ماذا قدّم ترامب لرئيس الجمهوريّة؟
كاجابة فورية على السؤال، قدم له السكين التي يذبح بها حزب الله، لا الطريقة التي يخلع بها أنياب بنيامين نتنياهو. هكذا خرج ديكة الشاشات من جحورهم: ساعة نهاية "حزب الله" قد دقت، وساعة بداية قهرمانات الهيكل قد أزفت. ذلك النوع من اللبنانيين الذي يرقصون على طريق الجلجلة، دون أن يدروا من ذاك الذي سيعلق على الخشبة. لبنان حتماً...
أثناء انعقاد مؤتمر يالطا في شباط 1945، لاعادة تشكيل خارطة عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، استغرب الديبلوماسي الأميركي الشهير افريل هاريمان، ومستشار فرنكلين روزفلت، من السخاء الذي أبداه ونستون تشرشل حيال جوزف ستالين، بالحاق دول من أوروبا الشرقية والوسطى، ودول من آسيا الوسطى والقوقاز بروسيا. على استغراب هاريمان، رد الزعيم البريطاني "لعلك تعلم ما يمكن أن يصيب العربة، ان حمّلتها من الأثقال أضعاف ما تستطيع حمله، حتماً لا بد أن تتحطم قبل منتصف الطريق". أليس هذا ما حدث للأمبراطورية السوفياتية، وان بذلك المعطف الايديولوجي الحديدي؟
استنتاجاً، من هنا قول خبراء عالميين ان دونالد ترامب قدم الى بنيامين نتنياهو الذي بدا خلال خطاب "الكنيست" بوجه يوليوس قيصر، مفاتيح جهنم، ليقوده كل من هذه المفاتيح وفي خط مستقيم، الى كل باب من أبواب جهنم. اذ كيف لهذا الوحش بالشبق التوراتي للدم، أن يفهم أو أن يستوعب منطقة قال فيها هيرودوت منذ 2500 عام، انها تقع على خط الزلازل. هنا سقط هولاكو أمام الظاهر بيبرس في معركة عين جالوت، وهنا سقط بونابرات أمام نلسون في معركة أبي قير، وهنا سقط الفوهرر أمام مونتغمري في معركة العلمين.
هذا ما يفترض أن يدركه الرئيس الأميركي، الذي لو كان هناك حكام عرب، وأصغوا الى خطابه بعقلانية وباباء دون أن ترتعد فرائصهم (البعض هلل للخطاب)، وحيث التمجيد للبربرية التي أظهرتها القيادة الاسرائيلية بحق الفلسطينيين واللبنانيين، لطردوه بالمكانس، لا استقباله بالرؤوس المطأطئة، كما لو أنهم وصيفات البلاط. هل تتسع اللغة العربية، بالرغم من ثرائها، لما يليق بلحظة العار، وبوجود السلطان العثماني. حقاً ما دخل هذا الرجل بقضايا العرب وبآلام العرب؟
الآن، كلنا في قبضة الأمبراطور الذي قال للاسرائيليين "سأنضم اليكم في الوعدين (بعد وعد "يهوه" ووعد بلفور... وعد ترامب) الذي لن ينسى، ولن يسمح بتكرار 7 أكتوبر، ليشعرنا بأنه نسي ما حدث في بيرل هاربور في 7 ديسمبر 1941، عندما دمرت الغارات اليابانية الأسطول الأميركي في الباسيفيك".
من تراه لا يعلم أن الحرب على غزة وعلى لبنان، حرب أميركية "... والا كنا قاتلنا بالعصي والحجارة"، كما كتب جدعون ليفي في "هاآرتس"، وبعدما لاحظ كل العالم أنه بعد عامين من آلاف الغارات الجوية على غزة، ومع القاء 200000 طن من المتفجرات (أي ما يفوق حمولة قنبلة هيروشيما بنحو 13 مرة)، ما زال القادة االسياسيون والعسكريون الاسرائيليون يدورون في حلقة مقفلة.
ترامب سبق وقال انه فعل "لاسرائيل" ما لم يفعله آي رئيس أميركي آخر. على الأقل من أجل ساقي ابنته ايفانك، التي طالما قلنا انها تتجول بالكعب العالي في رأس أبيها، بعدما ذهبت في عشقها "لاسرائيل"، أكثرمما ذهب زوجها اليهودي الأرثوذكسي الذي اعتنقت ديانته أيضاً، وهو المهندس الرئيسي لـ "تفاهمات أبراهام". ومتى ساوى ابراهيم بين اسحق، وهو ابن السيدة سارة، واسماعيل ابن الجارية هاجر، التي ألقى بها زوجها وقبيل الولادة في "واد غير ذي زرع"، وترك مصيرها ومصير ابنها بين يدي الله؟
بكل ما قاله وما فعله دونالد ترامب "لاسرائيل"، يفوق التصور، لم يتمكن من أن ينتزع القنبلة الفلسطينية التي في رأس نتنياهو، الذي صرح بعد يومين من توقيع الاتفاق (الذي غابت عنه فيفي عبده)، "اذا لم ينفذ الجزء الثاني بشكل سلمي، فقد سمعت الرئيس ترامب يقول ان أبواب جهنم ستفتح"، باعتبار أنه لا ينتظر مثل هذه اللحظة، ليكمل مهمته الروحية والمستحيلة في القضاء على الفلسطينيين، وربما على العرب. ألم يقل الجنرال رافاييل "ان العربي الجيد هو العربي الميت"؟
ترامب أشاد بالرئيس جوزف عون على خلفية "مهمته بنزع سلاح حزب الله"، أي الحزب الذي اقتلع بدم أبنائه الاحتلال الاسرائيلي من جنوب لبنان، بعد عشرين سنة من القتل والتدمير والتنكيل والاذلال، وعندما كانت الدولة تتواطأ حيناً مع ياسر عرفات، وحيناً مع آرييل شارون، كما لو أرض الجنوب وأهل الجنوب مشاع، لا جزءا من الخارطة اللبنانية.
مهمة رئيس الجمهورية وفق المادة 49 من الدستور هي "المحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه"، وكان يفترض بترامب اذا كان ضنيناً بلبنان، أن يدعم موقف الرئيس عون بدعوة "تل أبيب" الى الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، أو وقف الغارات اليومية التي تدمر وقتل من تشاء، وأنّى تشاء. لتكون في يده الورقة التي يستند اليها لتنفيذ تعهده بحصرية اللسلاح، لا أن يطلب التخلي عن البندقية تحت التهديد بتحويل لبنان الى غزة أخرى.
لا شيء من ذلك حصل، بل تعرية لبنان من أي قوة كما سائر البلدان العربية، اذا تأملنا في "النواة الفلسفية" لـ"خطة السلام الأبدي"، تالياً وضع رأس حزب الله بين يدي نتنياهو. المهين هنا دعوات جهات سياسية واعلامية، وعلى طريقة راقصات الباريزيانا، الى ازالة المقاومة من لبنان. في هذه الحال... لمن يبقى لبنان؟ أعيدوا قراءة وعد "يهوه" لشعبه المختار...
نبيه البرجي - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|