الصحافة

كيف يضمن لبنانيو القرى الـ33 في حوض العاصي حقوقهم العقارية التاريخية المسجلة في سوريا؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

‬لا ينتظر سكان قرى حوض العاصي اللبنانيون في ريف القصير من يؤكد لهم حقوقهم التاريخية في أرضهم وممتلكاتهم. فلا الخرائط ولا الاتفاقات يمكن أن تزعزع إيمانهم. هم يمتلكون وثائقهم العقارية التي يعتزون بها، متشبثين بأرض ورثوها عن أجدادهم منذ العهد العثماني، قبل أن يُكتب تاريخ لبنان وسوريا.

على رغم التوترات الجيوسياسية المتواصلة التي تعصف بالمنطقة، والضغوط الإقليمية التي قد تلقي بظلالها على سير الأحداث، يبقى السكان اللبنانيون الشيعة مصممين على التمسك بحقوقهم في أرضهم وممتلكاتهم.
في تلك القرى الـ33 يحمل الأهالي وثائق عقارية تعود إلى العهد العثماني وما بعده، وتضمن حقهم التاريخي في ملكية الأرض العائدة إلى آل زعيتر وجعفر وحمادة وغيرهم. وقد جرى توثيقها في السجل العقاري في حمص، حيث يعود أقدمها إلى عام 1896، تليها تواريخ بارزة هي 1939 و1953 و1944.

تتجلى الأهمية القانونية لملكية اللبنانيين، ولاسيما منهم عائلة حمادة، في السجلات العقارية الرسمية السورية في "المديرية العامة للمصالح العقارية"، بحيث يمتد بعض هذه السجلات إلى بدايات القرن السادس عشر. هؤلاء الورثة هم أحفاد الشيخ سعدون بن علي حمادة، أول من تولى حكم منطقة القصير وريفها في العهد العثماني، وكذلك الشيخ حسن بن محمد سعيد حمادة.
هذه الوثائق، رغم مضي الزمن عليها، لا تزال تحتفظ بقيمتها القانونية، وهي بمثابة الركيزة التي تعزز موقفهم وتؤكد حقهم في الأراضي التي لطالما زرعوها وعاشوا فيها.
لذا يؤكد هؤلاء أن حقوقهم لا تحتاج إلى ضمانات خارجية، فلا يمكن خرائط قد تتغير بفعل التقلبات السياسية أو الاتفاقات الدولية أن تتجاهل مصالحهم.
تتمثل أهمية هذه الملكية العقارية في كونها تُعتبر من أسمى الحقوق التي يكرسها القانون. ويتطلب الأمر السعي الحثيث إلى حماية هذا الحق ضمن القوانين السارية محلياً ودولياً، لتضمان عدم انتهاكه.
في هذا السياق، تشكل السجلات العقارية الرسمية درعاً قانونية تحمي حقوق الملّاك، وتتيح لهم اللجوء إلى الوساطة أو التحكيم لحل النزاعات التي قد تطرأ.

الملكية العقارية في هذه القرى تواجه تحديات قانونية وإدارية معقدة، أبرزها نقص التوثيق الرسمي والتغييرات التي خلّفتها الحروب والنزاعات العسكرية في العمق السوري، خصوصاً منذ عام 2011 حتى الأسابيع القليلة الماضية. فقد تعرضت هذه الأراضي لعمليات استغلال عسكري، وتغيير في ملكية بعضها، بطريقة تتجاهل حقوق أصحابها الشرعيين.
وفي هذا السياق، يجب أن تبذل السلطات اللبنانية جهوداً كبيرة لتعديل السجلات العقارية والتنسيق مع سوريا، في محاولة لحل هذه القضايا، لكن الوضع يبقى هشاً وسط التوترات السياسية المستمرة.
وعلى رغم هذه التحديات، يشدد أصحاب العقارات على أن تطبيق الشريعة الإسلامية من الدولة السورية الجديدة يجعل الملكية حقاً مقدساً يستوجب حمايته، وفقاً للقيم الإسلامية السامية. فالحفاظ على حقوق الأفراد واحترام ممتلكاتهم يعكس التزاماً للمبادئ الأخلاقية والنظام الاجتماعي الذي يميّز الإسلام.
ومع وجود القوانين التي تحمي الملكية العقارية، يجد الملّاك أنفسهم أمام تحديات هائلة نتيجة للتدخلات السياسية التي تزيد تعقيد الدفاع عن حقوقهم. يصبح تثبيت الملكية كمن يحاول زرع بذور في أرض قاحلة وسط العواصف. لذا، يتطلب الذود عن الملكية يقظة قانونية متأصلة، ووثائق دقيقة تعكس الحقيقة، ووعياً عميقاً بالحقوق والواجبات. من خلال اتباع سبل القانون والتعاون المثمر مع الجهات المعنية، يمكن الملّاك حماية ممتلكاتهم بفاعلية.
بعيداً من ملكية اللبنانيين في الأراضي السورية، في منطقة الهرمل خمس نقاط نزاع بين البلدين على الحدود الشرقية، تمتد من شمالها إلى جنوبها :
- أكروم وأكوم، علماً أن أكوم تعدّ أكبر عقار في الجمهورية السورية تعود ملكيته الى آل حمادة، وهو العقار الرقم 238 .
- هرمل الشربين وبلوزة.
- هرمل وبلوزة.
- الهرمل ووريشة.
- القاع وجوسة العمار.
في ظل غموض الحدود الفاصلة بين الدولتين، وخصوصاً في منطقة مراح الصفا - القنافذ الواقعة تحت سيطرة الإدارة السورية الجديدة، نجد أنها أراض لبنانية مسجلة رسميا في مديرية الشؤون العقارية اللبنانية تحت الرقم العقار 4073،
الموزع على 24229 سهماً مخصصة لورثة آل عبيد، بالإضافة إلى العقار الرقم 4228 الذي يتوزع على 18859 سهماً.
تتطلب الملكية العقارية في المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا تدخلاً قانونياً حاسماً من السلطات في كلا البلدين، بهدف حماية حقوق الملّاك والتصدي للنزاعات الناجمة عن التعقيدات الجغرافية والحدودية. إن التوصل إلى اتفاقات يساهم في تنظيم الحدود وتوثيق الأراضي عبر سجلات عقارية موثوق بها، يُعدّ خطوة جوهرية نحو استعادة الاستقرار وحل النزاعات. ومع وجود تحديات قانونية، تلقي الظروف السياسية والاقتصادية بظلالها على هذه القضية، إذ قد تؤدي التوترات والنزاعات الإقليمية إلى عرقلة جهود استعادة الحقوق، بينما تعوق الأزمات الاقتصادية إمكان تطبيق حلول عقارية مستدامة.
ما هي الابتكارات التقنية التي يمكن أن تؤدي دوراً محورياً في معالجة الإشكالات المتعلقة بالتداخلات العقارية ورسم الحدود بين لبنان وسوريا؟
تستطيع التقنيات الحديثة مثل GIS، البلوك تشين، والطائرات المسيرة (الدرونز) أن توفر حلولاً مبتكرة وفعّالة للتحديات المتعاقبة في هذا المجال. فبتحسين دقة البيانات وتعزيز الشفافية، يمكن التعجيل في إجراءات التسوية وحماية حقوق الملكية في المناطق الحساسة، ما يساهم في ترسيخ استقرار الحدود ويعزز جهود حل النزاعات العقارية بصورة أكثر سلاسة وفاعلية.

لينا اسماعيل - "النهار"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا