لا أرض ولا سلام!
أثناء استقباله وفداً من الكونغرس الأميركي من الحزب الديمقراطي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنّه «ليس لدى إسرائيل حليف أفضل من الولايات المتحدة، وليس لدى الولايات المتحدة حليف أفضل من إسرائيل». إنها المعادلة التي لطالما سعت الحكومات الإسرائيليّة المتعاقبة لتكريسها في إطار علاقتها مع واشنطن.
ثمّة معركة لا بد من خوضها في إطار البحث عن مقاربات جديدة لمخاطبة الرأي العام الأميركي والغربي عموماً بما يظهر حقيقة السياسات الإسرائيليّة القائمة على الفصل العنصري والتي هي في عمقها سياسة استعماريّة تسعى بشكل متواصل ومن دون انقطاع لطرد السكان الأصليين وإحلال سكان آخرين من كل دول العالم محلهم، فقط لأنّهم يحملون الهوية اليهوديّة ولو لم تطأ أقدامهم تلك الأراضي مطلقاً.
السؤال الاستراتيجي الذي فرض نفسه في أعقاب حرب الخليج الثانية مطلع التسعينات بعد غزو العراق للكويت عن مدى الأهميّة الاستراتيجيّة لاسرائيل في السياسة الخارجيّة الأميركيّة لا يزال مطروحاً ولو بخفر وخجل نتيجة تحكم مجموعات الضغط الصهيونيّة بشكل كبير في التأثير على الرأي العام وصنّاع القرار في واشنطن.
هل فعلاً الولايات المتحدة بحاجة لإثبات وقوفها الدائم إلى جانب إسرائيل في «حقها المشروع في الدفاع عن النفس»؟ وهل فعلاً يمكنها أن تواصل إلى ما لا نهاية تغطية الجرائم الإسرائيليّة في حق الشعب الفلسطيني؟ وهل أنّ الالتفاف على القضيّة المركزيّة، قضيّة فلسطين، من خلال خطوات التطبيع مع بعض الدول العربيّة يمكن أن يطوي صفحة الصراع حقاً؟ وهل أنّ موافقة واشنطن على إعادة ترسيم الأولويات في مقاربة الصراع التاريخي وفق الأولويات الإسرائيليّة تتيح فعلاً إيجاد الحلول المطلوبة لهذه القضيّة؟
هذه التساؤلات مشروعة تماماً على ضوء الانحياز الأميركي التام لإسرائيل وسعيها المستمر لتبرير سياساتها العدوانيّة ووضعها في إطار الدفاع عن النفس! وهي مشروعة لأنّ الكلام عمّا اصطلح على تسميته «عمليّة السلام» قد تلاشى نهائيّاً مع التخلي الأميركي المقصود عن دور «الوسيط النزيه» منذ مؤتمر مدريد 1991 وبسبب التعنّت الإسرائيلي الذي رفض كل المقترحات السلميّة بما فيها المبادرة العربيّة للسلام التي أقرت في قمّة بيروت في 2002 وهي كانت مبادرة سعوديّة بالأساس أطلقها ولي العهد السعودي يومذاك (الملك) عبدالله بن عبد العزيز.
الأمر بسيط ولا يتطلّب تحليله الكثير من التفكير العميق. إسرائيل لا تريد تطبيق مبدأ «الأرض مقابل السلام». ببساطة، هي تريد أن تبقي الأرض وتحظى بالسلام لأنّ مشروع إسرائيل الكبرى قائم في أساسه على الاستحواذ على الأرض بالترهيب والترغيب والقتل والتدمير وكل ما يلزم بهدف تحقيقه.
إن المفهوم الأيديولوجي للصهيونيّة قائم برمته على فكرة الأرض والسيطرة عليها ومن ثم بناء الدولة. فليس منطقيّاً أن تتخلى إسرائيل عن الأراضي التي احتلتها طوعاً لأنها في ذلك تناقض مشروعها الأساسي المرتكز على الاستعمار والاستيطان. فهل هي صدفة ألا توقف إسرائيل نشاطها الاستيطاني في الضفة الغربيّة والمناطق الأخرى التي احتلتها في العام 1967؟
ليست صدفة بطبيعة الحال أن تمتنع إسرائيل عن تحديد حدودها طوال عقود لأنّ في ذلك ما يناقض مشروعها الأساسي (من البحر إلى النهر). مؤسسها الأول ديفيد بن غوريون كان ينادي بأن تكون حدود الدولة الإسرائيليّة «مرنة» من دون أي تحديد، وأن تترك لظروف اللحظة السياسيّة والتاريخيّة، لا بل ذهب إلى ضرورة أن يتم تحديد الحدود وفق مواجهة عسكريّة!
ربما يعتبر البعض أنّ الحديث عن القضيّة الفلسطينيّة تجاوزه الزمن بسبب المتغيرات الجوهرية التي عاشتها المنطقة، ولكن الأكيد أن هذه القضيّة هي لب الصراع في المنطقة ومن دون حلها، لا استقرار في هذه البقعة من الأرض!
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|