الدرك وامتحانات "البريفيه"
جرى ترتيب تلاوة قرار مجلس تصريف الأعمال إلغاء امتحانات شهادة البريفيه في أخر المقررات. قبله سلسلة تدابير، بعضها مهم وبعضها يقبل الإرجاء، ولازمة تقليدية عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية.
في الجوهر قد يكون إلغاء الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة هو أخطر القرارات. ليست ترقية الضباط هي الحدث، فتلك من بديهيات الأمور، لكن إلغاء الامتحانات هو الإشارة لمسارٍ اخطر، مسار تقرره السلطة الحاكمة سيؤول حكماً إلى ضرب التعليم الرسمي كأحد أسس قيام الدولة الوطنية والمجتمع اللبناني المتناغم خارج الانقسام الطائفي والمناطقي.
كان التعليم الرسمي والشهادات الرسمية مدماكاً أساسياً في بناء لبنان الازدهار والتقدم الثقافي والعلمي. حصل ذلك بدءاً من قيام الجامعة اللبنانية ثم تعميم التعليم التكميلي والثانوي وبناء المدارس الحديثة. كانت تلك أبرز إنجازات العهد الشهابي التي أطلقت تنافساً اجتماعياً في المدينة والارياف من أجل الحصول على مدرسة، يأتيها مدرّسون ومدرّسات يتخصصون في دور للمعلمين وفي كلية التربية من أجل تشكيل جيش المعلمين الذي سيحدث انقلاباً في الوعي العام وفي العلاقات الاجتماعية السائدة.
الآن، ومنذ سنوات يجري ضرب التعليم الرسمي «الوحدوي». أُنهي دور كلية التربية، ودور المعلمين. صار التعليم وظيفة من لا وظيفة له. من الجامعة حتى أدنى مستويات التعليم صار «زلمة» الزعيم مديراً، وبقية الحاشية أساتذة، أما معلمو الأجيال فقد انقرضوا بفعل التقادم والتقاعد والحاجة والملل.
نعم إنّ مجموعة المتحكمين يقضون على التعليم، وليس في ذلك ما يفاجئ. فهم قضوا على الدولة أصلاً. في اقتصادها وماليتها ونظامها الأمني والاجتماعي والدستوري والقانوني... قضوا على القضاء والليرة وأباحوا الفساد العام. ألم يجعلوا حياة اللبنانيين قائمة يومياً على نظام صيرفة؟ الصيرفة في التعليم تعني جعل الشهادة سلعة في سوق الصرف والتعليم الرسمي بات مصرفاً مفلساً لزبائن مفلسين.
إلغاء امتحان البريفيه قد لا يكون مهماً في حد ذاته. في زمن الكورونا ألغت فرنسا امتحاناتها فرحب بالأمر النائب الياس بو صعب، مستعيداً قراراً مماثلاً اتخذه قبل وقت. لكن تبرير الالغاء لم يكن مقنعاً بقدر ما يبشّر بالغاء الامتحانات الأخرى بل وكل الاستحقاقات من كل الأنواع. قال وزير التربية عباس الحلبي إنّ قوى الأمن غير جاهزة لمواكبة الامتحانات ولذلك ألغيت. تبريرٌ أقبح من ذنب ولافتة مرفوعة... في استقبال لو دريان الذي يدري. طوني فرنسيس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|