقرار الداخلي لا الديكتاتورية الداخلية في دول منطقة الشرق الأدنى، أي لبنان وسوريا والأردن وصولاً الى مصر، مع عدم الدمج بين الديكتاتورية والاستقرار. فالأخير يسمح للشعب بأن يكون مرتاحاً في عيشه، بينما شعوب تلك المنطقة لا تملك فرص العمل اللازمة، ولا تتمتّع براحة البال الآن، بل تعيش وسط قلق رهيب".
وأضاف:"وضع لبنان والمنطقة صعب جداً حالياً. والأمثلة على ذلك كثيرة، من بينها أن الجميع فيه (لبنان) مثلاً، وفي سوريا وغيرهما، يتحدثون اليوم عن التعريفات الجمركية التي فرضها (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب، وحتى عن تلك التي طالت فييتنام وكمبوديا وغيرها من البلدان. ولكن هل هذا أهمّ من الإبادة التي يتعرّض لها الإنسان في غزة مثلاً، أو من صعوبة الحياة اليومية للفرد في لبنان وسوريا، وفي غيرهما؟ وهنا نلفت الى الرسالة غير السهلة أبداً للزيارة التي قام بها (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون لمنطقة العريش في مصر، وسط رفض إدخال الطعام والمساعدات لسكان غزة. فمشاهد هجوم الناس للحصول على رغيف خبز هي إهانة لكل شعوب المنطقة".
الإصلاحات
وأكد حبيقة أن "هناك أطرافاً يعتقدون أنهم يصبحون عصريين في نظر دول الخارج إذا لم يهتموا بتفاصيل الجوع، والحاجات الإنسانية، وتوفير الأدوية، وغيرها من الأمور. بينما العكس هو الصحيح، إذ إن الدول الغربية لا تحترمهم في تلك الحالة، خصوصاً أن الغرب يراقب تلك المواضيع ويدقّق بها، فيما تعلو أصوات الرأي العام فيه سريعاً، إذا حصل أي تطور يطال الملفات الإنسانية في أي مكان".
وتابع:"المنطقة كلّها بحاجة الى "نفضة" أساسية في إدارتها وسياستها، بما يؤدي الى اقتصاد سليم، وسياسة سليمة، ومواطن سليم في النهاية. فعلى سبيل المثال، والى جانب البحث بمواضيع إصلاح القطاعات المصرفية، وإعادة هيكلتها، يتوجب التركيز على أساسيات أخرى معها، منها ضرورة أن ينعكس هذا الإصلاح على إعادة الودائع للناس. فلا نفع من أي خطوة بحدّ ذاتها إذا لم ينتفع الشعب منها في النهاية".
وختم:"لا تزال الأمور في أدنى سُلَّم الإصلاحات في لبنان الآن. وفي هذا الإطار، يتوجب على المسؤولين أن يبتعدوا عن الغموض، وأن يوضحوا الصورة للرأي العام من دون تفاصيل كاملة طبعاً، ولكن بما يمهّد للبنانيين أن يعلموا الى أين يتّجهون في المستقبل. كما لا بدّ من بَدْء مسار محاربة الفساد من خلال الزجّ بعدد من الفاسدين في السجون خلال وقت قريب. فكل شيء يبدأ من هنا، وإلا لا مجال للقول إن هناك إصلاحاً جدياً".
أنطون الفتى - أخبار اليوم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|